الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نفاق سياسي في فيينا

نفاق سياسي في فيينا

02.11.2015
ماهر ابو طير



الدستور
الاحد 1/11/2015
تورط العالم في ما تريده دمشق الرسمية، فالكل يناقش في مؤتمر فيينا، وما بعده، عقدة الاسد، واذا ما كان سيبقى لمدة محددة، ويغادر بعدها، ام سيغادر فورا، ام سيبقى لمدة محددة ويترشح للانتخابات ويعود الينا من الشباك، بعد ان خرج من الباب؟!.
وسط هذا النفاق العالمي، لا تسمع احدا يتحدث عن ذات سوريا، التي باتت بحاجة الى 500 مليار دولار من اجل اعادة اعمارها، وسواء كان الحاكم بشار الاسد، ام احدا من عائلته، او ذات النظام، او نظام جديد تماما، فلا احد يحكي لك عن اعادة تعمير سوريا الخربة والمدمرة تماما، على صعيد بناها التحتية، واقتصادها؟!.
هذا على مستوى اعادة الاعمار الاقتصادي، فيما اعادة الاعمار الوطني، قصة اخرى، فقط تم تدمير سوريا على مستوى البنى التحتية الاجتماعية، وتشظت سوريا الى مكونات متحاربة على اساس ديني او عرقي او طائفي او مذهبي، واذا كان ممكنا جمع عدة مليارات لاعادة الاعمار الاقتصادي، فان اعادة الاعمار الوجداني تبدو مؤجلة ومستحيلة في ظل الكراهية والاحقاد التي تم زرعها بين السوريين.
تصغير القضية السورية، الى مستوى عقدة الاسد فقط، يقفز عن حقائق اخطر، وعلينا ان نلاحظ هنا ان لا احد هنا يتحدث عن نظام كامل جديد، وعلى ما يبدو ان كل الاطراف متوافقة على بقاء ذات النظام، ومختلفة حول رأس النظام، ولا يقول لك احد هنا، ما هو الفرق بين النظام ورأسه، اذ اننا امام نظام كامل نفذ عمليات القتل والقصف باسم الرئيس بشار الاسد، وعلى هذا يتساوى النظام مع الرئيس هنا تماما.
اولئك الذين يتحدثون عن مؤامرة صهيوينة لتدمير سوريا، قد نصدقهم، ولا نغمز من نياتهم، لكننا نسأل عن الذي سمح بتسلل الجرذان الى بيته، ومن الذي لم يستطع استيعاب اللحظة وادارة المشهد بشكل جيد، فتسبب بحسن نية او سوء نية، بإنفاذ المخطط الصهيوني لتدمير سوريا البلد والموارد والدولة، أليس بشار الاسد ونظامه كانا سببا في خرق الجدار السوري، ونفاذ كل المتآمرين الى سوريا، بتلك الادارة الفوقية لبدايات الازمة السورية، وعدم تنازل النظام لاحد بشكل مبكر.
اغلب الظن، ان العالم اليوم، امام سيناريوهين، اولهما موازنة التسويات، ما بين التسوية العسكرية للأزمة السورية او التسوية السياسية، او ادامة الازمة السورية لتطحن ما تبقى من حياة السوريين، بحيث يهلك الجميع، نظاما وشعبا ومعارضة وثروات، تحت وطأة هذا الصراع، الذي ادى في النهاية، الى تدمير ذات سوريا، وليس لفوز اي معسكر داخلها.
لو كان الاسد عاقلا بحق، لتنازل عن السلطة ولغادر الى موسكو ضمن تسوية تضمن بقاء الدولة وهي في اضعف حالاتها، اذ ان كل يوم يمر على السوريين، تزيد فيه خسائرهم السياسية والاقتصادية، بما يخدم اسرائيل التي يقول كثيرون انها اذكت الصراع عبر بدائل عربية ودولية من اجل مصلحتها، واذا كان هذا التفسير صحيح، فليضرب لنا الرئيس مثلا بالمغادرة ضمن تسوية، تؤدي الى وقف خسائر السوريين، ووقف استفراد اسرائيل بسوريا الذبيحة، التي امعنوا فيها قتلا وطعنا وتشريدا.
لكنهم طراز من الرؤساء يرون في انفسهم معادل موضوعي للوطن، هذا على الرغم من ان حكم بشار الاسد في الاصل 9مطعون فيه، حين يأتيك رئيس جمهورية ورث موقعه، من والده رئيس الجمهورية، في سياقات مشوهة، ومطعون في شرعيتها.