الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نجاح "جنيف" رهن بالتفاهم الأميركي - الروسي ولا حلّ في لبنان إلا بحلّ الأزمة السورية

نجاح "جنيف" رهن بالتفاهم الأميركي - الروسي ولا حلّ في لبنان إلا بحلّ الأزمة السورية

21.12.2013
اميل خوري


النهار
الخميس 19/12/2013
بات واضحاً لكثير من المراقبين أن لا حل للازمة اللبنانية ما لم تحل الازمة السورية، ولا حل للأزمة السورية ما لم ينجح مؤتمر جنيف 2. لذلك فالعيون المراقبة تتطلع الى الخارج لأن الداخل عاجز عن عمل شيء لمعالجة الازمة، فلا هو يعرف نوع الدواء الشافي لها واذا عرفه فهو غير متوافر لديه، وإذا توافر فإنه لا يملك دفع ثمنه... وما الخلاف على شكل الحكومة وعلى أرقامها وعلى مضمون بيانها الوزاري إلا مضيعة للوقت، فلا 8 آذار تتراجع قيد أنملة عن مواقفها ولا 14 آذار فتبقى الأزمة أمام حائط مسدود. ف8 آذار يهمها شكل الحكومة أي أن تكون جامعة ووفاقية، وترى في ال9 – 9 – 6 ما يحقق ذلك. في حين أن 14 آذار لا تنظر الى الشكل بل الى المضمون ويهمها انسحاب مقاتلي "حزب الله" من سوريا والموقف من "اعلان بعبدا"، اذ ليس المهم تشكيل الحكومة إنما الاتفاق على برنامج عملها.
والسؤال الذي لا جواب عنه حتى الآن هو: هل ينجح مؤتمر جنيف 2 أم يفشل، وماذا بعد النجاح وماذا بعد الفشل؟
لا شيء يدل حتى الآن على وجود اتفاق على مصير الرئيس بشار الاسد، فالمعارضة السورية تصر على أن ينتهي دوره عند تشكيل حكومة انتقالية تنتقل اليها كل الصلاحيات، والموالون للنظام يفصلون بين تشكيل الحكومة ووجود الرئيس الاسد في السلطة بمعنى ان يبقى له حرية الترشح للانتخابات الرئاسية في الموعد الذي يحدد لها أو يمتنع عن الترشح أي ان يعود له حرية اتخاذ القرار لا أن يفرض عليه. وليس من السهل من جهة أخرى الاتفاق على تشكيل الحكومة الانتقالية وخصوصاً ان المعارضة هي معارضات ومَنْ من أجنحتها سيتمثل فيها، وهل يكون رأيها واحداً حتى في مَنْ يمثل الموالاة؟
لا شك في ان تعاون ايران على انجاح مؤتمر جنيف 2 سواء دعيت إليه أو لم تدع، أمر مهم لأنها تستطيع ان تؤثر على موقف "حزب الله" في لبنان وعلى موقف النظام السوري، وهذه الاوراق الضاغطة التي تملكها ايران لن تفرط بها من دون مقابل بل سوف تستخدمها في تنفيذ الاتفاق على الملف النووي كي تأخذ في مقابل ما تعطي. ولا شك أيضا في ان التفاهم الاميركي – الروسي اذا كان تاماً فله تأثير كبير في مؤتمر جنيف 2 على كل الاطراف، اذ ان في استطاعة هاتين الدولتين أن تخيّر كل الاطراف بين القبول بالحل السلمي للازمة السورية وفق تصورهما فينعكس هذا الحل ايجاباً على الازمة اللبنانية، أو مواجهة الحل الآخر وليس بالضرورة أن يكون عسكرياً انما دوليا بحيث لا يعود "الفيتو" الروسي في مجلس الامن يحمي النظام السوري ولا التصلب الايراني. لكن هذا يطرح سؤالاً لا احد يملك جواباً قاطعاً عنه وهو: هل يتناول التفاهم الاميركي – الروسي كل المواضيع ذات الاهتمام المشترك في منطقة الشرق الاوسط وخارجها، أم انه يقتصر على الازمة السورية؟ فالتحولات التي تدار بالتفاهمات حيناً وبالتجاذبات حيناً آخر ليست واضحة، ولا احد يعرف تفاصيلها من اصدقاء وحلفاء الدولتين الكبريين لمعرفة ما يمكن ان يسفر عنه مؤتمر جنيف 2 فيأتي تصرف بعضهم خاطئا احيانا اعتقاداً منهم ان هذه التفاهمات قد تصب في مصلحتهم. ولا شك في ان ما بعد جنيف هو غير ما قبله ليس في سوريا فقط بل في لبنان والمنطقة، فسحب ايران مقاتليها من سوريا والطلب من مقاتلي "حزب الله" ومن الوحدات الشيعية العراقية الانسحاب منها ايضا شيء، وعدم حصول ذلك شيء آخر.
وبما أن الغموض يلف التطورات في المنطقة، فان مسؤولين عرباً لا يرون أفقا لنهاية النزاع العربي، ويرجح مسؤولون اميركيون معاودة مساعدة "الجيش السوري"، ويبدي مسؤولون فرنسيون بينهم وزير الخارجية لوران فابيوس تشاؤمه وتشككه في جدوى جنيف 2، وهذا معناه أن سوريا ستظل تعاني وكذلك جيرانها.
الى ذلك، يمكن القول إن لبنان سيبقى في وضع "الستاتيكو" أو الانتظار والترقب لما يسفر عن مؤتمرجنيف 2، فاذا سجل أول خطوة على طريق النجاح، فإن العراقيل التي تحول حتى الآن دون تشكيل حكومة جديدة تزول سواء أكانت حكومة جامعة ام حكومة تجمع متجانسين لا متناكفين يسبق تشكيلها موعد الانتخابات الرئاسية بأشهر معدودة. وعندها لا يعود شكل الحكومة هو المهم إينما شكل رئيس الجمهورية العتيد. الذي يصنعه نجاح مؤتمر جنيف 2. أما اذا فشل مؤتمر جنيف أو دخل في دائرة المراوحة بالانتقال من مؤتمر الى آخر، فان تفاقم الازمة السورية سوف يجعل الازمة اللبنانية تتفاقم ايضا الا اذا استيقظ الضمير عند الزعماء فيه واستطاعوا فصل أزمته عن الازمة السورية، ومن دون تحقيق ذلك فان كل طرف في لبنان يظل يراهن على انتصاره في سوريا. وأي رئيس للجمهورية سواء كان قوياً او ضعيفاً لن يستطيع أن يفعل أكثر مما فعله الرئيس ميشال سليمان اذا ظل الوضع في لبنان على ما هو: ان قوى 8 آذار مع الجناح العسكري ل"حزب الله" يبقى لها القرار وقوى 14 آذار لا قدرة لها على التصدي بسوى البيانات.