الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نحن سوريون مضربون عن الطعام وهذه قصتنا

نحن سوريون مضربون عن الطعام وهذه قصتنا

20.11.2013
فراس قصاص


القدس العربي
الثلاثاء 19/11/2013
بداية القصة أن شعبا مكونا من أربعة وعشرين مليونا حلم بالحرية وبحقه في الحياة بكرامة بعد مكوثه في مملكة الرعب والصمت لما يقارب خمسة عقود كان نصيبه مئات الآلاف من الشهداء والجرحى وملايين من النازحين واللاجئين وتدميرا شاملا لكل ما هو إنساني واجتماعي ومادي في حياته أمام صمت عالمي لم تفهمه عيون الأطفال ولا صرخات النساء والأبرياء.
في آذار من عام 2011 حلم السوريون بأن تولد الكلمات من أفواههم دون خوف، بأن يغنوا ويرقصوا ويخرجوا إلى الساحات والشوارع يقولون ويعبرون كما يليق بالإنسان الحر أن يفعل، آمنوا في سرهم وعلنهم بأن الشعوب الحية في العالم لن تسمح للديكتاتور بأن يقتل حتى العشرات منهم وليس مئات الآلاف، فالعالم قد تغير، وعهد المجازر قد خبا وهزم، ولا مكان لهتلر جديد أو لحافظ أسد جديد في زمن الصورة والفضائيات والانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، ألم يصبح العالم كله قرية صغيرة؟ ألم تكتسب الشرعة الدولية لحقوق الإنسان مسحة كونية ؟
أما فصول القصة وتفاصيلها فطويلة ومعقدة، تبدأ بكيف استطاع الديكتاتور السوري تدمير سلمية الثورة وإجبار الناس على حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم، مرورا في اختراق جماعات تكفيرية وتوظيفها لتشويه صورة الثورة السورية واستدعاء الأبعاد الطائفية والاثنية التي حرص على إبقائها متناقضة ومستعرة ولكن محجبة ومقنعة طوال سنين حكمه، وصولا إلى تصديره صورة مزيفة عما يحصل في سورية واتقانه لعبة العلاقات العامة والتأثير في الوعي العام العالمي إلى درجة جعلت الشعب الغربي الذي يتعاطف عادة حتى مع اي كائن حي يعاني، يرفض تدخلا لا بد منه لردع نظام يقتل مئات الأطفال بالأسلحة الكيماوية ومئات الآلاف من الأبرياء في حرب مجنونة لم تزل مشتعلة منذ ما يقارب الثلاثة أعوام . القصة لم تنته بعد، أدوات الحرب التي يجترحها النظام الديكتاتوري في سورية الى تجدد كل يوم، وهي اليوم تتكثف بالحصار والتجويع، ولحظة المجاعة السورية تعيشها الان مناطق المعضمية وحمص ومخيم اليرموك. تحاصر قوى الديكتاتور هذه المناطق وتمنع عنها الدواء والغذاء. الموت يزحف ببطء هذه المــرة، لم يعد بالسكاكين ولا بالمدافع والصواريخ ولا حتى بالأسلحة الكيماوية بل بما هو أكثر نعومة في الشكل وأكثر قسوة في الجوهر بالجوع.
الجوع هذه اللحظة زمن وتقويم في تلك المنطقتين السوريتين، في المعضمية في مخيم اليرموك كما في حمص، الاف من المدنيين السوريين، نصفهم من الأطفال وجلهم من النساء والمتقدمين في السن عداد الجوع لديهم جميعا يهدد حياتهم، يهدد نبض قلوب الاطفال الصغيرة بعد ان اغتال ابتساماتهم وقدرتهم على اللعب والفرح كما يهدد قدرة الجميع على الاستمرار والعيش. لأننا وأهلنا داخل سورية ننتمي إلى روح واحدة، لأنهم أمل الحرية في قلوبنا وعقولنا، لأنهم من يدفع ضريبة إجرام جنوني وقبح خرافي لا يحتمله هذا الوجود، لان الإنسانية كل الإنسانية بقيمها وتجربتها، تتعرض للانتهاك والفتك في سورية، ولأننا لم نفقد بعد الأمل بأن يصحو ضمير العالم، ضمير الأمريكي والانكليزي والفرنسي والألماني، ضمائر كل العالم على هول معاناة المدنيين السوريين أطفالا ونساء وطاعنين في السن، فينتصر لنفسه ولقيمه ولنا، نناشدكم ليس من أجل أن تتدخلوا للضرب على يد القاتل رغم ان ذلك مسؤولية إنسانية وكونية بل حتى يتم إدخال المواد الغذائية إلى حمص والمعضمية فقط. فهل يعز هذا أيضا؟
أرواح أطفال حمص والمعضمية وحياتهــــم رهن لتضـــــامنكم ومواقفــــكم. والإنسانية اليوم كلها أمام المرآة…ونحن نترك لك أيها الإنسان في هذا العالم كتابة النهاية لقصتنا .
ناشط وكاتب مضرب عن الطعام