الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نحو صياغة جديدة لتحالفات المنطقة

نحو صياغة جديدة لتحالفات المنطقة

12.09.2013
صالح القلاب


الرأي الاردنية
الاربعاء 11/9/2013
سواءً تمَّت الضربة العسكرية المرتقبة أم لم تتم فإنه للحؤول دون أنْ تدب الفوضى في هذ المنطقة كلها ودون أنْ تتمدد إيران في الشرق الأوسط فإنه لابد من تناسي التعارضات الثانوية ولابد من التركيز على الخطر الداهم الأكبر وإعادة صياغة المعادلة الإقليمية على أساس هذا الواقع المستجد وعلى أساس أنَّ الذئب يستهدف الشاة «المُطْرفة» في القطيع المتناثر وأيضاً على أساس أنه لابد من تأجيل كل هذه التعارضات الثانوية وتوحيد المواقف لمواجهة التناقضات الرئيسية.
إذا لم تتم الضربة العسكرية المرتقبة، التي يجري الحديث عنها وباتت تشغل العالم بأسره، فإنه يجب عدم إضاعة ولا لحظة واحدة لمواجهة الإندفاعة الإيرانية ليس المحتملة بل المؤكدة في عمق هذه المنطقة ولمواجهة نظام بشار الأسد الذي تحول إلى ذئب جريح قد يلجأ، وهو سيلجأ حتماً، إلى التمادي في إستخدام الأسلحة الكيمياوية ضد الشعب السوري في الداخل وأيضاً وبدوافع ثأرية ضد بعض الدول المجاورة في الخارج وهذا بالإضافة إلى إستمرار حزب الله بتصفية حساباته اللبنانية وإستمرار طائفيي العراق بصياغة معادلة بلاد الرافدين وفقاً لأطماع تمدد دولة الولي الفقيه على حساب الدول المجاورة والمحاددة.
ثم وإذا تمت هذه الضربة وهي ستتم بالتأكيد إن لمْ يثبت أن هناك خطأً في حسابات باراك أوباما وحلفائه في هذه المنطقة الملتهبة وفي العالم فإن المتوقع أنْ تعقبها فوضى وأن يعقبها عنف أهوج وهذا إنْ لم تكن هناك مسارعة لتعبئة الفراغ بحكومة وحدةٍ وطنية إنتقالية ووفقاً لـ»جنيف2» تأخذ سوريا نحو الإستقرار ونحو تثبيت الوحدة الوطنية وتعدُّ لإنتخابات رئاسية وبرلمانية حرة وديموقراطية وبإشراف دوليٍّ حقيقي تضع سوريا على بداية طريق جديد غير الطريق الذي بدأت بالسير عليه في عام 1949 بعد إنقلاب حسني الزعيم الذي فتح أبواب هذا البلد العظيم لسلسلة الإنقلابات العسكرية التي تلاحقت على مدى عشرين عاماً وأكثر.
الآن ورغم كل هذه التحديات التي تواجه الجميع فإنَّ هناك خللاً كبيراً لابد من المسارعة لإصلاحهِ والمفترض ان يكون هناك إصطفافاً جدياً وفعلياً مقابل هذا الإصطفاف الإيراني مع النظام السوري ومع طائفيي هذه المنطقة وفي مقدمتهم حزب الله والمجموعات المذهبية العراقية وهنا فإنَّ المعنيَّ هو مصر وهو تركيا وهو المملكة العربية السعودية ومع هذه الدول الكبرى الثلاث الأردن ودولة الإمارات ومملكة البحرين والكويت ومن يرغب منْ باقي دول مجلس التعاون الخليجي ومن يرغب أيضاً من دول المغرب العربي وبخاصة المملكة المغربية.
لا يجوز وعلى الإطلاق، ما دام أنَّ هذه المنطقة مقبلة على إستحقاقات كثيرة خطيرة، أنْ يبقى كلُّ هذا الخلاف الطارئ بين مصر، التي هي الجدار الإستنادي لهذه المنطقة، وبين تركيا التي ثبت بعد أكثر من ثمانين عاماً أن عمقها هو هذا البعد العربي في إتجاه الجنوب وليس البعد الأوروبي في إتجاه الغرب وأنه عليها أن تدرك أنه من غير الممكن إلاَّ أن يبقى الإيرانيون ينظرون إليها على خلفية طائفية مقيتة وعلى أنهم هم صفويوا هذا العصر وعلى أنها، رغم علمانيتها، دولة الخلافة العثمانية.
إنه على رجب طيب أردوغان أنْ يدرك أن المنطقة العربية رحبت به كفاتح جديد على غرار محمد الفاتح ليس لأنه المرشد الأعلى الفعلي للإخوان المسلمين ولا لأنه من تلامذة يوسف القرضاوي النجباء بل لأنه إستدار بتركيا نحو إتجاهها الصحيح وهو هذا الإتجاه ولأنه أنهى عداءً مفتعلاً إستمر منذ الحرب العالمية الأولى إلى ما قبل سنوات قليلة ولهذا فإن ما أظهره من عداءٍ نزِقٍ ضد الحركة «التصحيحية» الأخيرة في مصر من المفترض أن ينتهي بسرعة وبخاصة أن الإخوان المسلمين المصريين قد إعترفوا بأخطائهم وطلبوا السماح والمغفرة من الشعب المصري وأن المستجدات تشكل تحديات فعلية لكل أهل هذه المنطقة من عرب وأتراك وغيرهم!