الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نحو مبادرة اهلية لوقف تدمير سورية

نحو مبادرة اهلية لوقف تدمير سورية

01.07.2013
د. عصام نعمان

القدس العربي
الاثنين 1/7/2013
أياُ كان الفاعل او الفاعلون، واياً كانت الاسباب والدوافع والظروف، فإن المفعول به معروف، والفعل الشنيع مكشوف ومخيف.
المفعول به هو سورية، الوطن والشعب والدولة، والفعل الشنيع هو الدمار الهائل اللاحق بالبشر والشجر والحجر، بالإنسان والعمران وتراث العصور والاجيال.
استمرار الحرب الضارية يحوّل سورية ارضاً يباباً وموتاً بلا قيامة، فأيُّ امل يرتجيه منها نظامٌ او معارضة؟
عندما تصبح الغاية المتوخاة من الحرب صفراً او تكاد، فأيُّ منطق يجوّز الاقتتال المستدام؟ آن اوان الإمعان في التفكير واطّراح التكفير وتقديم ارادة الحياة على ادارة الموت المجاني.
السوريون، اصحاب الارض والقضية، مدعوون الى ايجاد مخرج من حال الاقتتال والفوضى والضياع بالانتقال، ولو تدريجياً، الى حال الامن والامان والسلم الاهلي، بل هم مطالَبون باتخاذ قرارٍ قاطع بوقف الانتحار والتمسك بالحياة.
العرب، لاسيما عرب الجوار، مدعوون الى فتح عيونهم والعقول على حقيقة مرّة، مفادها ان موت سورية يحتّم موت جيرانها العرب، بعدوى سريعة الانتقال بالحواسِ الخمس. لا يعقل ان يكون الاجانب معنيون بسورية، وطناً وشعباً، اكثر من اهلها والعرب من حولها. فهل يجوز ان يُترك مصيرها الى اجانب مهما كانت علائق بعضهم ببعض العرب وطيدة ومجزية؟
آن الاوان ليرفع المجتمع الاهلي العربي صوته بنداء صارخ: اوقفوا تدمير سورية. النداء موجّه، بالدرجة الاولى، للسوريين انفسهم، ولاسيما للتنظيمات الاهلية لدى كل من طرفي الصراع. اجل، السوريون مدعوون للتفكير في توليد خيار عنوانه الرئيس ‘وقف تدمير سورية’. كيف؟ بوقف القتال كضرورة متأججة، ضاغطة وملحّة لمباشرة حوار عاجل ومفاوضات لاحقة حول الحل السياسي الافضل. شرط الحوار التوقفُ عن الاقتتال وصناعة الموت بغية استئناف الحياة.
وقف الاقتتال والتدمير لا يشكّل بحد ذاته الحل السياسي، بل هو مجرد مدخل الى مفاوضات لاحقة بشأنه. الاتفاق بين طرفيّ الصراع على وقف الاقتتال والتدمير يستوجب وسيطاً او موفقاً بينهما. الموفّق يجب ان يكون، شأنهما، طرفاً اهلياً موثوقاً ومقبولاً من الجميع او، في الاقل، من الاطراف الجدية والجادة في مطلب وقف تدمير سورية. لعل المؤتمر القومي ـ الإسلامي هو طرف مؤهل، بحكم تركيبته وسلوكيته وقدرات اركانه على القيام بمهمة الموفّق، كونه تنظيماً اهلياً غير حزبي هدفه التقريب بين التيارين الرئيسين في الامة، وهما التيار العروبي والتيار الإسلامي. الغاية من تأسيسه كانت، وما زالت، السعي من اجل توليف كتلة تاريخية من قوى التيارين تضطلع بمهمة تحقيق المشروع النهضوي الحضاري العربي بأهدافه الستة: الوحدة (او الاتحاد)، الحرية والاستقلال الوطني، الديمقراطية، العدالة الاجتماعية، التنمية المستقلة والتجدد الحضاري.
يضم التيار العروبي مختلف القوى من شتى المشارب، مسلمين ومسيحيين، ليبراليين ويساريين، مهنيين ونقابيين. ويضم التيار الإسلامي مختلف القوى من شتى المذاهب والمشارب، شوريين ومتشددين، ‘اخوانيين’ ومقاومين، ملتزمين ومستقلين.
تضم لجنة المتابعة، وهي قيادة المؤتمر، جمهرة من اهل التفكير والتدبير من شتى اقطار الوطن العربي الكبير. وتعاون المنسق العام للمؤتمر، منير شفيق، لجنة ادارية من خمسة اعضاء يجري اختيارهم من بين اعضاء لجنة المتابعة بكل تلاوينها.
المؤتمر القومي – الإسلامي مستقل عن الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية، ولا يتعاطى السياسة الحزبية او المحلية في ايٍّ من الاقطار العربية والإسلامية، ويعتمد في تغطية نفقاته على مساهمات اعضائه وتبرعاتهم.
استناداً الى تركيبته العروبية والإسلامية المميزة، وانطلاقاً من بؤس واقع سورية الراهن وملايينها الخمسة المهجّرين داخل البلاد او اللاجئين الى دول الجوار، وتكريماً لتضحيات عشرات الآلاف من شهدائها وجرحاها، يقتضي ان تبادر قيادة المؤتمر القومي الإسلامي الى اطلاق نداء صارخ موّجه الى اهالي سورية عامة والى جميع التنظيمات الاهلية لدى طرفيّ الصراع، من اجل وقف الاقتتال والتدمير، وحقن الدماء، ومعالجة الجرحى والمصابين، ورعاية المهجرين والمنكوبين، وترميم وحدة الشعب والوطن، والضغط على الدول المعنية بالأزمة السورية لتسريع الجهود الناشطة من اجل مباشرة المفاوضات بين طرفي الصراع، وفق الاسس المتفق عليها في مؤتمر ‘جنيف -1 وبالتعاون مع المبعوث الاممي والعربي الأخضر الإبراهيمي.
تُجري لجنة التوفيق الاهلية التي ستشكلها قيادة المؤتمر اتصالات بجميع التنظيمات الاهلية لدى طرفيّ الصراع، وتدعوها الى اجتماع او اكثر يعقد في القاهرة، وتتعاون مع المنظمة العربية لحقوق الإنسان واتحاد المحامين العرب واتحاد الاطباء العرب واتحاد الصحافيين العرب من اجل تسهيل اعمالها الإجرائية، ولا سيما مسألة تأليف هيئة رقابة عامة للإشراف على تنفيذ وقف الاقتتال والتدمير في شتى مناطق سورية ذات الصلة.
تقبل لجنة التوفيق الاهلية تبرعات مالية علنية غير مشروطة لتغطية نفقاتها من اي جهة عربية او اسلامية توافق على مبادرتها الوطنية والإنسانية. تباشر اللجنة اعمالها بمؤتمر صحافي تعقده في القاهرة، ويتضمن البيان الصادر عنه الاسباب الموجبة لمبادرتها الوطنية والإنسانية ونهج عملها. من الطبيعي والمنطقي ان يؤكد بيانها على:
استحالة الحل العسكري للصراع في سورية وعليها وعدم قدرة ايِّ طرف على تحقيقه كاملاً.
استحالة تحقيق توازن على الارض بين طرفي الصراع بمتابعة تزويد الاطراف المتصارعين بأسلحة نوعية فتاكة.
ان استمرار الحرب، والحالة هذه، يعني استمرار النزف والاستنزاف، وبالتالي تدمير سورية وطناً وشعباً ودولة ودوراً .
ان تدمير سورية لا يُبقي منها شيئاً لأيٍّ من طرفيّ الصراع كي ‘يتمتع به بعد ان يحطّ غبار الحرب العبثية.
ان مبادرة اطراف الصراع، موالين ومعارضين، الى وقف الاقتتال والتدمير تمثّل بحد ذاتها ضغطاً شعبياً، سوريا وعربياً واسلامياً، على القوى الإقليمية والدولية التي توقد نار الحرب لأسباب ودوافع تتعلق بمصالحها ومخططاتها المتعارضة مع حقوق السوريين والعرب ومصالحهم وطموحاتهم المشروعة.
ان انطلاق مبادرة التوفيق الاهلية تعبّر عن يقظة المجتمع الاهلي العربي ووعيه بواقعه المزري وبالتحديات الخطيرة التي تحيق بالعرب، جميع العرب، وجوداً وثقافةً وحقوقاً ومصالح ومصيراً، كما تعبّر عن حاجةٍ عميقة للفعل والمواجهة.
هل يفعل العرب؟