الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نزع السلاح الكيماوي غير ممكن من دون تعاون دمشق

نزع السلاح الكيماوي غير ممكن من دون تعاون دمشق

23.09.2013
لوك ماتيو


المستقبل
الاحد 23 /9/2013
أعلنت دمشق بأنها تريد تطبيق الخطة الروسية-الأميركية، القاضية بنزع ترسانة سلاحها الكيماوي؛ وهي خطة تبلورت في الأسبوع المنصرم. انه وعد قائم على معادلة تكتنفها نقاط غموض عديدة.
كيف يمكن التأكد من صفاء نية دمشق؟ هناك سابقة ما زالت في الذاكرة: هي سابقة عراق صدام حسين. لسنوات عديدة، لعبت بغداد لعبة القطة والفأر مع مفتشي الأمم المتحدة. ولا توجد إشارة تقول بأن القصة لن تتكرر في دمشق. "كل شيء مرهون بصفاء نية دمشق"، يقول كاميل غران، مدير مؤسسة الدراسات الإستراتيجية. ويتابع: "لن يكون هناك هوامش تعين على التفلّت أو التلاعب. فإما ان دمشق تشارك في اللعبة، أو أنها تحاول تخبئة أشياء، وفي هذه الحالة سوف تتعرض للعقوبات".
بموجب الإتفاق الذي تم في جنيف، فأمام دمشق أسبوع واحد لتسليم لائحة بأسلحتها ومواقعها الكيميائية. وهذه اللائحة سوف تدرسها بدقة أجهزة المخابرات. في باريس، تؤكد السلطات بأنها تملك لائحة مفصلة عن مخازن السلاح الكيماوي والمواقع المختلفة التي يجمّع فيها هذا السلاح. منذ أشهر عديدة والغربيون يراقبون عن قرب ترسانة الرعب هذه، كما يفعل الإسرائيليون. تبادل المعلومات بين الحلفاء يسير حثيثاً؛ ولكن باريس تؤكد بأنها مستقلة في مصدر معلوماتها، وذلك بفضل قدرات أقمارها الصناعية وقدراتها البشرية. فرنسا تعتمد على الشبكات التي أقامتها في لبنان، وكذلك في سوريا. إلا ان جنرالاً سورياً منشقاً أكد لوكالة رويترز بأن النظام نقل منذ أشهر جزءاً من هذا السلاح الكيمياوي إلى المناطق العلوية القريبة من اللاذقية. خبراء آخرون يتخوفون من نقل بعض هذا السلاح إلى لبنان باشراف "حزب الله".
كيف يمكن تفكيك هذا السلاح في بلد يعرف الحرب؟ انها حالة غير مسبوقة، وهي تقف خلف العقبات الهائلة التي تحول دون تطبيق الخطة الروسية-الاميركية بحذافيرها. ففي بيئة متدهورة الى هذا الحدّ، من هي البلدان التي سوف تقبل بإرسال مفتشين الى الوكالة الدولية المخولة بهذه المهمة؟ بعض الدول لن يتردّد بمطالبة الأمم المتحدة ان تتم مهمة مفتشيها تحت البند السابع، الذي يسمح باستخدام العنف، قبل قبولها بالمشاركة في المهمة. خصوصاً ان الخطر في سوريا يأتي من أينما كان: من قوات النظام، كما من المتمردين. وهؤلاء على العموم يدينون الخطة الروسية الاميركية ويعتبرونها تراجعاً للغرب.
هناك تحدٍ آخر: كيف يمكن، بعد ذلك، تأمين حماية المواقع التي يحددها المفتشون؟ يجيب كاميل غران: "ليس من الضروري الإبقاء على مفتشين دوليين على الأرض، في سوريا. يمكن الإستفادة من تجربة العراق وإقامة نظام مراقبة من بعيد عبر الفيديو". وهذه تجهيزات تفترض طبعاً بأنها لن تتعرض للهجمات....
ما العمل بالسلاح الكيماوي هذا؟ اتفاقية جنيف وضعت تاريخاً محدّداً لتدمير هذا السلاح، وهو نهاية الفصل الأول من العام 2014. ولكن، حسب العديد من الخبراء، فان تحديد أمكنة المواقع الكيميائية يتطلب لوحده بضعة اسابيع. أما تحييده، فيتطلب سنوات... ففي العراق، وعلى الرغم من العقبات العديدة التي وضعها النظام البعثي، فان العملية سارت كما يجب. بعد سقوط صدام حسين، لم يجد الأميركيون شيئاً من هذا السلاح. بالمقابل، فانه على الرغم من مرور عشر سنوات على الإتفاقية التي وقعها القذافي مع لندن وواشنطن، فان الترسانة الكيماوية الليبية لم تفكَّك بأكملها.
لتجنّب نقل السلاح الكيماوي داخل بلاد تشهد حرباً، فان الأسرة الدولية تستطيع أن تدمره في مكان وجوده. غاز السارين، الذي استخدم في الواحد وعشرين من آب الماضي، لا يمكن تدميره إلا بالتفجير. هذا يتطلب بناء تجهيزات محمية ومكلفة؛ شبيهة بالتحصينات لمدعّمة بالإسمنت. يان انطوني، الخبير السويدي، ينصح بالإستعانة بالمهارة الروسية تسهيلاً للمهمة. فموسكو ألغت ستين بالمئة من مخزونها الكيماوي، ولها تجربة في هذا المجال. هذه النصيحة تبدو ذكية، فروسيا تحظى بثقة بشار. ولكن على شرط، ان تلعب بنظافة، تماماً كما هو مطلوب من حليفها السوري.
 
[لوك ماتيو ـ صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية (17 أيلول 2013)