الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نزيف حزب الله الدائم

نزيف حزب الله الدائم

07.08.2014
داود البصري



الشرق القطرية
الاربعاء 6/8/2014
مع تصاعد واشتداد سخونة التشابكات العسكرية والدموية والمواجهات العنيفة في الشرق القديم، يجد حزب الله اللبناني نفسه وقد تورط كثيرا في معارك الدفاع عن الآخرين، وليتحول منهجيا وميدانيا من حركة مقاومة وطنية موجهة ومخصصة ضد الاحتلال الإسرائيلي لبعض الأراضي اللبنانية والذي على ضوء ذلك كسب الحزب احترام الشعوب، إلى بندقية للإيجار ولطلقات رصاص موجهة ضد صدور الشعوب المنتفضة على ظلم وجور حكامها وعلى تعسف أجهزة أمن ومخابرات تلكم الدول والأنظمة ضد الإنسان، لقد كان واضحا منذ اللحظات الأولى لنشوء وارتقاء وصعود أسهم ذلك الحزب بأن ارتباطاته الفكرية والمرجعية والأيديولوجية هي وحدها من يحدد شكل وطبيعة عمله ومهامه المستقبلية، كما أن الشعارات وحدها لا تطعم خبزا، ولا تقدم الوجه الكامل للحقيقة، فالأمور في النهاية مرهونة بخواتيمها، كما كانت المواجهات العسكرية العنيفة بين الحزب وإسرائيل أعوام 2006 و2008 وما حصل بسببها من خسائر ودمار وتخريب إسرائيلي تام وهمجي للبنية التحتية اللبنانية، ومن ثَمَّ الجهود الدولية لاحتواء الموقف قد أدى في النهاية لتقليل فاعلية الحزب العسكرية على مستوى إدارة الصراع ضد إسرائيل بعد أن انتفت الأسباب اللبنانية لذلك!، فظل الحزب طاقة عسكرية معطلة صرفت بعض أوجه نشاطاتها من خلال الساحة العراقية وسعي الإيرانيين لبناء منظومة ميليشيا عسكرية عراقية طائفية تكون مشابهة ومقاربة لمنظومة حزب الله اللبنانية! فساهم الحزب تبعا لذلك في تدريب ومساعدة الميليشيات الطائفية العراقية وبقيادة القيادي الراحل عماد مغنية الذي كان يشرف أعوام 2004 و2005 على تدريب ميليشيا (جيش المهدي) والذي انبثقت أو انشقت عنه لاحقا ميليشيات العصائب وكتائب حزب الله وجيش المختار ولواء أبي الفضل وأسد الله... وغيرها من الفرق والجماعات والميليشيات التي باتت موضة الموسم الدموي العراقي.
ومع انفجار الثورة الشعبية السورية عام 2011 راقب الحزب الصراع الداخلي السوري ثم مع عسكرة الثورة وخروجها عن سياقها السلمي بسبب ضغوط وأساليب النظام السوري العدوانية كان لحزب الله موقفه الحاسم النابع أصلا من مواقف ورغبات وأجندة الحليف الإيراني الإستراتيجي بالتدخل العسكري المباشر وتوجيه رصاص الصمود والتصدي والممانعة لصدور السوريين الأحرار بعد انسداد بوابات الجنوب اللبناني صوب الجيش الإسرائيلي الذي استطاع تأمين حصونه الشمالية تماما بعد انكفاء وتراجع حزب الله، فكان التدخل في الصراع السوري وقد اتسم بفظاظة وعدوانية في مساندة فرق الشبيحة وعصابات الموت المخابراتية السورية وكان إعلان حسن نصر الله عن استعداده لإرسال كل قواته دفاعا عن النظام السوري بمثابة الإعلان المباشر للحرب على الثورة السورية، وبما أدى لأن يتسلم الحزب وجبات يومية من توابيت قتلاه من الشباب اللبناني هناك وما أدى ذلك من تضعضع وانهيار تام لسمعة ذلك الحزب بين الجماهير الحرة في العالم في أن يتحول لرديف للمخابرات السورية.
ولم يقف الحزب عند هذا الحد بل توسع إقليميا وتورط في استنزاف دموي مرهق آخر في العراق الذي يغلي طائفيا وهو يتسلم أيضا وجبات جديدة من جثث مقاتليه وكان أبرزهم القيادي الميداني (إبراهيم الحاج) الذي قتل في المعارك الدائرة حول الموصل!! وستكر السبحة طبعا وستتواصل خسائر الحزب ضمن إطار حالة الاستنزاف الدائم وبما يؤدي في خاتمة المطاف للنهاية التامة لذلك الحزب والذي هو اليوم بصدد التحول لدمعة في التاريخ!.
مؤسف للغاية ما يحدث من حملات دماء وانتقام ومن تورط فظ في دعم أنظمة الجور والدمار، ولكن الإيرانيين يعرفون تماما كيف يحققون أهدافهم ويحصدون نتائج استثماراتهم الطويلة رغم أن الشعوب الحرة قد كتبت بدمائها نهاية حزينة لأحزاب تحولت لبندقية للإيجار!.. حالة النزف الدائم لحزب الله في معارك الشرق القديم ستؤدي في النهاية لنتائج معلومة وهي الخروج من بوابات التاريخ.. فهل يفعلها الحزب ويتمرد على أوامر صانعيه؟ أم أن معركة المصير الواحد ستحيله في النهاية لمستودع التاريخ؟.