الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نصر الله إذ يحتفل بانتخابات بشار وفوزه!!

نصر الله إذ يحتفل بانتخابات بشار وفوزه!!

10.06.2014
ياسر الزعاترة



الدستور
الاثنين 9/6/2014
ما كان لنا أن نعلق على كل خطاب يلقيه الأمين العام لحزب الله لولا الأهمية التي سبق أن حازها الرجل في ضمير كثيرين قبل أن يتورط في مستنقع سوريا، مع أن إشكالياته السياسية سبقت ذلك، أكان بموقفه من العراق، أم باجتياحه لبيروت أيار 2008.
وكما قلنا مرارا، فإن السياسي حين يذهب في اتجاه تبرير ما يستحيل تبريره، فإنه يضطر إلى قول كلام لا يقنع أحدا، بمن في ذلك مريدوه أنفسهم، فضلا عن أن يقنع الآخرين الذين يصطفون في المربع الآخر، أو حتى المربع المحايد، وهذا ما حدث ويحدث في معالجات نصرالله للملف السوري.
والحق أن إيراد كلام نصرالله الأخير يوم الجمعة عن سوريا والانتخابات يكفي، من دون الحاجة إلى التعليق، لأن بوسع أي مبتدئ في عالم السياسة أو ذي ضمير حي أن يرد عليه، لكننا لا بأس بالمرور عليه، مع شيء من التعليق.
 في الخطاب رأى نصرالله أن أهم حدث حصل في الآونة الأخيرة هو الانتخابات الرئاسية في سوريا (في عرف من كان أهم حدث؟ هل كان كذلك في عرف أحد غير حلفاء إيران، فيما قابلها العالم بكثير من السخرية؟!).
ورأى نصرالله أن “الإقبال الشعبي إنجاز وانتصار لسوريا وشعبها”، وأكد أن “الملايين شاركوا في الانتخابات، وهذا أمر لا يمكن لأحد أن ينكره”. هل يستحق مثل هذا الكلام التعليق، فأي انتخابات تلك التي يجري فيها ترشيح رجلين منافسين بأمر الأجهزة الأمنية، لا يكفان عن مديح منافسهما؟ وأي انتخابات تلك التي تجري في بلد مدمر نصف شعبه مهجر، وأين هو الإقبال الذي يتحدث عنه، وهل كان بوسع من يخضعون لسطوة النظام ألا يصوتوا؟!
هل يقتنع نصر الله أن السنّة في سوريا يريدون بشار وسط هذا الحشد الطائفي الذي يجتاح المنطقة؟ وهل سيشذون عن كل خلق الله فيها؟ ولماذا لا يقاتل معه إلا الشيعة، إذا كانت الحرب بين مقاومة وممانعة، وبين صهاينة وأمريكان؟!
ومن المثير في كلام نصرالله قوله إن “الملايين قالت إن المعركة ليست بين النظام والشعب، لو كانت كذلك لوجدنا فقط بضعة آلاف تتوجه إلى صناديق الانتخاب، وعند توجه الملايين فهذا يعني أن القيادة تتمتع بحاضنة شعبية كبيرة جدا”. عن أية حاضنة شعبية يتحدث. أليست هي الحاضنة الشعبية العلوية، ومعها بعض الأقليات، أي أقل من ربع السكان، وإذا كانت لديه كل هذه الحاضنة الشعبية، فلماذا تحميه المليشيات الشيعية القادمة من الخارج بإدارة الحرس الثوري؟!
وقال نصرالله إنه ليس صحيحا “أن الحل (السياسي) يستند إلى استقالة الرئيس الأسد”. وقال: “هذا الأمر لم يعد واردا بعدما أعاد الشعب انتخاب الرئيس بشار الأسد، والانتخابات تقول لكل المعارضة والدول الإقليمية والعالمية إن الحل السياسي في سوريا يبدأ وينتهي مع الأسد”.
هل ثمة حاجة إلى القول إن الشعب لا يريد بشار، وهو انتفض ضده وقدم مئات الآلاف من الشهداء والمعتقلين من أجل التخلص منه، ولولا دعم إيران وحلفائها لسقط سقوطا مروعا دون شك؟!
أما الأكثر إثارة فقول نصر الله إن “الحل السياسي يقوم على مقدمتين أساسيتين: الأولى الأخذ بنتائج الانتخابات، وثانيا، وقف دعم الجماعات التكفيرية بما يساعد على وقف القتال والحرب، ولا يكفي أن تقوم بعض الدول العربية أو الإقليمية بوضع هذه الجماعات على لائحة الإرهاب، لأن هناك دولا في المنطقة وضعت أو قد تضع هذه الجماعات على لائحة الإرهاب، لكنها ما زالت تقدم الدعم لها” (من يقاتلون إلى جانب بشار مجاهدون شرفاء لهم أعلى درجات الجنة!!!).
هذا مستوى من الغطرسة لا يغير في حقيقة الشعور بالاستنزاف من قبل إيران وحلفائها، الأمر الذي لا يخفيه الكلام المتغطرس، فضلا عن النزيف السياسي بالشرخ الذي وقع بين الحلف وبين غالبية الأمة.
الانتخابات المهزلة في سوريا التي يحتفل بها نصر الله لم تغير شيئا في معادلة الصراع فالاستنزاف سيبقى والمعركة ستطول، ولن يعود الوضع إلى ما كان عليه بأي حال، ولن تعلن الأقلية الحرب على الأغلبية ثم تربحها، رغم أن الجميع خاسر دون شك، ولا يربح سوى أعداء الأمة.
بقيت الإشارة إلى أن حكاية المؤامرة الصهيونية الأمريكية قد غابت إلى حد ما عن كلام نصر الله، وهاهو غزل جون كيري مع الحزب، واعترافه بدور له في سوريا يشير إلى ذلك!!