الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نصر الله" عالم من المتناقضات

نصر الله" عالم من المتناقضات

14.04.2015
حسن بن ثالث



البيان
الاثنين 13-4-2015  
كان يوم اثنين عندما اقتحم أمين عام ما يسمى "حزب الله" شاشة التلفزيون الرسمي اللبناني في واقعة غريبة لم تحدث مسبقاً، فهي المرة الأولى التي يقوم فيها التلفزيون الرسمي اللبناني بنقل حوار لأمين عام "حزب الله" من قناة أخرى، ولا غرابة أن كانت هذه القناة هي القناة الإخبارية السورية شبه الرسمية، لا يهمنا هذا الاختراق الإعلامي لميليشيات "حزب الله" للتلفزيون الرسمي اللبناني، فهو شأن داخلي، ما يهمنا هو خطاب الكراهية الذي بُث لملايين المشاهدين.
هل يعيش أمين عام حزب الله في الكوكب نفسه الذي نعيش فيه؟ هل يشاهد القنوات الإخبارية نفسها التي نشاهدها كل يوم؟ هل يقرأ الصحف ذاتها التي نقرؤها بشكل يومي؟ أم أن وجوده في أحد سراديب بيروت يعيقه عن القيام بالأعمال اليومية التي يقوم به أي إنسان سوي؟ أسئلة كثيرة وعلامات استفهام عديدة تدور حول "الرجل" الذي أصبح خروجه مرهوناً بمصيبة قد حلت أو فتنة قد وقعت.
خرج "نصرالله" للحديث عن الشأن اليمني عبر خطاب تلفزيوني مسجل كما جرت العادة مؤخراً، كان خروجاً ضعيفاً وطرحاً ركيكاً، لم يكن ظهوراً كما اعتاد أن يظهر، أرعد وأزبد حتى كاد أن ينفجر، ووزع التهم، وفي النهاية أدان نفسه من حيث لا يدري، وكما قيل "كاد المريب أن يقول خذوني".
تساءل "نصرالله" عن الأسباب التي دعت القوات الخليجية وبمشاركة عربية إلى شن حملات عسكرية جوية لشل قدرات الانقلابيين الحوثيين، مدعياً أن ما يقوم به الحوثيون حق مشروع لهم ، وأنهم جزء لا يتجزأ من النسيج اليمني، ونحن هنا يحق لنا كذلك أن نسأل عن الأسباب التي جعلت أمين عام حزب الله يرسل مرتزقته وقتلته المأجورين إلى سوريا لقتل آلاف السوريين وتهجيرهم من مساكنهم، بل وحرق منازلهم وهم فيها؟ أم أن السوريين بالنسبة إلى نصر الله ليسوا جزءًا من النسيج السوري؟ أم أن الواجب المقدس فقط يكون في سوريا وليس في مكان آخر؟ ألا يحق لدول الخليج، والسعودية بشكل خاص، أن تحمي حدودها ضد أي خطر خارجي، فما بالك لو كان هذا الخطر دولة مضطربة سياسياً تحكمها أقلية تضع السكاكين على رقاب الشعب المسكين، والأدهى والأمر أن هذه الأقلية مدعومة من دولة لطالما كانت سبباً في تأجيج الصراعات الطائفية في المنطقة؛ سواء في البحرين أو العراق، وأخيراً سوريا، فهل بعد هذا كله يا "أمين عام حزب الله" تريد من المملكة العربية السعودية أن تقف متفرجة؟ هل وقفت أنت وحزبك متفرجين بعد أحداث سوريا؟.
يقول "نصرالله" إن الحروب والاضطرابات الأخيرة سياسية، ولم تكن في يوم من الأيام دينية أو حتى طائفية! هل يعتقد "نصر الله" بأن المتابعين قد نسوا الشعارات الطائفية التي كانت ترفع بعد كل عملية لحزبه في سوريا، أو لعله يظن بأن الناس لا تتذكر ماذا حدث في مدينة القصير السورية، أو تصريحه بأن دخول حزب الله للساحة السورية كان لغرض حماية المراقد وتثبيت أرضية النظام السوري الطائفي؟
يقول "نصر الله" إن السعودية كانت تتمتع بعلاقات قوية مع شاه إيران السابق على الرغم من كونه ينتمي للمذهب الشيعي ويزور الأماكن المقدسة هو وزوجته، ولم تصدر من علماء السعودية الذين وصفهم "بالوهابية" أي ردة فعل، على عكس ما يحدث حالياً بين المملكة والنظام الإيراني! هنا وقع "نصر الله" في شر أعماله، وكشف تناقضاته في أقل من 10 ثوان، فهو يقر أن السعودية لم تنظر إلى مذهب شاه إيران السابق، وكانت العلاقات معه قوية، فالشاه وعلى الرغم من كونه ينتمي لمذهب آخر لم يكن في يوم من الأيام مُسعر فتن، ولم يفكر أن يصدر مذهبه إلى دول أخرى، ولم يرسل جيشه إلى بؤر التوتر، والأهم من هذا كله لم يؤسس ميليشيات مسلحة في الوطن العربي ستكون لاحقاً خنجراً في خاصرة دولهم.
تنبأ "نصر الله"، بل إنه قرر هزيمة دول التحالف في اليمن في حربها الحازمة ضد الانقلابيين الحوثيين، مثل هذا الخطاب العاطفي الخالي من الاحترام هو ما نحتاجه، فكلما ابتعد "نصر الله" عن دبلوماسيته أزكم العالم بطائفيته المقيتة، وكلما استرسل في غيه، كشف نفسه أكثر وأكثر أمام الكثير من المخدوعين به، "فالرجل" الذي ظن نفسه طوال سنوات بأنه حامي حمى العرب والمدافع عن قضاياهم، لم يبقى له سوى ثلة من المرتزقة يقولون بقوله ويأتمرون بأمره، فعند الشدائد تظهر معادن الرجال، وهي لم تظهر، لا في سوريا، ولا في اليمن، وحتى في لبنان.
أخيراً، تحارب دول التحالف في اليمن لدعم الشرعية، ولم تفكر في يوم من الأيام بمذهب جماعة أو حزب أو رئيس، فالقاعدة التي عاثت وأفسدت طوال سنوات، كانت المملكة العربية السعودية أهم أهدافها، والدواعش يهددون دول الخليج ليل نهار، وهم جميعاً يدّعون أنهم من السنة، وهم كاذبون، وأنت كذلك