الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نصر الله والعودة إلى الطائفة

نصر الله والعودة إلى الطائفة

27.05.2013
منار الرشواني


منار الرشواني
الغد الاردنية
الاثنين 27/5/2013
ليس هناك من يعرف أكثر من حزب الله حجم الخسائر التي لحقت به، وبشكل مدمر، على المستويين المحلي اللبناني والإقليمي العربي، نتيجة موقفه من الثورة السورية منذ يومها الأول وحتى اللحظة.
يؤكد ذلك تماماً خطاب أمين عام الحزب حسن نصرالله، أول من أمس. إذ يكاد يكون الخطاب الأول الذي لا يوجهه نصرالله، بشكل أو بآخر، إلى اللبنانيين والعرب عموماً، وليكون المخاطب الوحيد به هو الطائفة الشيعية في لبنان تحديداً، تبريراً لتورط مقاتلي الحزب مع نظام بشار الأسد في الحرب على القصير وغيرها، حيث لا مراقد شيعية يمكن استخدامها ذريعة لسفك الدم السوري، على نحو ما يحدث في دمشق مثلاً، باسم مقام السيدة زينب.
فالحزب واسع التأثير، مباشرة وبالوكالة عن إيران، في السياسة الداخلية السورية، والعارف ببواطنها استبداداً وفساداً، وبعد أن فشل في إنكار الثورة السورية من أساسها بحسب التصريح الشهير السابق لنصرالله "ما في شي بحمص"! استنفد مبكراً جداً أيضاً، وعلى لسان أمينه العام في أكثر من مناسبة، سلاح/ فزاعة "وباء التكفيريين" (وحتى عصابات المهربين!) في وصف هذه الثورة. وكل ذلك لا لسبب إلا إنقاذاً للأسد من أي "تنازلات" طال أوان استحقاقها للشعب السوري، وكان يمكن أن تفضي إلى حل سياسي يحقن الدماء، وينقذ حاضر سورية ومستقبلها وتاريخها.
ومن ثم، فلا يبقى من تأثير لهذه "الفزاعة" وقد اقتربت من الحدود مع لبنان، كما يقول نصرالله، إلا في ترهيب الطائفة الشيعية التي لا تملك، حرصاً على حياتها، إلا القبول بتوريطها من قبل حزب الله ضد الثورة السورية.
وفي هذا السياق، فإن على الطائفة الاستعداد لحرب تطول، ويمتد التورط فيها إلى أبعد من القصير، بعد أن صار مصطلح "التكفيريين" مرادفاً لكل الثوار السوريين. فإذا لم يعد من مجال لإنكار وجود معارضة سورية "وطنية" حتى وفق تعريف حزب الله وإيران والأسد وسواهم، إلا أن هذه المعارضة، كما يقرر نصرالله في خطابه، باتت خاضعة لسيطرة "التيار التكفيري" خلال الأشهر الماضية. وهو ما لا يعني فقط التأكيد على لغة الحديد والنار سبيلاً وحيداً لمواجهة كل الثائرين السوريين (ومعهم آلاف آخرون، وفق منطق القتل والتدمير الجماعي الذي يؤمن به النظام)؛ بل إن على الجميع، وضمنهم الطائفة، توقع ظهور مقاتلي حزب الله في كل ركن من أركان سورية. فلم يعد الحزب مضطراً بعد اليوم إلى استخدام ذريعة المراقد، ولا ذريعة المناطق الحدودية، طالما أن الهدف هو التكفيريون الذين يتواجدون حيث يتواجد أي معارض لنظام الأسد!
أخيراً، فإن في هذه المطابقة بين التكفيريين والمعارضة ما قد ينبئ بموقف نظام الأسد من أي حل سياسي للمأساة السورية، لاسيما في مؤتمر "جنيف2". إذ يخبرنا حسن نصرالله، الذي صار الناطق الرسمي الفعلي والوحيد باسم النظام منذ اندلاع الثورة، أن لا تنازلات لتكفيريين إرهابيين، أصالة أو بالتبعية، وأن أي حوار إنما ينعقد استناداً إلى مبدأ واحد: الأسد.. أو لا أحد!