الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نصر الله يغلب مصلحة حلفائه على لبنان

نصر الله يغلب مصلحة حلفائه على لبنان

17.11.2013
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
السبت 16/11/2013
تأكيد السيد حسن نصر الله خلال مراسم احياء ذكرى عاشوراء في الضاحية الجنوبية لبيروت ‘ان مقاتليه باقون في سورية ما دامت الاسباب قائمة لمحاربة الهجمة التكفيرية والدفاع عن سورية’، ورفضه سحب رجاله من سورية لتسهيل تشكيل حكومة لبنانية جديدة، يبدو تغليبا واضحا لمصلحة حلفائه في سورية وايران على حساب قضية داخلية تهم الدولة اللبنانية.
اما الاسباب الموجبة التي تحدث عنها فهي ما اشار اليه مرارا من انه يقاتل في سورية لحماية ظهر المقاومة، لان سقوط النظام السوري سيفقد حزب الله الشريان الذي يوفر له السلاح والدعم الآتي من ايران، لكن حزب الله تجنب التورط في الداخل السوري في بداية الازمة، ولم يندفع الى ذلك الا بعدما وجدت ايران ان نظام الاسد اصبح عاجزا عن السيطرة او عن احراز اي تقدم ميداني، ولذلك بادرت الى ارسال اعداد كبيرة من قوات الحرس الثوري، كما اوعزت الى حلفائها بالعراق الذين ارسلوا الآلاف من المقاتلين الذين انضموا الى ميلشيا ابو الفضل العباس، وبالتالي اصبح هناك امر من القيادة الايرانية لحزب الله كي يدخل خبراءه ومئات من مقاتليه المدربين فضلا عن الآلاف من الذين جرى تطويعهم وتدريبهم خلال الشهور الاخيرة، ما يعني ان المعركـة الحالية في سورية اصبحت هـي الـحرب التي تخوضها ايران بـديـلا عن حــرب يمكن ان تقـع على ارضهـا بسبب البرنـامج النووي.
ومع بدء مفاوضات ايران والدول الغربية تجد طهران ان حربها في سورية يمكن ان تكون ورقة مساومة عندما تنتقل المفاوضات الى شقها السياسي، خصوصا مع الولايات المتحدة.
وبهذا الخطاب اكد حسن نصر الله ان لبنان اصبح جزءا من الصراع السوري، ولم تعد هناك فقط تكهنات احتمال انتقال هذا الصراع الى لبنان، ولا شك انه في خطابيه الاخيرين اتخذ خطوة كبيرة نحو تجاوز الدولة والجيش، كما وضع نفسه في موضع تهديد جميع الفرقاء الآخرين، ولا سيما خصومه في فريق 14 آذار، وبذلك سيكون من الصعب جدا التوصل الى حكومة وفاق وطني وفقا للمقترح بتعيين السيد تمام السلام قبل اكثر من ستة شهور لتشكيل هذه الحكومة. ومنذ نهاية حرب 2006 عقد حزب الله العزم على ان لا يكون في حكومة، الا اذا كان قادرا على قيادتها في الاتجاه الذي يناسبه، والا فانه يعطلها اذا كانت قائمة او يمنع تشكيلها كما فعل مع حكومات سابقة وكما يفعل اليوم. ويستدل من كلام نصر الله ان الاتجاه هو نحو مواصلة العمليات العسكرية في سورية من دون الاهتمام بالتحضيرات لمؤتمر جنيف2، ولا بد انه كان يمهد لمعركة القلمون القريبة من المناطق الحدودية مع لبنان التي قصفها الطيران الحربي السوري يوم الخميس، ولم تكن هذه المرة الاولى.
بعد الغارات تابع الرئيس اللبناني ميشال سليمان الوضع مع قائد الجيش العماد جان قهوجي، ودعاه لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية المواطنين والبلدات اللبنانية ومنع الاعتداءات عليها والتصدي لمصادر النيران، طبعا بعد تصريحات سليمان لا نتوقع ان تتوقف الغارات، ولن توقف الصواريخ اللبنانية اي طائرة مغيرة، وستبقى قرارات وتوجيهات رئيس الجمهورية حبرا على ورق، في حين ترافقت تصريحات نصر الله مع تصعيد في حركة لجوء السوريين الى لبنان خوفا من اندلاع معركة القلمون.
لكن اكثر ما يلفت في كلام نصر الله في ذكرى عاشوراء، ان يصبح وبمناسبة تقارب ايران والولايات المتحدة، من المراهنين على تفاهم هذين البلدين، بل يتنبأ بأن هذا التفاهم سيكون لمصلحة فريقه، متناسيا تصريحاته على مدى اعوام، والتي كان يتوعد بها ‘الشيطان الاكبر’ ومصالحه وحلفاءه في المنطقة، وكان لا يترك مناسبة الا ويتهم فيها خصومه اللبنانيين وغير اللبنانيين بالعمالة للولايات المتحدة.
الخطوط والتوقعات التي رسمها نصر الله في خطابه، تبقى مجرد مراهنات، لا يستطيع فيها ضمان بقاء نظام الاسد وبقاء النفوذ الايراني على ما هو في سورية، وبالتالي تدفق الاسلحة لحزب الله ومن ثم دوره في لبنان، بل لا يستطيع التكهن بالمصير الذي سترسمه له المفاوضات الايرانية ـ الامريكية.