الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نصف مليار لا يكفي

نصف مليار لا يكفي

03.07.2014
تسفي بارئيل


القدس العربي
تسفي برئيل
هآرتس 30/6/2014
الاربعاء 2/7/2014
يريد الرئيس اوباما أن يمنح "المنظمات المعتدلة" في سوريا التي ما زالت تقاتل الاسد ويقاتل بعضها بعضا بقدر لا يقدر عن ذلك، يريد أن يمنحها هبة متواضعة. فاذا وافق مجلس النواب الامريكي على نصف مليار الدولار التي يطلبها الرئيس فسيُستعمل هذا المبلغ للانفاق على خطة التدريب الموسعة التي تقوم بها الولايات المتحدة في قواعد عسكرية في الاردن لمقاتلي الجيش السوري الحر. وهذا هو الآن كل الاسهام الذي اصبح الرئيس مستعدا لاثارته لاظهار تمسكه بسياسة اسقاط الاسد، فلا تدخلا عسكريا ولا مناطق حظر طيران ولا سلاح مضادا للطائرات.
لكن الى أين سيتجه المال بالضبط؟ إن "التحالف الوطني للثوار"، وهو جسم المعارضة السياسي في ازمة شديدة. ويفترض أن يعين في هذا الاسبوع رئيسا جديدا خلفاً لاحمد الجربا الذي له علاقات غير ودية برئيس الحكومة السورية المؤقتة احمد طعمة. وإن استقرار الرأي على التعيين الجديد لرئيس الوزراء السوري السابق رياض حبيب كما يبدو لا يخضع لارادة التحالف فقط، فالسعودية تطلب أن يعين الجربا رئيس الحكومة المؤقتة بدل طعمة بسبب دعمه للاخوان المسلمين وخضوعه لتوجيهات قطر. وقد أثار طعمة في الوقت نفسه عاصفة في نهاية الاسبوع حينما أعلن حل المجلس العسكري الاعلى المسؤول في ظاهر الامر عن تنسيق العمليات الميدانية، وتغييرات واسعة في قيادة الجيش السوري الحر. ولا ينوي المجلس العسكري ألبتة أن يطيع أوامر طعمة وكذلك سيستمر الجيش السوري الحر الذي استخف الى الآن بتوجيهاته على تدبير اموره بصورة مستقلة.
لكن واشنطن يهمها أكثر قتال داعش ولا سيما في داخل العراق، ويُطلب هنا حل سياسي على الخصوص. يتوقع أن يعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي هذا الاسبوع عن تأليف حكومته، والسؤال هل يستجيب لطلب جون كيري انشاء حكومة وحدة تمنح السنيين ولا سيما أبناء القبائل في غرب الدولة نصيبا مناسبا.
وأفادت حركات سياسية في العراق أن المالكي سيوافق على المصالحة بل قد يتخلى عن منصب رئيس الوزراء. وتُعد في هذه الحركات ايضا احزاب شيعية دينية ترى أن المالكي تهديد. بيد أن المالكي يريد أن يثبت الآن أنه الزعيم الوحيد الذي يستطيع أن يقاتل داعش. وقد بدأ لذلك سلسلة قصف من الجو في الموصل وتكريت، وتفيد وسائله الاعلامية أن تكريت انتقلت الى سيطرة الجيش.
إستغل الاكراد الى الآن ضعف الحكومة وهم الذين أعلن زعيمهم مسعود برزاني ضم مدينة كركوك الى الاقليم الكردي. وأوضح بخلاف تصريحاته السابقة أن الاكراد لا ينوون الانسحاب من مدينة النفط المهمة. وقد كانت مسألة كركوك مدة أكثر من عشر سنوات مركز اختلاف شديد بين الاكراد الذين أرادوا ضمها الى اقليمهم لكونها في الأصل مدينة كردية طرد صدام حسين منها كثيرا من مواطنيها، وبين الحكومة المركزية التي عارضت مطلبهم.
أقر الدستور العراقي في المادة 140 أنه ينبغي اجراء استفتاء شعبي بين سكان المدينة وتتقرر مكانة المدينة بحسب نتائجه، لكن هذا الاستفتاء لم يجر الى الآن، واستقر رأي البرزاني على عمل من طرف واحد وأوضح أنه لم يعد للمادة 140 أي معنى.
والاكراد الذين يملكون جيشا مدربا خاصا مستعدون للمعاونة على قتال داعش لكنهم يصرون على ألا يكون المالكي رئيس الوزراء القادم. وسيكون لموقفهم هذا الذي يضاف الى موقف القبائل السنية اهمية كبيرة في جلسة مجلس الشعب غدا حيث يفترض أن يقترح الطرفان مرشحهما لرئاسة الوزراء. وفي الوقت نفسه بدأ عدد من القبائل السنية التي تملك هي نفسها عصابات مسلحة، بدأت تعمل على مواجهة مقاتلي داعش لأنه برغم كون هؤلاء سنيين فان القبائل لا تسعى الى انشاء دولة شريعة اسلامية متطرفة في العراق. ومن هنا يأتي فرض أنه اذا حصلت القبائل على مطلبها في الصعيد السياسي فستجند نفسها لتطهير المناطق التي احتلتها داعش. وبقي الآن فقط أن يُفحص عن مبلغ نجاح الضغط السياسي لاحداث تحول كهذا يعيد الدولة الى مستوى العمليات "الطبيعي" الذي كان موجودا فيها قبل اجتياح داعش.