الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نظام الأسد يواجه حكم التاريخ

نظام الأسد يواجه حكم التاريخ

31.08.2013
اليوم السعودية



الجمعة 30/8/2013
ابتليت الأمة العربية بنوعيات من الأشخاص المغمورين الذين وجدوا أنفسهم فجأة زعماء ويديرون دولا ويتحكمون بمصائر شعوب، وبدلاً من أن يعمدوا إلى الاعتراف بنواقصهم وتفادي الأخطاء، تمادوا في إحاطة أنفسهم بمصفقين حزبيين، وأمعنوا في تصرفات ومزاجيات رعناء وعنتريات فارغة، فجلبوا نكبات وهزائم للأمة، وخير الأمثلة صدام حسين وبشار الأسد ومعمر القذافي، فهؤلاء تيسر لهم أن يحكموا بلدانا عربية مهمة وثرية وموئلا للحضارات، وبدلاً من أن يستلهموا من تاريخ بلدانهم وأهميتها وحضاراتها، انغمسوا في قصر النظر والرغبات الشخصية والشعارات المخدرة للجماهير والناس، والمشروعات الفاشلة للتلميع الحزبي، واستعذبوا ألحان المطبلين حتى تألهوا، فانتج كل ذلك كوارث دفعت شعوبهم وأمتهم أثماناً غالية من دمائها واستقرارها وثرواتها وكرامتها. وانخرطت بلدانهم في حروب أهلية ونزاعات كره وفقدت قوتها وسيادتها ومقومات الدولة وحضورها على الخريطة الدولية.
وتنخرط سوريا الآن في حرب أهلية وعلاقات دم، بسبب قصر نظام الأسد وسوء إدارته وهيمنة الفكر الطائفي الأحادي على قراراته، بينما الخروج من النفق السوري المظلم واضح وبسيط وهو أن يجنح النظام إلى الحكمة ومواجهة الحقيقة بشجاعة، والاعتراف بإرادة السوريين وأنهم شعب كريم لم يعد يتحمل الإهانات التاريخية وشظف العيش والفساد ورهن بلادهم لدى طهران والتنازل عن سيادة سوريا وكرامتها، وأن السوريين لا يتصالحون مع نظام يخضع بلادهم لهيمنة قوى أجنبية، لا تنظر لسوريا والسوريين سوى أنهم أدوات عمل لإنجاح مؤامراتها ومخططاتها العدوانية ضد سوريا أولاً وضد الأمة العربية.
ولو أزال النظام الغشاوة عن عينه، بهذه الحقائق السورية التاريخية، فإنه ربما كان سيجد ألف سبيل لإخراج سوريا من محنتها الراهنة، وحفظ دماء السوريين وصيانة كرامتهم.
ولكن النظام السوري قطع شوطاً طويلاً في معاداة السوريين والإيغال في دمائهم، وترسيخ نفسه وكيلاً للقوى الأجنبية وممثلاً لمخططاتها ومصالحها. ولم يترك مجالاً للسوريين للقبول بوجوده أو محاورته أو التفاوض معه، فلم يسجل التاريخ أن شعباً تصالح مع نظام ليس لديه من الإنجازات سوى تخطيط المذابح لشعبه وإقامة المشانق لمواطنيه، والانخراط في برامج للتطهير العرقي والطائفي لحساب قوى أجنبية، وأكملها بقصف الأطفال بأسلحة يحرم استخدامها حتى على الأعداء.ويتعين أن يعرف النظام السوري أنه انتهى من حياة السوريين إلى الأبد، ومن الحكمة أن يتصرف على هذا الأساس، فميليشيات طهران ودبابات موسكو لن تجبر السوريين على الخضوع مرة أخرى لواحد من أقسى الجلادين في التاريخ.