الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نظام بشار والعروبة بالسواعد الفارسية

نظام بشار والعروبة بالسواعد الفارسية

11.01.2014
اليوم السعودية


الخميس 9/1/2014
لا أحد يستطيع أن يفهم على وجه التحديد كيف يُصنف النظام السوري نفسه، وحتى هذه اللحظة على أنه نظام عروبي، ينطلق في رؤاه السياسية من قيم العروبة، والنضال من أجلها، ومن أجل تكريسها، ولا أحد يفهم أيضا كيف لا يخجل بعض المحسوبين على النظام من المثقفين حينما يدّعون زورا وبهتانا أنهم يقفون إلى صفه لأنه هو آخر ما تبقى من أسوار حمى العروبة، وهم يشاهدون بأم أعينهم كيف تحولت عاصمة الأمويين إلى نسخة أخرى من طهران.
وإذا ما كان النظام في دمشق قد استغل طويلا عاطفة الشعب السوري المتعطش دائما إلى وحدة الصف العربي، واختطف تلك العاطفة ببعض الشعارات التي تنادي بالوحدة والحرية والاشتراكية، وهي ركائز مشروع نظام البعث، فإن ما يحدث اليوم من قتل للسوريين على أيدي حلفاء النظام من الصفويين وميلشياتهم في لبنان والعراق يكفي لإسقاط شعار العروبة، وتفريغه من محتواه، بل أخذه إلى خانة الضد، وينزع الغطاء تماما عن هذا النظام الذي طالما تدثر برداء العروبة ليستبدله بعمائم الملالي التي تقود كتائب القتل في مختلف المدن السورية، بعد أن أوغل في تحالفاته المذهبية حد الإمعان في ضرب تلك القيمة التي كان يقدم بها نفسه لشعبه وأمته، والتي وإن لم تخف على المراقبين الذين يعرفون ما يجري في الخفاء بين أعمدة النظام وطهران، إلا أنها كانت في فترة ما قبل قيام الثورة كافية لتغطية سوءة تلك التحالفات.
والآن وبعد أن رفعت الثورة الرماد عن حقيقة تلك الشعارات، على أنها ما كانت سوى واحدة من الألاعيب التي يوظفها نظام الأسد لتغليف مشروع حلفائه، تماما كما كان يفعل بلم شمل الشتيتين من كل الفئات ليوظفها كأوراق ضغط في وجه خصومه متى ما دعت الحاجة إلى ذلك، لم يعد رفع شعار العروبة أو القومية العربية صالحا للاستخدام، إلا أن مثقفي النظام وأداته الإعلامية، لا تزال سادرة في غيّها عندما تلوك هذا المصطلح صباح مساء دون أن تخجل من مواجهة ذلك السؤال الساذج الذي يُريد أن يربط بين محتوى الشعار وما يجري على الأرض وعلى مدار الساعة .
وهذه الحالة من الانفصال عن الواقع، والتي لا تزال تتوهم أن ترديد تلك الشعارات، بوسعه أن يخفي ما يتم على الساحة من ذبح ليس للعروبة وحدها، وإنما حتى للمواطنة وقيمها، تترجم بوضوح كيف استطاعت أيديلوجيا المشروع الصفوي الذي عبث في العراق، وامتدت أذرعه إلى البحرين واليمن ولبنان، وحاولت طرق أبواب مصر، أن تخترق قاموس لغة النظام حتى لم يعد قادرا على التمييز بين ما يفعله وما يقوله، وأن تدفعه إلى الإصرار على التوهم بأنه لا يزال حصن العروبة المنيع، ومعقل المقاومة، حتى وهو يستخدم الذراع الفارسية في تثبيت قوائم كرسي سلطته على مستنقع دماء شعبه العربي، في أكبر وأغرب مغالطة تاريخية.