الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نقل الصراع السوري الى سويسرا

نقل الصراع السوري الى سويسرا

25.01.2014
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
الخميس 23/1/2014
تحولت مدينة مونترو السويسرية الوادعة أمس الى حلبة صراع بين ممثلي النظام السوري الذي حضر الى مؤتمر جنيف 2 مركزا على محاربة الارهاب، ووفد المعارضة الذي لا يقبل بأقل من رحيل الرئيس بشار الاسد.
ورغم انتشار العنف والقتل خلال السنوات الثلاث الماضية الذي اودى بحياة اكثر من 130 ألف شخص وشرد ثلث سكان سوريا، ورغم قناعة الكثيرين بأن طريق جنيف 2 طويل ومعقد، الا ان قلة تتوقع نجاحه بتضييق الخلاف بين الطرفين، فالحرب بالصواريخ والدبابات والمدافع والقنابل في حمص وحلب وريف دمشق ودير الزور انعكست مبارزة بالكلمات وتبادل الاتهامات. لم تكن العشر دقائق المخصصة للطرفين الاساسيين كافية ليوزع رئيس وفد النظام وزير الخارجية السوري وليد المعلم، اتهاماته شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، وتطلب الامر اكثر من ضعف هذا الوقت، ليشن هجوما كاسحا على الدول العربية دون التطرق الى الهدف الاساسي من المؤتمر وهو تشكيل هيئة انتقالية بصلاحيات كاملة، بل معتبرا ضرب الارهاب هو القضية والهدف الاساسي من المؤتمر.
وليد المعلم دعا في كلمته المعارضة لحوار سوري ـ سوري على الارض السورية، رغم انه يعلم ان مصير هذه المعارضة لو وطأت ارض سوريا لن يختلف عن مصير 11 الف معتقل تعرضوا لتعذيب وقتل في السجون السورية حسبما جاء في تقرير نشر يوم الاثنين وكتبه مدعون سابقون في جرائم الحرب، مستندين الى 55 ألف صورة قدمها مصور منشق بالشرطة العسكرية السورية لجثث تم التمثيل فيها وتقطيعها وتبدو عليها آثار التعذيب، اضافة لعشرات الآلاف الآخرين الذين لم يتم توثيقهم بعدسة هذا المصور.
اما المعارضة، والتي وصل وفدها الى مونترو بمزيد من الخلافات، فان خطابها الذي القاه رئيس الائتلاف احمد الجربا، لا يقل تحديا، مذكرا العالم بالانتهاكات الممنهجة لحقوق السوريين الانسانية. المبارزة بالكلمات تعدت وفدي النظام والمعارضة بل كانت الصفة الغالبة على معظم الخطابات الـ45 التي القيت في افتتاح المؤتمر، وربما تختصر كلمتا وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف والولايات المتحدة جون كيري، الازمة السورية لما تعكسانه من تغليب مصالح بلديهما على حل الازمة، ففي حين ركز كيري في كلمته على ان لا مكان للرئيس الاسد في الحكومة الانتقالية، كرر لافروف موقف موسكو بضرورة عدم تدخل ‘لاعبين خارجيين’ في شؤون سوريا الداخلية، متجاهلا دور موسكو وتأثير تدخلها على اطالة امد الحرب.
انهاء الازمة لا يتطلب حضور اكثر من اربعين وفدا الى مونترو ومحادثات لعشرة ايام في جنيف، بل يتطلب اولا ارادة روسية ـ امريكية، ويبدو انه حتى الآن لا يعدو الامر بين الطرفين اكثر من التفاهم على ادارة الازمة، وليس على حلها. فحديث الرئيسين فلاديمير بوتين وباراك اوباما عشية جنيف 2، ناقش المؤتمر وكيفية دفع مصالح البلدين، وخلال المؤتمر جلس وفد النظام السوري على يمين الوفد الروسي، فيما جلس وفد المعارضة على يمين الوفد الامريكي، وبعد الجلسة الاولى في مونترو جلس كيري ولافروف لبحث آليات التفاوض بين وفدي السلطة والمعارضة، وكل هذا لا يعكس ارادة حقيقية لحل الازمة، التي يبدو ان المهم لموسكو فيها الحصول على ضمانات امريكية ودولية على الحفاظ على مصالحها في سوريا المستقبل، فيما تضمن امريكا التخلص من الحركات الارهابية وتحافظ على وجود نظام يراعي الاستقرار في المنطقة ولا يهدد حليفتها الاساسية اسرائيل، ويبدو ان الدموع التي يذرفها الطرفان على الضحايا، ليست اكثر من دموع التماسيح.
ما نخشاه من المؤتمر هو ان يكتفي بقرارات واجراءات لتحسين الاوضاع الانسانية، سواء فتح ممرات آمنة لايصال المعونات وتبادل معتقلين أو رفع الحصار عن المدنيين، او تحسين اوضاع اللاجئين. وهذه الامور على اهميتها يجب ان لا تكون الهدف أو النتيجة من المؤتمر.