الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نهب وشلل بإمضاء النظام السوري

نهب وشلل بإمضاء النظام السوري

05.04.2015
حسن احمد الشوبكي



الغد الاردنية
السبت 4-4-2015
التصريحات التي صدرت على لسان "مصدر مسؤول" في وزارة الخارجية السورية، بخصوص إغلاق معبر نصيب من طرف دمشق، ردا على إغلاق الأردن لمعبر جابر، تنطوي على إنكار فاضح لحقيقة ما جرى وعرف به العالم كله. أما تحميل النظام السوري الأردن "مسؤولية تعطيل حركة مرور الشاحنات والركاب، وما يترتب على ذلك اقتصاديا واجتماعيا"، فليس إلا محاولة اقتصادية يائسة لذر الرماد في العيون، بعد أن فقد هذا النظام موقعا سياديا على يد المعارضة المسلحة. ووفقا لحالة الإنكار المديدة ذاتها، فقد يكون الأردن مسؤولا أيضا، بحسب النظام، عن تشريد ملايين السوريين في الجوار، وعن جوعهم وفقرهم ومرضهم، بل وموتهم!
فما جرى بالضبط هو طرد لقوات النظام السوري من معبر نصيب، بعد اشتباكات عنيفة انتهت بسيطرة الجيش الحر على المعبر. حدث على إثرها أن أغلق الأردن بشكل مؤقت معبر جابر؛ لأسباب أمنية، وخوفا على سلامة انتقال الأشخاص وكذلك البضائع. فمن تخدع دمشق بزعمها هذا؟
كل الخسائر التي حدثت وتحدث، ومعها الشلل الاقتصادي والضياع والإرباك الذي يجري على الحدود الأردنية-السورية، هي مسؤولية النظام في دمشق، وهو من يتحمل وحده تبعات وتداعيات جرائم النهب التي تعرضت لها ممتلكات المنطقة الحرة السورية-الأردنية المشتركة. فخلال أربع وعشرين ساعة، خسر مستثمرون في هذه المنطقة أكثر من مئة مليون دولار؛ بين آليات ثقيلة ومركبات وحديد وأثاث ومواد أولية وغيرها، إضافة إلى سرقة قاصات عدد من الشركات. وجل هذه الخسارة تكبده مستثمرون أردنيون.
ليس هذا وحسب، فهناك مئات من العمال، على طرفي الحدود، خسروا أعمالهم ومصدر رزقهم، بعد الانفلات الأمني الذي رافق الاشتباكات التي جرت للسيطرة على معبر نصيب وما بعدها، في الوقت الذي تدخلت فيه السلطات الأردنية لاحقا وفرضت الأمن في المنطقة الحرة المشتركة وما حولها.
أعمال النهب شملت أيضا عشرات الشاحنات المحملة بالبضائع، من قبل مجهولين ومسلحين في ساحات مركز حدود نصيب بين الأردن وسورية، فيما واصل الجيش النظامي السوري قصف منطقة المعبر ومحيطها في مشهد كله سواد وخراب وخسارة. علما أن الشاحنات التي تكدست بين الحدين ويقارب عددها 100 شاحنة، حملت لوحات أردنية، فيها بضائع ومواد تموينية. وينضم الى صفوف الخاسرين نحو ألف موظف يعملون في المصانع والشركات ومكاتب التخليص ضمن المنطقة الحرة.
بدأت فكرة المنطقة الحرة السورية-الأردنية المشتركة قبل أربعين عاما. وكان الهدف منها ملء الفراغ الاقتصادي على الشريط الحدودي بين عمان ودمشق، وجذب الاستثمارات، وتوفير فرص عمل للسوريين والأردنيين على طرفي الحدود. وقد نمت الفكرة على نحو خجول وبطيء، إلى أن وصلت إلى شبه مستودعات كبيرة لإعادة التصدير. لكنها ظلت حبيسة الإرادة السياسية. فبعد خمس سنوات من انطلاق هذه المنطقة، حشدت القوات السورية مطلع الثمانينيات ضد الأردن، وتسبب ذلك آنذاك بشلل اقتصادي أصاب الفكرة بمقتل.
هذا الخراب والشلل الاقتصادي والخسائر بحق المستثمرين وسائقي الشاحنات والشركات والموظفين والعمال وحركة الاقتصاد كلها، تأتي في الوقت الذي يغفو فيه النظام السوري على حالة إنكار غير مسبوقة في التاريخ المعاصر، ولديه ترف إصدار التصريحات التي تتهم الآخرين بالمسؤولية عن كل هذا العبث.