الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نواب لبنان والأزمة السورية

نواب لبنان والأزمة السورية

04.06.2013
حازم مبيضين

الرأي الاردنية
الثلاثاء 4/6/2013
توافق حزب الله وتيار المستقبل، فتأجلت الانتخابات لفترة محددة، كان ضرورياً أن تمتد إلى ما بعد انتهاء الولاية الحالية للرئيس السوري، تجاوز الإتفاق القوى الأخرى على الساحة، وهي التي اعتادت على أن تحكم لبنان، وأثبت التوافق المثير للعجب، أن النواب لم يكونوا أكثر من شخوص بيد القوى الفعلية الحاكمة، لذلك رأيناهم يهرولون إلى جلسة إعادة انتخاب ذواتهم، مستغلين الظروف الأمنية الاستثنائية، التي يمرّ بها لبنان والمنطقة، ليطيلوا عمر ولايتهم، حزب الله منشغل بمعركتة الجهادية في القصير، وليس في وارد الانشغال بحملات انتخابية، وتيار المستقبل يخشى أن تفقده التيارات الاسلامية الصاعدة، ما كان حصل عليه في الانتخابات السابقة، والقوات اللبنانية لاترى الوقت مناسباً لدخولها اختباراً غير مضمون النتائج ووحده الجنرال عون تمسك بالإنتخابات، رغم تخلّي حزب الله عن التحالف معه، مقدماً أولويات الخارج على الداخل.
في بعض التقديرات أن مؤيدي عون، الذين لم يزد عددهم عن 100 شخص، هم من استقبل نواب التمديد، برشقهم بالبندوره أثناء دخولهم قاعة البرلمان، رغم أن الممددين استظلوا بذريعة الدواعي الأمنية، والتمديد ليس سابقة فقد تم تسع مرات قبل ذلك، منها واحدة فقط بعد الحرب الأهلية، لكنه اليوم يعكس حجم الانقسام السياسي في بلد بات هشّاً إلى حد أن تشكل الانتخابات النيابية خطراً على أمنه الداخلي، الذي ثبت اليوم ارتباطه العضوي بالنزاع في سوريا، وإن كان عنوانه عدم الاتفاق على قانون انتخابي جديد، وقرار التمديد الذي سيختلف عليه اللبنانيون طويلاً، لم يكن محتاجاً لأكثر من عشر دقائق، ليحصل على تأييد 97 نائباً، وهو قرار تم الطعن بدستوريته من رئيس الجمهورية، وربما يتبعه الجنرال عون، على ما بينهما من خلافات، وعند المجلس الدستوري، سيحتاج قبول الطعن إلى سبعة أصوات من أصل عشرة من أعضائه.
قرار التمديد في واقع الأمر ليس نهائياً، ثمة سيناريو قد يقلب الطاولة، يتمثل في استقالة نواب التيار العوني، ما يجبر الجميع، بحسب النصوص الدستورية، على إجراء انتخابات تكميلية، سيكون محرجاً لمنافسيه الإنخراط فيها، لأنهم مدّدوا بسبب رفضهم لقانون الستين القائم حالياً، والذي ستتم الإنتخابات التكميلية بموجبه، عندها سيفوز مرشحو عون بالتزكية، وسيضم المجلس الجديد فئتين، الأولى من الممدد لهم، والثانية من الفائزين بالإنتخابات الفرعية، ما يعني أن الجنرال سيمتلك منفرداً الشرعية المسيحية النيابية، غير أن هذا السيناريو مهدد بخطوة يمكن اللجوء إليها، بطلب تعديل المادة 41 من الدستور، لمنع عون من اللجوء إليها، لكن الثمن المتوقع لذلك سيكون مرتفعاً بالتأكيد، كما أن أثمان خطوة عون إن لجأ إليها ستكون مرتفعة من الناحية الأمنية حيث تتزايد إمكانات تفجر الأوضاع، ومن الناحية السياسية حين يفقد حلفاء اليوم نهائياً.
لأن تأجيل الانتخابات النيابية في لبنان مرتبط أصلاً بما يجري في سوريا، ولأن الظروف هناك لم تنضج بعد، لم تنجح الضغوط الدولية في إجراء الانتخابات في موعدها، وقبل الجميع ضمنياً بالتمديد، الاتحاد الأوروبي أعلن أسفه، لكنه بدأ البحث عن الأوجه الإيجابية للتمديد، حاثاً جميع الجهات السياسية على جعل التمديد فرصة للاتفاق على قانون للانتخابات، وتحديد تاريخ جديد لإجرائها، والأمم المتحدة أكدت دعمها المستمر للعملية الانتخابية في لبنان، وشدّدت على ضرورة ضمان استمرارية المؤسسات، وأسفت لعدم التوصل إلى اتفاق بشأنها، والمهم اليوم أن على الجميع انتظار نتائج ما يجري في سوريا ابتداءً من معارك القصير ومروراً بجنيف الثاني وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية في عاصمة الأمويين.