الرئيسة \  تقارير  \  "نفوذ" بوتين.. هل يعرقل التصعيد الروسي في سوريا جهود "التقارب" مع تركيا؟

"نفوذ" بوتين.. هل يعرقل التصعيد الروسي في سوريا جهود "التقارب" مع تركيا؟

02.10.2021
الحرة


الحرة / خاص - واشنطن
الخميس 30/9/2021
انعقدت قمة الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين، والتركي، رجب طيب إردوغان، وسط أحداث ومواقف متناقضة آخرها ما عبرت عنه أنقرة مؤخرا في شراء المزيد من أسلحة الدفاع الجوي من موسكو.
وفي حين صدرت إشارات من تركيا حول مساعي للتقارب مع روسيا، صعدت الأخيرة حملتها العسكرية في شمال غرب سوريا، في مناطق تقع تحات سيطرة ميليشيات تدعمها أنقرة، وحدث هذا التصعيد قبيل انعقاد القمة الأخيرة.
ولا ترى المحللة المختصة بالشأن الروسي، آنا بورشفسكايا، في تصريحات مع موقع "الحرة" أن إردوغان، يرغب في إقامة "تحالف" مع روسيا، مشيرة إلى أنه يسعى لحل المشكلات العالقة بين البلدين لكن من "موقف ضعف".
وفي اللقاء الذي جمعهما، الأربعاء، دعا إردوغان بوتين إلى وقف عملياتها العسكرية "خوفا من تدفق المزيد من اللاجئين السوريين إلى تركيا"، وقال، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء التركية الرسمية. إن "الخطوات التي نتخذها معا بشأن سوريا لها أهمية قصوى... السلام هناك يعتمد أيضا على العلاقات بين تركيا وروسيا".
ويعيش في محافظة إدلب، في شمال غرب سوريا، آخر معاقل المعارضة ضد النظام السوري المدعوم من موسكو، حاليا حوالي 3.4 مليون شخص، بما في ذلك العديد ممن فروا من أجزاء أخرى من البلاد ويعيشون الآن في مخيمات مؤقتة مقابل الحدود التركية.
وتسبب آخر هجوم كبير لروسيا والنظام السوري على إدلب في أكبر نزوح بشري خلال الحرب السورية، حيث أجبر حوالي 900 ألف شخص على الفرار من ديارهم، بين عامي 2019 و2020، وفقا للأمم المتحدة.
وتشعر تركيا، التي تستضيف بالفعل 3.6 مليون سوري، بالقلق من حدوث موجة أخرى من اللاجئين عبر الحدود.
وتقول صحيفة وول ستريت جورنال إن القمة الأخيرة "هي الأحدث في شراكة ملحوظة بين الزعيمين تقاربا من خلالها في بعض القضايا الدفاعية والاقتصادية، على الرغم من التنافس في ليبيا وأوكرانيا ومنطقة القوقاز في السنوات الأخيرة".
ورغم هذه الخلافات، أعرب إردوغان ، في مقابلة الأحد، عن استعداده لشراء أنظمة دفاع جوي روسية إضافية، على الرغم من أن هذه الخطوة قد تزيد التوتر في العلاقات مع واشنطن، التي فرضت عقوبات على أنقرة لشرائها أنظمة "أس-400" الروسية.
وترى المحللة الروسية آنا بورشفسكايا أنه يجب تقييم العلاقة بين البلدين باعتبارها علاقة "غير متوازنة" لصالح روسيا، فبوتين "لديه نفوذ كبير" على إردوغان، وهو ما ينعكس على العديد من الملفات.
وتؤكد المحللة وجود هذا التناقض بين التعاون في بعض المجالات والخلاف في مجالات أخرى، لكن الصورة الأكبر هي أن "بوتين بنى منذ فترة طويلة علاقة مع تركيا تجعل خيارات إردوغان محدودة، وتجعله أكثر اعتمادا على روسيا".
وما يؤكد ذلك أنه قبيل عقد هذا اللقاء "ازداد القصف الروسي، وتلك كانت رسالة لإردوغان مفادها أننا سنفعل ما نريد"، وفق بورشفسكايا.
وتشير إلى أنه خلال اللقاء، ذكَّر بوتين نظيره التركي بأن بلاده استطاعت النجاة من أزمة الوقود في أوروبا بفضل خط أنابيب الغاز الروسي الذي يمدها باحتياجاتها، أي أنه ألمح إلى الاعتماد التركي على روسيا.
وتشير صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقريرها إلى أن التصعيد السابق بين تركيا وروسيا، قبل عدة أشهر، جعل البلدين على شفا صراع مباشر بعد أن قتلت غارة جوية 33 جنديا تركيا داخل سوريا.
وانتهى هذا الهجوم بوقف لإطلاق النار تفاوض عليه بوتين وإردوغان، في مارس 2020، لكن الهدوء النسبي الناتج عن الاتفاق انهار، في الأشهر الأخيرة، حيث كثفت الطائرات الحربية الروسية وقوات نظام الأسد هجماتها على الشمال الغربي.
ووصلت الموجة الجديدة من الهجمات إلى ذروتها، يوم الأحد، بمقتل ستة مسلحين من المعارضة بنيران روسية وإصابة أكثر من 20 آخرين في هجوم استهدف أحد أكبر الفصائل السورية المدعومة من تركيا بالقرب من بلدة عفرين، والتي لا تستهدفها عادة روسيا، وفق جماعات معارضة.
وقال مصطفى سجاري، القيادي بجماعة معارضة مدعومة من تركيا: "كانت هذه هي المرة الأولى التي يقصف فيها الغزاة الروس مناطق غصن الزيتون والمرة الأولى التي يقصفون فيها القوات المدعومة من تركيا" في إشارة إلى عفرين.
وجاء الهجوم الأخير بعد أشهر من حملة عسكرية تقوم بها موسكو وحليفا السوري استهدفت أهدافا مدنية في الشمال الغربي.
ويقول معارضون سوريون ومحللون إن تركيا لديها ما يصل إلى 10 آلاف جندي على الأرض في شمال غرب البلاد، الأمر الذي قد يردع هجوما روسيا أوسع نطاقا، لكنه لا يفعل الكثير لوقف الهجمات الفردية.
ولا تتوقع المحللة الروسية حدوث مواجهة مباشرة بين القوات الروسية التركية، مشيرة إلى أن الديناميكية التي سوف تستمر بين الطرفين هي إبرام التسويات في الملفات الأمنية، في حين سوف يستمر نفوذ بوتين على إردوغان، الذي ساءت علاقته بالناتو والولايات المتحدة.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن استياء إردوغان من الولايات المتحدة يمنح بوتين "فرصة لزيادة دق إسفين بين واشنطن وتركيا" الذي تقرب من موسكو في السنوات الأخيرة.
وقال ياسر ياكيس، وزير الخارجية التركي السابق للصحيفة: "عندما تنفصل تركيا عن الولايات المتحدة، فإن النتيجة الطبيعية هي الاقتراب من روسيا، لكن العلاقات التركية الروسية ليست حديقة ورود بدون أشواك أيضا".
ولا تتوقع المحللة الروسية حدث تغييرات كبيرة في علاقة إردوغان بالناتو الذي يواجه حالة داخلية من التوتر بسبب الرئيس التركي، وتشير إلى أن هذه العلاقة السيئة "ما يريده بوتين، الذي يرغب في حدوث مشكلات وصدع داخل الناتو، ويفيد أيضا إردوغان، فهو يخلق قضية يتم مناقشتها دائما، وهي ما إذا كانت تركيا ستغادر الحلف".