الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  "نيوريوركر" : 8 نقاط مضيئة في نهاية النفق المظلم للربيع العربي

"نيوريوركر" : 8 نقاط مضيئة في نهاية النفق المظلم للربيع العربي

07.05.2014
جون كاسيدي


"جون كاسيدي" JOHN CASSIDY محرر مجلة "نيويوركر" الأمريكية THE NEW YORKER رصد في تقرير بعنوان : (EIGHT HOPEFUL LEGACIES OF THE ARAB SPRING ) أو ( 8 نقاط أمل موروثة في الربيع العربي) ما قال أنه ثماني نقاط إيجابية في هذا الربيع العربي ، ما يؤشر لأنها من الممكن أن تجعل هذا الربيع أو الثورة العربية تستمر وتنتعش وتنتصر مرة أخري ، رغم انقلاب السيسي في مصر وتحول ربيع سوريا الي حرب أهلية ، وتحول ليبيا الي فوضي أمنية وتحول الديمقراطية لطائفيه في اليمن والعراق .
وقال أنه بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على انطلاق شرارة ثورات الربيع العربي، بات المشهد السياسي في منطقة الشرق الأوسط باعثًا على الاكتئاب ، ولكن هناك نقاط إيجابية ظهرت خلال هذه الربيع وأن الأمل لم يفقد بعد في هذا الربيع العربي .
المجلة الأمريكية استعانت باثنين من الخبراء العرب، شاركا في مؤتمر استضافه "معهد الفكر الاقتصادي الجديد" بمدينة "تورونتو" الكندية، وهما المحافظ السابق للبنك المركزي التونسي مصطفى نبيل، والباحثة الأردنية وأستاذة العلوم السياسية بجامعة "واترلو" الكندية بسمة موماني ، لكي يسردا هذه النقاط الثمانية المضيئة .. فما هي ؟ :
 
شعبية التيار الإسلامي مستمرة
أهم هذه النقاط المضيئة التي تحدث عنها تقرير نيويوركر هي أن شعبية التيار الإسلامي لا تزال مستمرة رغم القمع والقتل الذي مارسه الانقلابيين في مصر وتأمر دول أخري عليهم عربية وأجنبية ضد الربيع العربي  .
فبحسب المحافظ السابق للبنك المركزي التونسي مصطفى نبيل : "في دولة مثل مصر، تم اختبار الأيديولوجية الإسلامية، ووجد أنه كانت هناك رغبة لها، ولكن ما حدث من ثورة مضادة ضدها سيجعل الفصائل الإسلامية مجبرة بمرور الوقت على إعادة التفكير في طريقة طرح نفسها للمواطنين مرة أخري ، والتركيز على  تحسين حياة المواطن اليومية، وإذا كان لدى الإسلاميين رغبة في استعادة السلطة، فعليهم أن يتعلموا أن الالتزام بمبادئ الدين فقط لا يكفي ، وأن عليهم الانخراط أكثر بين الجمهور وتحسين حياتهم المعيشية اليومية .
 
كشف الفساد مكسب للثورة
الأمر الثاني الذي تحدث عنه أيضا مصطفى نبيل هو أن الثورات العربية كشفت الحجم الهائل من الفساد المنتشر في العالم العربي ، وآيا كانت الثورات المضادة فلن يتوقف المواطن بعد الان عن المطالبة بلجم هذا الفساد والثورة عليه .
بعبارة أخري : "بفضل المظاهرات الاحتجاجية المستمرة في عدد من الدول، فإن هناك توقعات قوية باندلاع ثورات جديدة ضد الحكومات الفاسدة والفاقدة للأهلية وعديمة الكفاءة " ، والنخب الحاكمة في العالم العربي لن تتمكن من الاستمرار طويلاً في تجاهل المطالب الشعبية بالإصلاح الديمقراطي وتحسين الظروف المادية " .
 
الروح الديمقراطية لم تمت
الضوء الثالث في نفق الربيع العربي الذي ينعش أمال المتطلعين الي الحرية والديمقراطية هو أن الروح الديمقراطية لا تزال علي قيد الحياة عموما في الدول العربية التي شهدت ثورات عربية ثم ثورات مضادة أو انتكاسات أمنية أو طائفية أو غيرها .
فبالرغم من حملات القمع الأخيرة على التعبير السياسي والقمع المستمر الذي يستهدف المعارضين، لا يزال الضغط الشعبي من أجل تطبيق الإصلاح قويًا، وترسخت فكرة الديمقراطية في المنطقة العربية بنجاح ، والفكر القديم "العنصري" الذي كانت تتبناه النخب الفاسدة – التي عادت بالثورة المضادة – الذي يزعم أن الديمقراطية لا يمكن تطبيقها في الشرق الأوسط ، أصبح فكرا باليا ولم يعد الشعب يصدقه ،وولى زمن اعتبار العرب "استثناء"، فروح الديمقراطية لا تزال حية ولم يمت أو لا تزال علي قيد الحياة .
 
الانترنت وشباب الثورة
إذا كان الربيع العربي والثورات قامت علي أساس كسر الحواجز الإعلامية التي أقامتها الأنظمة المستبدة مع انتشار الانترنت والمواطن الصحفي وفضح النظام ونشر فعاليات الثورة ، وكذا عنصر الشباب الذي قاد هذه الثورات ، فلا تزال هذه الوسائل موجودة ولم تعدم بل وتزداد نشاطا في مواجهة الأنظمة المستبدة التي تعود ، ولا يزال الشباب والانترنت هما عماد الثورات ضد الاستبداد .
بعبارة أخري : "لا تزال نقاط القوة الديموغرافية والتكنولوجية التي كانت ركيزة لانطلاق ثورات الربيع العربي؛ متواجدة " ، فنسبة السكان الشباب والمتعلمين في الدول العربية جيدة للغاية وتزداد، وبفضل الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة يمكن لهذا الشباب التفاعل أكثر من الأجيال السابقة، وهو ما يصعب على النخب احتكاره أو تجاهله" .
 
الاستعمار الداخلي أولا من الخارجي
النقطة الاخري التي أدركها شباب الثورة هي أن ما يسمي الاستعمار الداخلي عبر الحكام الديكتاتوريين باتت هي القضية المفصلية التي أصبح شباب الثورات يسعى لمواجهتها أولا قبل أن يواجه الاستعمار الخارجي الذي يستعين بهؤلاء الحكام الديكتاتوريين في فرض سيطرته علي البلدان العربية والإسلامية .
فبرغم أن أنظمة الحكم القديمة تمت مقاومتها بنجاح في عدد من الدول، فقد ظهر للشعوب العربية أن هذا النجاح تمت إعاقته بشدة بسبب الفكر القديم أو أنصار النظم السابقة عبر الثورات المضادة ، وهو ما جعل الكثير من الشباب العرب يركز علي ضرورة اقتلاع هذه الأنظمة القديمة من جذورها وليس الرأس فقط كما حدث في مصر ، ولم يعودوا يقبلون بفكرة أن أسباب مشكلاتهم هي الاستعمار والصهيونية والإمبريالية الأمريكية، ولكنهم يهتمون أولا بتنظيف مجتمعاتهم وحكوماتهم من الحكام الديكتاتوريين الذين هم سبب المشكلة .
حسم مصير العلمانية
تقرير "نيويوركر" أشار لنقطة هامة ضمنيا علي لسان الخبيران اللذان استعان بهما من تونس والأردن وهي حسم مصير العلمانية في العالم العربي ، فالان تجري في العديد من الدول العربية، تناظر بين العلمانيين والإسلاميين، وهي العملية التي تأخرت كثيرا (حسب المجلة)، فقد بدأ هذا التناظر بين الطرفين في القرن التاسع عشر، لكن المناظرة لم تستمر نتيجة لعدة عوامل، مثل الحكم الاستعماري ومبادئ وتوجهات الأنظمة القومية وأنظمة الحكم الديكتاتورية، لكن الان يجري نقاش بين الإسلاميين والعلمانيين لحسم قضية هوية الدولة ، وهو – بحسب الخبراء - دليلا على أن عملية الانتقال نحو الحداثة جارية ، ولكن ما لم تقله المجلة والخبراء هو أن هذا الصراع يكاد يحسم لصالح الإسلاميين بعدما أظهر العلمانيون نكوصا عن مبادئهم التي التزموا بها مثل الحرية والديمقراطية وباتوا رافضين لفكرة الاحتكام لصناديق الانتخابات بعدما ثبت فوز الإسلاميين بموجبها ، فضلا عن تأييدهم للحكم العسكري لا المدني الذي صدعوا الإسلاميين بتأييدهم له ضد ما أسموه "الدولة الدينية" .
الدعاة الجدد
أمر أخر أشار له التقرير والخبراء هو دور الدعاة الجدد في التطوير والتجديد ولعب دور في الثورات في مواجهة الدعاة التقليديين الذين أيدوا الثورات المضادة ، فهذه إشارة جيدة علي التغير داخل الفصائل الإسلامية، وهي ظهور جيل من الدعاة، يرفض التفسيرات المحافظة المتشددة للقرآن، وهو الفكر الذي كان سائدا في السنوات الماضية، وهذا النوع من الدعاة يجد إقبالاً جماهيريًا طيبًا .
المقال الأصلى:
http://www.newyorker.com/online/blogs/johncassidy/2014/04/eight-hopeful-legacies-of-the-arab-spring.html