الرئيسة \  تقارير  \  هآرتس :إسرائيل: سنحافظ على “شعب الله” ومن يدين روسيا لا يريدنا في “يهودا والسامرة”

هآرتس :إسرائيل: سنحافظ على “شعب الله” ومن يدين روسيا لا يريدنا في “يهودا والسامرة”

12.03.2022
تسفي بارئيل


القدس العربي
الخميس 10/3/2022
عندما يوجهون انتقاداً لرئيس الحكومة نفتالي بينيت على سياسته المتلعثمة إزاء مسألة اللاجئين الأوكرانيين، وعندما تتمسك شكيد بأقوالها “القومية” وبخوفها على نقاء الدولة اليهودية، فعلام الشكوى؟ على خيانة قيم اليهودية، أم أنها شكوى شخصية؟ بشكل خاص، يصعب تفسير الارتباك الذي يظهره ذوو الأرواح الجميلة الذين يعتقدون أن الشعب اليهودي بصفته أكبر ضحية في تاريخ البشرية، فإنه مدين بشيء لأحد ما. على حكومة إسرائيل، بصفتها ممثلته على الأرض، “هكذا يصرخون”، أن تسوي وفوراً الفجوة بين مكانته كضحية مهنية وبين تجاهلها لضحايا آخرين.
عفواً، تقول الحكومة، لا أحد يمكنه أن يعلمنا ما هي المعاناة وما هو اللجوء وما هو الاضطهاد. ونملك الكثير مما نقوله عن الانتقائية، ليس بسبب الكارثة فقط؛ فنحن نتذكر جيداً العملاق ومذابح حملنتسكي أيضاً، ولكن من الذي ساعدنا في حينه؟ بالأساس، هل علينا الآن أن ننتحر قومياً بسبب معاناة الآخرين؟ من غير الواضح لهم من أين نبتت نظرية أن على الضحية أن تساعد الضحايا الآخرين. وبشكل عام، الضحايا أنفسهم مذنبون بدرجة كبيرة في وضعهم. في نهاية المطاف، وخلال عشرات السنين، اتهم إسرائيليون ضحايا الكارثة بأنهم ذهبوا إلى المذبح كالخراف. ثم أرفقوا بالكارثة صفة البطولة بعد سنوات كثيرة.
ثمة اتهام مشابه وجهته إسرائيل ضد اللاجئين الفلسطينيين: هم الذين تسببوا لأنفسهم باللجوء، وإسرائيل اليوم غير مذنبة كون الأوكرانيين غير مستعدين للموت من أجل وطنهم. ليس الشعب اليهودي وحده الذي يدرك فرادته في أن يكون ضحية، بل ودولته تعرف ماذا يعني أن تكون محاطاً بالأعداء. ولكنها حال التاريخ، القوي باق. باختصار، اتركونا. كل أوكراني أو أريتيري أو سوداني أو فيتنامي جاءنا هو شخص زائد، وعليه أن يشكرنا.
المسؤول عن هذا العرض المثير للغضب أولئك الذين يريدون من دولة إسرائيل التخلي عن القيم اليهودية والتمسك بالقيم العالمية من أجل إنقاذ اللاجئين. يبدو أنهم لا يدركون شرك التناقض الذي يسقطون فيه. ولكن الشعب الذي يعتبر نفسه منارة للأغيار سيتبنى قيم الأغيار، ويترتب على ذلك أن دولة شعب الله المختار غير مخولة بتدنيس تميزه عن طريق استيعاب قيم أجنبية في داخله. هذا الأمر يشبه التناقض الموجود في اعتبارها دولة يهودية وديمقراطية. إسرائيل ليست دولة عالمية، فقيمها تستند إلى الكتابات المقدسة وتفسيرات حكماء الشريعة. فيها جنس مسيطر، صفاته غير عرقية بل يهودية من سلالة واحدة، الأرثوذكسية.
الأكثر غرابة من ذلك هو كيف لا يميز من يحملون الراية العالمية الليبرالية، اليساريون متبلدو الحس التاريخي، أن الذي يصفون فيه إسرائيل بدولة أبرتهايد يهودية، هم في الوقت نفسه يطلبون منها احتضان أعراق أخرى. ما ينقصنا الآن هو استيعاب بضعة آلاف من الأوكرانيين غير اليهود لتحطيم صورتها كدولة تمييز. ولم نتحدث بعد عن اللامعقول الذي يكمن في المطالبة بإدانة الاحتلال الروسي، بالتحديد من دولة يعتبر الاحتلال عنصراً حيوياً في هويتها. لا يدور الحديث عن النفاق فقط (أوروبا وأمريكا لا يمكنهما تعليمنا معنى النفاق)، فالاستجابة لهذا الطلب يعني التنازل عن الجذور التي تضمن استمرار وجود الدولة. اليهودي الذي يدين الآن روسيا، سيطلب في الغد -لا سمح الله- الانسحاب من “المناطق” [الضفة الغربية].
على إسرائيل ألا تتماهى مع بائسين يهربون من وطنهم، بل مع الدولة التي تعطيها المبرر الأيديولوجي للسيطرة على أرض تعتبرها ذخراً استراتيجياً منذ الأزل. من يهزه عدد اللاجئين والقتلى والأيتام في أوكرانيا عليه أن يتعلم بأن روسيا لا تحتل أوكرانيا، بل تحررها وتنقذ أراضيها. كييف هي الخليل، وخاركيف هي عوفرا، وشبه جزيرة القرم هي السامرة.
بقلم: تسفي برئيل
هآرتس 9/3/2022