الرئيسة \  تقارير  \  هآرتس : توقفوا عن الخوف من بوتين

هآرتس : توقفوا عن الخوف من بوتين

29.03.2022
يوسي ميلمان


يوسي ميلمان
الغد الاردنية
الاثنين 28/3/2022
الجدل حول سياسة إسرائيل في كل ما يتعلق بالحرب بين روسيا وأوكرانيا يتركز على التوتر بين قضايا الكارثة والاخلاق والعدل والقيم العالمية واللاجئين والشفقة الإنسانية وبين ما يعتبر “مصالح أمنية”. تاريخ إسرائيل يثبت أن هذه معركة خاسرة من بدايتها. المصالح دائما تهزم القيم. لذلك، إسرائيل تتجنب تقديم مساعدة عسكرية لأوكرانيا مثلما تفعل الدول الغربية برئاسة أميركا وأعضاء حلف شمال الاطلسي “الناتو” الآخرين.
الرأي السائد الذي تتبناه حكومة إسرائيل برئاسة نفتالي بينيت هو أن المصالح الأمنية تملي علينا عدم اغضاب الرئيس الروسي. لأنه من الذي سيحمينا من غضبه. هذا الافتراض يتم قبوله تقريبا كمسلمة من قبل معظم الجمهور ومتفق عليه أيضا من قبل وزراء الحكومة، بدءا بيئير لبيد وبني غانتس ومرورا بعومر بارليف وميراف ميخائيلي وانتهاء بنيتسان هوروفيتس وتمار زيندبرغ.
ولكن حتى لو تجاهلنا الجوانب الاخلاقية وركزنا فقط على الاعتبارات الباردة والمصالح الأمنية التي هي محببة جدا على متخذي القرارات، فان الخوف من قوة ذراع بوتين هو خوف مبالغ فيه. عندما أرسلت روسيا في أيلول (سبتمبر) 2015 قوة مهمتها في الجو وفي البحر وفي اليابسة لمساعدة جيش بشار الأسد فانهم في إسرائيل دخلوا في حالة ذعر. جهاز الأمن رسم سيناريو رعب فيه روسيا ستمنع إسرائيل من العمل في سورية، وإذا تجاهلت إسرائيل ذلك فان الجيش الروسي سيدخل للعمل وهذا سيؤدي الى مواجهة عسكرية مباشرة بينه وبين الجيش الإسرائيلي.
النتيجة ستكون حسب سيناريو الرعب هذا هي أن إيران ستعمق تواجدها في ارجاء سورية، وبشكل خاص قرب الحدود في هضبة الجولان. بكلمات أخرى، إيران وبمساعدة اذرعها، المليشيات الشيعية وإيران، ستنشر قوات قرب الحدود وستكون لإسرائيل جبهة مزدوجة في الشمال، حزب الله في لبنان وإيران في سورية.
ولكن سرعان ما تبين أنه لم يتغير أي شيء. فإسرائيل واصلت وهي تواصل الآن ايضا مهاجمة أهداف لإيران في سورية دون ازعاج. وقد تم تشكيل قنوات اتصال مباشرة بين غرف عمليات سلاح الجو في مقر وزارة الدفاع وبين تلك الخاصة بسلاح الجو الروسي، في قاعدته التي توجد قرب اللاذقية، والتي تنسق عمليات الجيشين. بهذا يمنعون خطر أن تجد الطائرات الإسرائيلية والروسية نفسها في حالة معارك جوية أو أن يتم استخدام بطاريات روسية مضادة للطائرات ضد طائرات إسرائيلية.
في التصريحات العلنية أوضحت روسيا بأنها تعارض هجمات سلاح الجو الإسرائيلي في سورية. ولكن عمليا هي تغض النظر عنها. وبهذا هي فعليا تشجعها. بوتين يفعل ذلك ليس بسبب حبه لاسرائيل بل بسبب مصالحه. هو يجد قاسما مشتركا مع إسرائيل وهو ابعاد إيران من سورية. لذلك فان روسيا، ليس اقل مما تحتاجه إسرائيل لغض نظر روسيا في سورية، هي تحتاج إسرائيل.
إضافة إلى ذلك، روسيا وفرت للأسد بطاريات متقدمة من صواريخ مضادة للطائرات من نوع “اس300، لكنها تمنع قادة جيشه من استخدامها. أيضا روسيا نشرت في منطقة اللاذقية البطاريات المضادة للطائرات المتقدمة جدا لديها “اس400، التي تستهدف الدفاع عن نشاطات سلاح الجو الروسي في سورية، لكنه لم يتم اطلاقها على طائرات سلاح الجو الإسرائيلي. كل ذلك يدل على أن الرئيس الروسي معني جدا بأن تضرب إسرائيل إيران، وأن لا تتوقف عن تدخلها في سورية.
لماذا إسرائيل لا تخاف من مواجهة المسألة الإيرانية مع حليفتها الكبيرة الولايات المتحدة، بنيامين نتنياهو في عهد باراك أوباما والآن بينيت أمام جو بايدن، لكنها تخشى من التصادم مع بوتين. هل التساوق مع الغرب ليس مصلحة امنية بالنسبة لإسرائيل؟.
لذلك، من الجدير بحكومة بينيت – لبيد الوقوف إلى جانب الغرب في صراعه ضد شر روسيا، ويجب عليها تقديم معدات عسكرية لرئيس اوكرانيا الشجاع، ليس سلاحا هجوميا بل سلاح لا يطلق النار مثل السترات الواقية والخوذ ومعدات طبية للجيش ومساعدة في جمع المعلومات، وربما أيضا ارسال خبراء في قيادة الجبهة الداخلية لانقاذ مواطنين اوكرانيين. بوتين سيغضب جدا من اسرائيل وسيعتبر هذا نكران للجميل، لكنه سيفحص جيدا هل سيقيد حرية عملها في سورية، وبهذا يعمل فعليا ضد مصالحه هو نفسه. في المصالح هو من الذين يفهمون جيدا. يمكن أيضا أن نوضح له بأن مساعدة عسكرية محدودة لاوكرانيا هي مصلحة إسرائيلية، أو على الأقل أنه لم يكن خيار أمام إسرائيل بسبب علاقاتها الخاصة مع الولايات المتحدة.