الرئيسة \  تقارير  \  هآرتس : قصة فتى فلسطيني

هآرتس : قصة فتى فلسطيني

12.04.2022
ميخال بيلك


الغد الاردنية
الاثنين 11/4/2022
أنا ساسميه محمد. الكثيرون يسمون بهذا الاسم، وقصته هي واحدة من بين عديد من القصص. هو ابن 14، يتعلم في الصف التاسع في أحد الأحياء في شرقي القدس. نحيف ووجهه طفولي. في يوم الثلاثاء 8 آذار (مارس) الماضي، عند الساعة الرابعة والنصف فجرا، كسرت “قوات الأمن” باب البيت الذي تسكن فيه عائلة محمد. سحبوه من سريره ورموه في السيارة بعد أن قاموا بتكبيله وعصب عينيه. أمروه بالانحناء. وقد تم احتجازه بين اثنين ضرباه طوال الطريق الى المسكوبية. تم إحضاره الى الغرفة رقم 4، هناك قاموا بتغطية رأسه بكيس واحتجزوه لساعات وهو يجلس على ركبتيه. “تكلم”، ضربوه ضربة أسقطته على الأرض. ضربوه على رأسه وفي كل أنحاء جسمه. شدوا يديه الى الأعلى بالأصفاد ووجههوا نحوه المكيف في الطقس البارد جدا. المحقق همس له بأن يعترف، وعندها سيحصل على شهر سجن. ولكن اذا لم يعترف فسينزلونه الى “الملجأ”.
كل فلسطيني في القدس سمع عن الغرفة 4 في المسكوبية. المعتقل في المسكوبية التي يتم فيها احتجاز معتقلين، بالأساس فلسطينيين، في منشأة الاعتقال التركية القديمة والرطبة. الجميع يعرفون ما الذي يحدث في “ملجأ” الشاباك. محمد عرف أيضا. أصدقاؤه تم إرسالهم الى هناك وأخبروه، قال. ولكنه لم ينكسر ولم يعترف بعمل لم يفعله. لقد فقد الشعور بالوقت. “طلبت ماء”، قال، “عندها ضربوني مرة أخرى ولم يسمحوا لي بالشرب. لم أعترف. لأنني لم أفعل أي شيء”. سألته بماذا فكر في حينه. هو نظر لي باستغراب وقال “لقد خفت”.
عندما أحضر الى جلسة لتمديد اعتقاله شاهد والداه بأن كمامة كورونا التي كان يرتديها يوجد عليها بقعة دماء. وجهه كان منتفخا ومضروبا. أيضا القاضية شاهدت ذلك. “ليس لدي مؤشر”. القاضية واصلت السؤال “هل هناك مخالفة في الملف بأنه قاوم الاعتقال؟”. الجواب: “لا. إذا كانت لديه ادعاءات فيجب أن يتوجه الى جهة مخولة”. كل هذا مكتوب في محضر الجلسة.
قبل ذلك، في 1 آذار (مارس) الماضي، قتل الجنود برصاصة في الرأس الطالب عمار شفيق أبو عفيفة ابن 19، الذي كان يتجول مع صديقه في حرش قرب بيت فجار. في يوم الأحد 13 آذار (مارس) ألقى مستوطنون القبض على ولد عمره 7 سنوات كان يقطف العكوب قرب بير العيد في جنوب جبل الخليل، وقاموا بضربه ضربا مبرحا بسببه احتاج الى العلاج في المستشفى. في 15 آذار (مارس) أطلق مستعربون النار على نادر هيثم ريان ابن 17 سنة وقتلوه في مخيم بلاطة للاجئين. في 16 آذار (مارس) احتجز جنود 6 أولاد على شارع 60 تحت البؤرة الاستيطانية جفعات غال، وقاموا بتوقيفهم على الشارع في البرد الشديد الى حين تم أخذ الثلاثة الأكبر من بينهم الى الاعتقال.
حسب بيانات الشرطة فإنه في كل شهر يعتقل تقريبا 30-40 وحتى 50 قاصرا فلسطينيا في أرجاء الضفة وفي شرقي القدس، معظمهم في “اعتقال ليلي” متعمد، وهو إجراء يتم فيه اقتحام البيوت وأخذهم من السرير في منتصف الليل. جزء من الاعتقالات هي بتهمة رشق الحجارة وجزء نتيجة شكاوى مستوطنين هدفها تنغيص حياة جيرانهم وطردهم من بيوتهم. في أفضل الحالات يتم إطلاق سراح الأولاد من دون أي تفسير. على الأغلب هم يوقعون على صفقة ويتم احتجازهم لأشهر في السجن، لأنه إذا لم يوقعوا فهم سيقضون فترة أطول في انتظار المحاكمة.
آلاف القصر الفلسطينيين يوجدون في السجون الإسرائيلية. هؤلاء لهم حظ جيد. حسب بيانات المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق الطفل -فلسطين- دي.سي.آي.بي فإن قوات الأمن الإسرائيلية قتلت 78 طفلا فلسطينيا في غزة وفي الضفة وفي القدس في العام 2021. منذ العام 2000 وثقت المنظمة قتل 2206 أطفال فلسطينيين. في نهاية 2021 أعلن وزير الدفاع بني غانتس عن هذه المنظمة كمنظمة إرهابية.
ليس فقط دم الفتيان الفلسطينيين هو المشاع، بل حياتهم كلها مشاع. كل أزعر مسلح وكل جندية في حرس الحدود متحمسة للإثارة يمكنهم اعتقالهم، ويفعلون ذلك. في شرقي القدس هذا أصبح أمرا شائعا. أي فتى فلسطيني يذهب الى البقالة في الحي أو إلى المدرسة في البلدة القديمة أو يتنزه في المجمع التجاري في ماميلا مع أصدقائه أو يجلس على الدرج على مدخل بيته، يعد فتى معرضا للخطر. في كل لحظة يمكن أن ينقضوا عليه ويضربونه بالحائط ويأمرونه بإبعاد ساقيه عن بعضهما بعضا ويقومون بتفتيش جسده أمام جميع المارين في الشارع ويفتشون في هاتفه وجيوبه ويأمرونه بخلع ملابسه ويقومون بشتمه وإهانته وضربه ويصوبون السلاح الى رأسه بلا خوف، وأحيانا يطلقون النار عليه. أي فتى فلسطيني يعتبر إمكانية كامنة لمقاومة الاحتلال، لذلك فإن دمه مباح.
أنا أتساءل من هم الأشخاص الذين يمكنهم ضرب وتعذيب ولد مكبل وعيناه معصوبتان. ولكن هذا ليس السؤال الصحيح، بل السؤال هو من هم هؤلاء الأشخاص الذين يخلقون المعيار الذي يسمح لهم وحتى يشجعهم على ضرب الأطفال. من هم المسؤولون عنهم. المسؤولون هم قائد مركز شاليم في شرقي القدس، نائب المفتش رونين حزوت، قائد منطقة القدس المفتش دورون ترجمان، المفتش العام للشرطة يعقوب شبتاي ووزير الأمن الداخلي عومر بارليف وكل شركائه في الحكومة. أيضا الأم الغضة ميراف ميخائيلي وحماة حقوق الإنسان من ميرتس، تمار زيندبرغ ونيتسان هوروفيتس، وجميع المراسلات والمحللين في الاستوديوهات الذين يتعاطفون مع مقاتلي الحرية واللاجئين من أوكرانيا، لكنهم يسمون المقاومة الفلسطينية إرهابا.