الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هبوط تركي آمن في إيران

هبوط تركي آمن في إيران

01.12.2013
سميح صعب


النهار
السبت 30/11/2013
من الواضح ان تركيا هي الاسرع اقليمياً في التقاط اشارات مرحلة التحول السياسي الكبير في المنطقة. وهي تلجأ الى الرافعة الايرانية كي تعيد ترتيب أولوياتها والتكيف مع التغييرات التي ستترتب على التوصل الى الاتفاق النووي بين مجموعة دول خمسة زائد واحد وايران في 24 تشرين الثاني الجاري في جنيف.
وبما ان العقدة السورية تعتبر أبرز ما يعترض التحاق تركيا بالمتغيرات الجارية، فإن طهران هي الكفيلة بضمان الاستدارة التركية وجعل أنقرة لا تبدو أنها خسرت كل رهاناتها على الساحة السورية باعتبارها من أكثر الدول تشددا في الملف السوري وكانت من دعاة الحسم العسكري في سوريا وعدم القبول بأي حل لا يكون حده الادنى اسقاط النظام وتقديم رموزه الى المحاكمة. وقد عملت انقرة للوصول الى ذلك من طريق توفيرها الدعم السياسي والعسكري للمعارضة السورية، حتى باتت اسطنبول عاصمة "الثورة السورية"، لتكتشف أنقرة ان المعارضة غير قادرة على الحسم العسكري ضد النظام وان سوريا ليست ليبيا. واكثر من هذا كله استفاقت تركيا من احلامها لتجد ان "القاعدة"باتت تحدها من الجنوب.
وبعدما وجدت تركيا نفسها في مأزق كبير نتيجة تعثر كل الخطوات التي اقدم عليها رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان في الاعوام الثلاثة الاخيرة، ها انها ترى في مناخ الوفاق الذي يوفره الاتفاق النووي بين ايران والغرب، مخرجا لاعادة النظر في سياساتها الاقليمية، وخصوصاً بعدما تبين ان النظام السوري قد صمد في وجه المعارضة وانتقل الى الهجوم. وقبل عام من الآن كانت الدعوة الى حل سياسي في سوريا تعني بالنسبة الى الاتراك خيانة للشعب السوري. أما اليوم فإن من يسمع وزير الخارجية التركي داعياً الى وقف النار حتى قبل انعقاد مؤتمر جنيف - 2 في 22 كانون الثاني 2014، يصاب بصدمة، فهل هذا هو داود اوغلو نفسه الذي كان يرفض قبل اشهر حتى الحديث عن هدنة مع نظام كان يبدو له ان أمامه أياماً قبل السقوط؟
تركيا تعيد النظر في سياساتها، بعدما سقطت رهاناتها. وهي تلجأ الى ايران والعراق وروسيا من أجل هبوط آمن من السقف العالي لرهاناتها التي اعتقدت لوهلة ان في امكانها ان تعيد اليها مفاتيح الشرق. لكنها نسيت انه ليس بالضرورة ان يعيد التاريخ نفسه، وخصوصاً اذا كانت الولايات المتحدة نفسها تتغير وتعزف عن المضي في خوض حروب الآخرين. وكانت سوريا المثال الاسطع على ذلك حتى قبل الاتفاق الكيميائي والاتفاق النووي. فهل يتعظ سائر الاطراف الاقليميين من الانعطاف التركي؟ ان هجوم "جيش الاسلام"على الغوطة الشرقية لدمشق لا تنبئ بذلك!