الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هذه هي الحقيقة الموجعة والمطلوب اصطفاف عربي سريع

هذه هي الحقيقة الموجعة والمطلوب اصطفاف عربي سريع

28.06.2014
صالح القلاب


الرأي الاردنية
الخميس 26/6/2014
هل أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يا ترى عندما توقف في عمان ،وهو في طريقه إلى بغداد في مهمة كان من الواضح أنها ستكون فاشلة، قد سأل الأردن عن رأيه في هذا الصراع المحتدم في العراق منذ فترة بعيدة والذي كان لابد من أن ينفجر هذا الإنفجار الهائل في العاشر من هذا الشهر الذي جعل عراق اليوم غير عراق ما قبل الأسبوعين الماضيين كما قال الزعيم الكردي مسعود البارزاني؟!
ثم وهل أن كيري قد سأل الأردن أيضاً عن رأيه في إمكانية أن يغتنم الأكراد الفرصة السانحة ويحققوا تطلعاتهم التاريخية ،وهي تطلعات مشروعة لأنه لا يجوز أن يبقوا محرومين مما حصلت عليه شعوب هذه المنطقة.. وشعوب العالم كلها، بإعلان الإستقلال من طرف واحد ورأيه في ما يمكن أن يترتب على هذا الإعلان إن في العراق وإن في الإقليم كله..؟!.
ربما أن كيري خلال توقفه في عمان بعد مروره بالقاهرة قد طرح على من إلتقاهم من المسوؤلين الأردنيين السؤال الأول لكنه لم يطرح السؤال الثاني بالتأكيد لأنه هو لم يكن يتوقع مثل هذه المفاجأة ولأن المؤكد أن أي مسؤول أردني لا يرى أن في مصلحة الأردن أن يكشف أوراقه كلها في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة بالفعل وهنا فإنَّ التكهن بما سمعه وزير الخارجية الأميركي رداً على السؤال الأول قد جعله يذهب إلى بغداد وهو يضرب أخماساً بأسداس إذْ أنَّ المفترض أن معلومات العراق كلها لدى الأميركيين الذي لا زالوا هم المسؤولون عما يجري في هذا البلد الذين احتلوه لنحو ثمانية أعوام وتركوا فيه بعد رحيلهم في عام 2011 مسؤولين من المفترض أنهم لا زالوا يطلعونهم على كل شيء!!.
ولعل ما يجب أن يقال أن الأردن ومع أنه بالتأكيد يعرف كل شاردة وواردة في العراق ليس في مصلحته الوطنية أن يقول لوزير الخارجية الأميركي ولغيره أكثر من أن الضرورة تقضي بالحفاظ على هذا البلد العزيز وعلى وحدته وإستقراره وعلى أمن شعبه وأن الضرورة تقضي بأن يترفع المسؤولون العراقيون عن قضاياهم الشخصية والحزبية والطائفية وأن يغلِّبوا مصلحة وطنهم على كل المصالح ومصلحة وطنهم تقتضي النأي به عن أن يصبح ساحة للصراعات الإقليمية وميداناً لتصفية الحسابات الدولية.
نحن في الأردن لا نستطيع أن نقول إنْ بالنسبة لسوريا وإن بالنسبة للعراق :"حايد عن ظهري بسيطة" والمسألة هنا لا تقتصر على العامل القومي فقط بل هي تتعداه إلى عامل التداخل الجغرافي والسكاني وعامل الأمن الوطني والمصالح المشتركة فالترابط مع هذين البلدين الشقيقين كما مع فلسطين هو ترابط مصيري ولذلك فإن حساباتنا كدولة يجب أن تكون على هذا الصعيد دقيقة والمقصود هنا هو ليس الإنكفاء ووضع الأكفِّ على العيون بل هو أنه علينا أن نتأكد من سلامة طريقنا قبل الإقدام على أي خطوة سياسية أو غير سياسية.. وحقيقة أن هذا هو ما نفعله الآن والذي من المفترض أن نعيد النظر فيه وبسرعة إذا استجدت أي تطورات مصيرية طارئة.
الآن أصبح العراق يتجه إلى أسوأ الخيارات على الإطلاق وهو خيار "الإفتراق" والتقسيم ولهذا ولأن التعامل مع مثل هذه المستجدات لا يجوز أن يكون بمجرد العواطف والأدعية والأماني فإنه لابد من التحرك وبسرعة لبلورة إصطفاف عربي أطرافه على قلب رجل واحد بالنسبة لهذا الأمر يضم بالإضافة إلى الأردن مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات والكويت ومملكة البحرين وإنه لابد من أن يتدخل هذا "الإصطفاف" تدخلاً إيجابياً يشمل  أطراف المشكلة في العراق ويشمل أيضاً من يقف وراء بعضهم ويشمل الولايات المتحدة التي هي مثل البرْد :"سبب كل علَّة".
إذا جرى تثبيت هذا "التقسيم" الخطير الذي إتخذ حدوده وأشكاله شبه النهائية خلال نحو أسبوعين فقط فإن كل الدول المجاورة والمتاخمة ستصبح أمام إستحقاقات وخيارات صعبة فقيام دولة شيعية في الجنوب العراقي سيعني إختراق السكين الإيراني للخاصرة العربية وقيام دولة سنية مقابل هذه الدولة الشيعية المتوقعة سيعني حروباً أقليمية لا نهاية لها أمَّا إقامة الدولة الكردية ،التي مع الأشقاء الأكراد كل الحق في إقامتها والتي من المفترض أن تشمل مناطق تواجدهم القومي التاريخي، فإن قيامها الآن يجب أن يكون مدروساً ومضموناً حتى لا تكون هناك أي تدخلات لا تركية ولا إيرانية وحتى لا تستجد بالإضافة إلى هذه الصراعات والخلافات الطائفية والمذهبية المحتدمة صراعات جديدة.