الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هزيمة النظام الحقيقية وانتصاره المُعلَن

هزيمة النظام الحقيقية وانتصاره المُعلَن

21.06.2020
هشام أسكيف



نداء سوريا
السبت 20/6/2020
منذ أن دأب النظام السوري على تصدير خطابات النصر، بعد سقوط حلب بيده واحتلالها من قطعان إيران وروسيا، والانهيارات التي تلتها في صفوف الثورة المسلحة كانت نظريته في الانتصار قد اخترقت حتى صفوف الثورة، وساد جو انهزامي " قد يكون مبرراً" كأحد تجليات الانكسار، ولكن في حقيقة الأمر أن هذه الانتصارات كانت سراباً ولم يمضِ وقت قصير حتى تبدد الضباب ، وزال السراب واتضحت الصورة، ففي تصريح لافت لممثل الرئيس الأمريكي "جيمس جيفري" عما فعله الأسد بالاقتصاد السوري عبر إنفاقه على الحرب ضد السوريين حين قال : (العام الماضي أضاع مئات الملايين من الدولارات من أجل الهجوم على إدلب ومن حق السوريين أن يسألوه لماذا أضاع هذه الملايين، ولم يحقق نتائج والنظام هو من اتخذ هذه القرارات الخاطئة ويضيع البنزين والمازوت على الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري وقوات النمر) إذن إنَّ النظام لم يصل إلى ما وصل إليه الآن من انهيارات داخلية، وتصدعات -أصبحت فعلياً خطراً عليه أكثر من أي وقت مضى- لم يصل إلى هذا لأنه كان في رحلة صيد طيلة تسعة أعوام بل هناك قوة شعبية قاومته بشدة وأرهقته مالياً، وعسكرياً حتى بات يحول كل مقدرات الدولة لصالح حربه و"نصره المنشود والمزعوم على الشعب" ، فهو في نفس الوقت الذي ينتشي فيه في تحقيق الانتصارات ويعلنها ويدفع بشبيحته إلى الساحات فرحاً، يكون قد خلق عشرات الأزمات خلفه وهي التي خنقته الآن فهو يحوز على الأرض مدمرة بالكامل، أي غير صالحة للعيش، مما يعني أنها بحاجة لملايين الدولارات لإعادة إعمارها وهذه الملايين غير موجودة لا عنده ولا عند حلفائه، ومن جهة أخرى ينفق أموالاً طائلة على هذه الحيازة التي كانت مخصصة للحفاظ على أدنى درجات العيش في مناطق سيطرته مما خلق ويخلق وسيخلق أزمات معيشية خانقة ستخنقه مع "قيصر" ذلك القانون الذي قصم ظهر بعيره وفاقم أزماته التي خلقها بنفسه نتيجة حربه على الشعب ونتيجة المقاومة الشرسة من هذا الشعب على مدى تسعة أعوام.
 
مقاومة شرسة بمساريها المدني والعسكري
ففي الحالة المدنية السلمية هدمت الثورة أركان النظام وخلخلتْ صفوفه المتماسكة منذ عقود، ونقلته إلى حالة التفكك، والذي طال كل مفاصله، إن كان على صعيد البيروقراطية الوظيفية في طبقاتها العليا التي فقد فيها النظام الخبرات الوظيفية والتي كانت تمسك بزمام الطبقة الإدارية أو على صعيد الإدارة الوسطى، وكان ذلك نتيجة الانشقاقات التي طالت كل مناحي الدولة احتجاجاً على القتل العاري الذي ارتكبه النظام إبان الثورة السلمية وتمدد هذا الانشقاق إلى الجسم العسكري لنشهد بعدها المقاومة العسكرية، والتي أتت بفعل زجّ النظام للجيش في مواجهة الانتفاضة الشعبية العارمة وقصف المدن والتجمعات السكانية والقرى فانطلقت المقاومة المسلحة.
ففي المسار العسكري ورغم كل ما مرت به هذه المقاومة من منحنيات ومنعرجات فهذه الثلة من الصامدين والمقاومين هزموا وبالترتيب وعلى مدى 9 أعوام:
1. النظام بقوته.
2. حزب الله بكامل قوته وفتيانه.
3. 65 ميليشيا طائفية عراقية وأفغانية وباكستانية وإيرانية.
4. إيران بكامل غطرستها وعلى رأسها "قاسم سليماني" والذي طار إلى موسكو يستجدي التدخل فدخلت روسيا والمهمة المعلنة 3 أشهر فإذا نحن في عام تدخُّلهم الخامس ويبحثون عن مخرج.
لقد أنفق النظام كل ما لديه من أرصدة وأصبح عاجزاً إضافة إلى هجرة الشباب بنسب مرتفعة هرباً من التجنيد وهجرة الأموال والاستثمارات في مناخ انعدام الثقة والحرب وانتشار الميليشيات التي استباحت الدولة وحولتها إلى مزارع خاصة ومحميات وإقطاعيات لهم بكل ما فيها ومن فيها.
لم يكن كل ما سبق إلا عوامل حقيقية والتي أوصلت النظام اليوم لمرحلة الانهيار التام وهي التي جعلت من كل الدول تجدد العقوبات وضغطت بدورها فأخرجت قانون "قيصر" إلى النور فلولا هذه المقاومة الشرسة والرفض بكل أشكاله لما رأينا اليوم النظام يلفظ أنفاسه الأخيرة.