الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هزيمة "داعش": التركيز على سورية

هزيمة "داعش": التركيز على سورية

06.09.2014
د. موسى شتيوي



الغد الاردنية
الخميس 4-9-2014
بالرغم من صعوبة التنبؤ بهزيمة تنظيم "داعش" في العراق، إلاّ أن مؤشرات الصراع هناك تدل على أن نجم التنظيم في العراق بدأ بالأفول، وأنه يتراجع عسكرياً، وهزيمته العسكرية أصبحت مسألة وقت ليس أكثر.
هناك مجموعة من العوامل ساعدت في ذلك، منها الدعم العسكري الأميركي/ الأوروبي للأكراد، واستعادة زمام الأمور من قبل الجيش العراقي النظامي، إضافة إلى مشاركة بعض الميليشيات الشيعية في بعض المعارك، وأخيراً الضربات العسكرية الجوية التي توجهها القوات الأميركية لميليشيات التنظيم وبنيته التحتية. هذا على الصعيد العسكري، أما على الصعيد السياسي، فقد شكلت استقالة رئيس الوزراء نوري المالكي، وتكليف حيدر العبادي تشكيل الحكومة، ضمن توافق إقليمي ودولي وعراقي، بداية عملية سياسية قد تفضي إلى حكومة وحدة وطنية يشارك فيها السُنّة، ومن ثم إضعاف الحاضنة الاجتماعية لـ"داعش" ومحاربته سُنياً.
لكن نشاط "داعش" ليس محصوراً بالعراق، بل يمتد لسورية التي استطاع التنظيم أن يحرز تقدماً عسكرياً لافتاً فيها، ليس فقط في حربه ضد النظام، وإنما أيضاً ضد القوى المسلحة المعارضة، مثل الجيش السوري الحرّ، وجبهة النصرة، وغيرهما من التنظيمات المسلحة الأخرى. لقد بات التنظيم يسيطر على ثُلث مساحة سورية وبعض المواقع العسكرية الاستراتيجية للنظام السوري في الرقة، ودير الزور وغيرهما من المناطق.
وفي ضوء هزيمته المتوقعة في العراق، فمن المنتظر أن يوجه "داعش" أنظاره وجهوده إلى سورية، والتي ستكون محاربته فيها أكثر تعقيداً وصعوبة، ليس فقط من منظور عسكري فحسب، بل من منظور سياسي أيضاً. إذ إنه لن يكون ممكناً هزيمة "داعش" في سورية من  دون أن تكون هناك مشاركة من قبل الجيش النظامي والمعارضة المسلحة. والمشكلة أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والسعودية، وهي أطراف رئيسة في التحالف ضد "داعش" في العراق، على خصومة شديدة مع بشار الأسد والنظام السوري، ومن ثم سيشكل التعامل مع هذا النظام عبئاً أخلاقياً وسياسياً كبيراً على كل هذه الأطراف.
الخيط الوحيد الذي يمكن أن يشكل مدخلاً للحل، هو التفاهم السعودي-الإيراني، والذي يمكن استثماره في سورية أيضاً في صيغة تحفظ ماء الوجه لإيران حليفة النظام السوري، ولكنه بات يشكل عبئاً عليها، وللسعودية الحليفة للمعارضة والتي لا يمكنها مجابهة "داعش" من دون مشاركة النظام السوري بهذه المجابهة.
إن هندسة إزاحة الأسد أو إعادة تقاسم السلطة في سورية تبدو غير ممكنة في هذه المرحلة. لذلك، فعلى الولايات المتحدة أن تقنع حلفاءها الإقليميين، وبخاصة السعودية، بأن الأولوية الآن هي لمحاربة "داعش"، وليس لتغيير النظام في سورية. وفي المقابل، فإن على إيران أن تقنع حليفها السوري بأنه لا بد من قبول المشاركة بالسلطة من قبل المعارضة، وأن تكون الأولوية الآن لمحاربة تنظيم "داعش". وهذا الحل سوف يلقى قبولاً من قبل روسيا، لأنها دعت في السابق إلى ضرورة مشاركة المعارضة بالسلطة، ولأن النظام السوري بشكله الحالي بدأ يشكل عبئاً مالياً وسياسياً عليها.
لقد أعلن الغرب أن "داعش" يشكل تهديداً لأمنه الوطني، وكذلك لأمن الدول الإقليمية المجاورة لسورية، ولكن ما تزال استراتيجية محاربة "داعش" تركز على العراق، إلا أن الاختبار الحقيقي لقدرة التحالف على هزيمة "داعش" سيكون في سورية وليس في العراق. وذلك يتطلب تشكيل تحالف لا يستطيع استبعاد النظام السوري منه. وهنا تكمن المشكلة؛ لأن الغرب وبعض دول الاقليم تتحرج من العمل مع النظام السوري لأسباب معروفة، وهذا ما يتطلب هندسة سياسية خلاقة.