الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هزيمة كاميرون تصعب مهمة اوباما

هزيمة كاميرون تصعب مهمة اوباما

01.09.2013
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
السبت 31/8/2013
سبع ساعات من النقاش الحاد في مجلس العموم البريطاني الذي اعلن في ختامه رفض السماح للحكومة بالمشاركة بتحالف دولي للتدخل ضد النظام السوري ردا على استخدامه اسلحة كيماوية، سيكون له اثر كبير على سيناريو التدخل الاجنبي العسكري او على صورة بريطانيا في العالم وعلى مستقبل رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.
نتيجة التصويت في مجلس العموم ابرزت مدى مرارة التركة التي تحملها بريطانيا جراء تورطها في حرب العراق، فالنواب الذين لم يصدقوا ان التدخل سيكون من خلال ضربات عسكرية محدودة ولفترة محددة، كانوا بتصويتهم يوم الخميس يعتذرون عن قرار سابق اتخذوه قبل عشر سنوات.
ورغم ان هاجس الخوف من تكرار السيناريو العراقي كان له الاثر الاكبر برفض مذكرة الحكومة التي صوت ضدها 285 نائبا بينهم 30 من حزب المحافظين مقابل 272 ايدوها، الا ان عوامل بريطانية داخلية اثرت على نتيجة التصويت، ومن ضمن هذه العوامل، كانت الاوضاع الاقتصادية، فبعد تخفيض ميزانية الدفاع وجد البريطانيون انفسهم امام طرح مشاركة في حرب تتطلب انفاقا كبيرا، واذا كانت نفقات المشاركة في حروب سابقة مثل العراق وليبيا يمكن تغطيتها بمشاركة خليجية كريمة، وصفقات اقتصادية واعدة، الا انه في حالة سورية ستتحمل الخزانة البريطانية تكاليف باهظة.
‘ ومن العوامل الداخلية الاخرى، كان انتهاز حزب العمال الفرصة ليستعيد شعبيته ويعمل جاهدا لغسل الاوساخ التي تركها رئيس الوزراء العمالي السابق توني بلير بعد تصدره حملة الحرب على العراق عام 2003.
‘ ولا يمكن استبعاد عامل آخر تمثل بالمزاج البريطاني، الذي لم يعد هاجسه ان تكون بلاده في مقدمة الصفوف لاي عمل عسكري دولي.
ديفيد كاميرون ذهب الى مجلس العموم البريطاني وهو ضعيف، وكان يأمل ان يعطيه المجلس وقرار الحرب دفعة جديدة في شعبيته، لكنه خرج مهزوما واضعف من السابق، فهذه المرة الاولى التي يخسر بها رئيس حكومة بريطانية اقتراعا بشأن المشاركة في الحرب منذ عام 1782، عندما اعترف البرلمان باستقلال امريكا معترضا على شن معارك جديدة لسحق التمرد. ومن غير المستبعد ان ينعكس هذا التصويت على نتيجة الانتخابات البرلمانية المقبلة عام 2015.
هزيمة الحكومة البريطانية ستنعكس بشكل كبير على دورها المحوري في الساحة الدولية، والاهم من ذلك تداعياتها على العلاقة الاستثنائية مع الولايات المتحدة، خاصة ان الدبلوماسيين البريطانيين ورئيس الوزراء نفسه بذلوا جهودا كبيرة لاقناع الرئيس الامريكي باراك اوباما بالتدخل العسكري ضد نظام بشار الاسد.
انسحاب بريطانيا من التحالف سيؤثر على بقية الدول الاوروبية، والمؤشرات تظهر اعتماد التحالف العسكري ضد سورية على امريكا وتركيا وفرنسا ومشاركة خليجية محدودة.
وباريس التي ستعمل على الاستفادة من التوتر بالعلاقة بين واشنطن ولندن، ستشارك وهي عرجاء، فبالرغم من ان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ليس مضطرا لانتظار موافقة برلمانية وبوسعه اتخاذ القرار بنفسه، الا ان ذلك لن يكون سهلا، فقد بدأت وسائل اعلام فرنسية تشن حملة ضد خطط المشاركة، معتبرة ان فرنسا على عكس قرار تدخلها في مالي، ليست من يدير اللعبة، وان قرارات واماكن وسيناريوهات التدخل ستحددها الولايات المتحدة، مما سيحرمها من مساحة التحرك التي حازت عليها في الشرق الاوسط منذ فترة الجنرال ديغول.
لا يبدو ان عدم مشاركة بريطانيا بالتدخل العسكري سيلغيه، او سيكون بمثابة طوق نجاة للرئيس الاسد، لكنه سيصعب مهمة الرئيس اوباما وسيؤثر على زخم الاندفاعة الامريكية وعلى الجدل المستند اليه، وهو الذهاب بتحالف دولي قوي.