الرئيسة \  تقارير  \  هل آتت الضغوط على بايدن بشأن غزة أكلها؟

هل آتت الضغوط على بايدن بشأن غزة أكلها؟

28.03.2024
محمد المنشاوي




هل آتت الضغوط على بايدن بشأن غزة أكلها؟
محمد المنشاوي
الجزيرة
الأربعاء 27/3/2024
واشنطن- خلال المؤتمر الصحفي اليومي للبيت الأبيض، أول أمس الاثنين، وعقب امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على قرار مجلس الأمن 2728، الذي يطالب بوقف فوري للقتال في قطاع غزة، وجه صحفي سؤالا للمتحدث الرسمي باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، جاء فيه "هناك مسؤولون أميركيون اليوم يقولون إن نتنياهو يتصرف بهذه الطريقة لأنه يواجه بعض الضغوط السياسية الداخلية، لكن ألا توجد أيضا ضغوط سياسية داخلية تواجه الرئيس بايدن، وهذا جزء من سبب ما سمحتم به اليوم (أي الامتناع عن استخدام حق النقض "الفيتو)؟".
وأضاف الصحفي "لديك أعضاء في الحزب الديمقراطي يقولون إن بايدن يفعل هذا بشكل خاطئ، لديك رأي عام يرى أن دعم إسرائيل في غير محله، أليس هذا جزءا من وراء ما حدث اليوم؟".
لكن كيربي رد بغضب قائلا "لا، لا على الإطلاق، وعلي أن أعترض على فرضية السؤال، يتخذ الرئيس بايدن القرارات بناء على مصالح واعتبارات الأمن القومي للولايات المتحدة، وهذا القرار بالامتناع عن التصويت على هذا القرار يتماشى مع مصالح الأمن القومي الأميركي، وبصراحة تامة، إنه يتماشى مع مخاوف الأمن القومي للشعب الإسرائيلي".
حسابات بايدن داخلية
يُلحق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ضررا حقيقيا بصورة أميركا في جميع أنحاء العالم، مما يجعل إدارة بايدن تبدو متواطئة بالعدوان على أطفال ونساء وشيوخ غزة، وما قامت به واشنطن مؤخرا من إسقاط الطعام والمساعدات الإغاثية جوا على السكان النازحين والجوعى في غزة، بينما توفر في الوقت نفسه الأسلحة العسكرية التي أجبرتهم على الفرار وعرضتهم لخطر المجاعة، يثير غضب الملايين حول العالم.
غير أن الأهم أنه يؤثر أيضا داخليا، ويعرض فرص إعادة انتخاب بايدن للخطر، وهو ما يعطي البيت الأبيض سببا آخر للتشدد في موقفه، وللتعامل مع الواقع الداخلي المتغير في الولايات المتحدة، جاء خطاب زعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ، السيناتور تشاك شومر، وهو يهودي وأحد أقوى المدافعين عن إسرائيل، ليعلن فيه أن سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيئة لإسرائيل، وهو ما دعمه بايدن بدوره.
وذكر دبلوماسي عربي للجزيرة نت أنه "لا توجد خلافات فعلية بين الموقفين الإسرائيلي والأميركي، فلو أرادت إدارة بايدن الضغط على نتنياهو، ما كانت لتنتظر 6 أشهر قبل أن تبعث إشارات رمزية على عدم رضاها عن طريقة قيام إسرائيل بحملتها العسكرية في قطاع غزة، التي نتج عنها مقتل أكثر من 32 ألف مدني".
وأوضح قائلا "الرئيس السابق رونالد ريغان ضغط على حكومة الليكود وأجبر إسرائيل على الخروج من لبنان، بوش الأب أوقف ضمانات القروض لإسرائيل قبل مؤتمر مدريد، أميركا ليست دولة صغيرة، ولديها كروت وأدوات كثيرة لإجبار حليف يعتمد تماما عليها استخباراتيا ودبلوماسيا وقانونيا وعسكريا، للقيام بما تريد، وبايدن ببساطة يرى أنه لا داعي لذلك، ما يشغله هو الإحراج العالمي، وصوت الناخب الأميركي العربي والمسلم".
معيار الانتخابات القادمة
يعكس الموقف الأميركي إدراك الرئيس الأميركي جو بايدن وفريقه لأهمية أصوات التيار التقدمي والشباب، ومئات الآلاف من العرب والمسلمين الأميركيين، خاصة بعدما أرسلت ولايتي ميشيغان ومينيسوتا رسائل قاسية للرئيس بايدن في الانتخابات التمهيدية بالولايتين المتأرجحتين.
فقد خسر بايدن أصوات أكثر من 100 ألف ناخب ديمقراطي ممن صوتوا بـ"uncommitted" (غير ملتزم)، بنسبة وصلت إلى 13.2% في ولاية ميشيغان، أو ما يعادل 102 ألف ناخب، وفي ولاية مينيسوتا صوت أكثر من 45 ألف ناخب على الخيار ذاته، بنسبة وصلت إلى 19%.
ولم تعكس نتائج الانتخابات التمهيدية في ميشيغان ومينيسوتا تقييم قوة الرئيس بايدن فحسب، في اثنين من أهم الولايات المتأرجحة التي تمثل ساحة معركة رئيسية أمام غريمه المرشح الجمهوري دونالد ترامب، بل ستكون أيضا بمثابة اختبار حاسم لثمن رفض بايدن الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة.
وفي حديث للجزيرة نت، ذكر غريغوري أفتانديليان، خبير ملف سلام الشرق الأوسط والأستاذ بالجامعة الأميركية في واشنطن أن "بايدن يأمل من خلال السماح بتمرير قرار مجلس الأمن الدولي أن يحشد الدعم بين الديمقراطيين التقدميين، الذين انتقدوا بشدة سياسته في غزة".
بايدن يغير موقفه
وعلى النقيض، يرى عدد من المعلقين أن امتناع الولايات المتحدة عن التصويت أول مؤشر حقيقي على أن الضغط على الرئيس بايدن لمعالجة كوارث موقفه من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يؤتي ثماره.
فخلال عطلة نهاية الأسبوع، جرت مفاوضات مكثفة في أعقاب تهديد الولايات المتحدة بأنها ستستخدم حق النقض ضد أي قرار لا "يدعم الدبلوماسية على الأرض"، أو الجهود الدبلوماسية لقطر ومصر والولايات المتحدة، وسعت إدارة بايدن إلى ربط وقف إطلاق النار بإطلاق سراح جميع الرهائن.
وكان من الممكن أن يجعل هذا الربط إحدى القضايا رهينة للأخرى، وهو ما يتسق مع الموقف الإسرائيلي، الذي لا يريد أي ضغط ضد القصف العشوائي على غزة حتى يتم إطلاق سراح جميع الرهائن، مما يجعل جميع سكان غزة رهائن فعليا.
والقرار الذي تم تمريره لا يلبي الطلب الأميركي، وبدلا من ذلك، فإنه يجمع بين المطلبين، أي وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في بند واحد من حيث المنطوق، ولكن دون الربط بين المسألتين.
ويبقى السؤال حول إذا ما ستستمر الولايات المتحدة في بيع الأسلحة لإسرائيل، حتى لو استمرت في رفضها وقف إطلاق النار، فمن الناحية القانونية، لا يلزم القرار الولايات المتحدة بوقف مبيعات الأسلحة، ولكن من الناحية السياسية، سيكون هناك ضغط إضافي على واشنطن للمساعدة في تنفيذ القرار، بدلا من مجرد التصرف كمتفرج على وقف إطلاق النار.
وحتى الآن ترفض إدارة بايدن جميع الاتهامات لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب، بإعلانها أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها.
ولكن مع مطالبة مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، قد يكون من الصعب على بايدن الاستمرار في غض الطرف عن عمليات القتل الإسرائيلية العشوائية في غزة.