الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل آن أوانُ (الزمن العربي)؟

هل آن أوانُ (الزمن العربي)؟

11.05.2015
وائل مرزا



المدينة
الاحد 10-5-2015
هل آن أوانُ (الزمن العربي)؟ "لم أرَ على مدى عقدين من الزمن قضيتهُما في واشنطن هذه الدرجة من الاستنفار. يصدقُ الأمر على الحكومة [الأمريكية] بسلطتيها التنفيذية والتشريعية، ومعها أجهزة الأمن والاستخبارات ، مروراً بمراكز الأبحاث والدراسات في العاصمة، وانتهاءً بالسلك الدبلوماسي فيها".
بهذه الكلمات عبَّرَ دبلوماسيٌ عربيٌ رفيع المستوى في العاصمة الأمريكية عن أجواء هذه المدينة خلال الأسابيع الماضية، وتحديداً، منذ اليوم الأول لاستلام الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم .
ثمة (انقلابٌ) هائل تشعرُ الأوساط المذكورة أعلاه أن المنطقة العربية تعيشهُ منذ القرارات الملكية التي صدرت بعد ساعات من تلك اللحظة التاريخية . مايرمي إليه الدبلوماسي أن كل الجهات ذات العلاقة بشؤون الشرق الأوسط في واشنطن، تبذل جهداً غير مسبوق في ملاحقة المتغيرات الواسعة التي تنتج عن تلك القرارات ..
"لقد بتنا نترقب مساء كل يوم احتمال أن نسمع قرارات جديدة" قال مسؤولٌ في الخارجية الأمريكية تعليقاً على كلام الدبلوماسي العربي، ثم تابع: "هذا أمرٌ جديدٌ تماماً في تلك المنطقة من العالم. لسنا هنا معتادين أبداً على هذه الديناميكية السياسية. ومن اتصالاتنا بكثيرين في المنطقة، يبدو أنها [أي الديناميكية الجديدة] تصيب البعض بالحيرة.. لكن الواضح في النهاية أن الجميع يستوعبون تدريجياً ماجرى ويجري، ولايبدو ثمة خيارٌ آخر سوى السيرُ في نفس الاتجاه.. قد يكون الأمر مبكراً، لكن البعض يتحدث هنا عن نمطٍ مختلف من القيادة في المنطقة ربما ينتج عنه زمنٌ عربيٌ جديد". لايكفي مقالٌ لاستعراض التحليلات والآراء والتوقعات التي تنتشر بشكلٍ كثيف في العاصمة الأمريكية بخصوص التغييرات المتسارعة التي تجري في الشرق العربي وجواره، وإذ تتباين تلك التحليلات والآراء، إلا أن هناك شبه إجماع على ثلاث قضايا:
فأولاً، لايُنكرُ المراقبون أن الملك سلمان كان الرجل الذي ألقى حجراً كبيراً في المياه الراكدة، حين يتعلق الأمر بممارسة السياسة، الخارجية والداخلية، بمفهومها العربي. ثم إن هؤلاء يؤكدون على المفارقة التي تتمثل في أن (الانقلاب العربي) حصل، وبسرعةٍ قياسية، في وقتٍ يُمثل قمة النشوة الإيرانية الناتجة عن وَهمِ الإيرانيين بإتمام سيطرتهم على المنطقة، وهذا ما أصابهم بصدمةٍ سياسية لاتزال آثارها واضحةً . وهو مايدفع الأمريكان أيضاً لمراجعة تحليلاتهم السابقة.. أخيراً، لايستغرب المراقبون، إذا استمرت مسيرة القيادة على ماهي عليه، حصول تغييراتٍ شاملة في المنطقة يمكن أن تصب في صالح العرب، وبتوازنات جديدة خلاقة يمكن أن تستوعب كل الفوضى السائدة في هذه المرحلة.
وإذ يتصاعد الحديث، والتحضير، للقمة الخليجية الأمريكية القادمة، يترددُ في واشنطن أن المعنيين فيها أخذوا علماً بجدية التحضير الذي يقوم به الخليجيون بقيادةٍ سعودية. ولفتَ الانتباهَ حديثُ الخليجيين بصوتٍ موحد، وحضور الرئيس الفرنسي.. والقرارات الختامية الصارمة، خاصةً فيما يتعلق بالقضايا الخلافية مع الولايات المتحدة.
هنا، تحديداً، كان القرار الجماعي المُعلن للقمة بعقد مؤتمر للمعارضة السورية في الرياض للتحضير لترتيبات مابعد رحيل الأسد، وقبلَها كلام الملك سلمان الصريح والواضح بأن الأسد ليس له مكانٌ حتى في المرحلة الانتقالية، نقطة حسمٍ استراتيجية للموضوع السوري الذي تُشكلُ مآلاته مدخلاً رئيساً للتعامل مع الموضوع الإيراني الأكثر حساسيةً في الحوار القادم مع أوباما. لهذا، تبدو الحاجة مُلحةً لأن تفهم المعارضة السورية، بأي طريقة.. الأبعاد الاستراتيجية للوضع الراهن.. علَّها تتصرفُ بطريقةٍ تليقُ بِجِّدية الحدث.. تُعجب الثقافة الأمريكية، بمعاني القوة والحزم، وتَحترم أصحابها. وهذا يظهرُ بوضوح في الحوارات الدائرة في العاصمة عن الوضع العربي. وإذا كان أوباماً رجل (الواقعية) الأكبر الذي يأخذ المُعطيات على الأرض في حسابه، فإن تَعامُلَ الخليجيين معه في القمة القادمة بناءً على الأمرين السابقين يُرشِّحانِها لتكون، فعلاً، بداية زمنٍ عربي جديد، وصناعة تاريخ يكتب سطوره سلمان بن عبد العزيز