الرئيسة \  مشاركات  \  هل أصبحت سورية حقل رمي يصوب عليه كل من هب ودب؟

هل أصبحت سورية حقل رمي يصوب عليه كل من هب ودب؟

01.10.2014
الطاهر إبراهيم





سوريون كثر لا يعرفون أن الجيش السوري الوطني الذي تشكل بداية الاستقلال عام 1946، كان يكيل لإسرائيل الصاع صاعين بكل مناوشة تجري بين الطرفين عبر الحدود. وفي إحدى هذه المعارك على الحدود مع إسرائيل استطاع العقيد شحود بن رفيق الأتاسي عام 1960 أن يتصدى لقوات إسرائيلية، حاولت اختراق الجبهة من جهة قرية التوافيق، خسر فيها السوريون ثلاثة جنود سقطوا شهداء وخمسة جرحى،بينما مني العدو بأضعاف هذه الخسائر فكبدت قواته خمسين قتيلا ومائة جريح.
لكنه ومنذ أن استلم حزب البعث الحكم لم يعرف الجيش السوري إلا الهزائم. فقد خسر الجيش بقيادة وزير الدفاع آنذاك اللواء حافظ أسد هضبة الجولان في حرب  حزيران. وبعد أن انقلب على رفاقه البعثيين عام 1970 وأصبح رئيسا لسورية، خاض حرب تشرين أول عام 1973 وخسر 36 قرية ووصل الجيش الإسرائيلي إلى كناكر التي تبعد 20 كيلومترا جنوب دمشق.
عقدت بعدها اتفاقية برعاية وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر، سلم بموجبها حافظ أسد بشروط إسرائيل، وسلمت له إسرائيل أن يبقى رئيسا لسورية ولأولاده بعده، وتوقفت الحرب بينهما. في عهد بشار كانت الطائرات الإسرائيلية تخترق أجواء سورية، حتى اخترقت طائرة حاجز الصوت فوق قصره في اللاذقية وهو نائم فيه. ودمرت مفاعلا شمال دير الزور بقرية الكبر. وفي كل مرة كان يقول وزير الإعلام السوري: سوف نرد في الوقت المناسب.
وجاء الوقت المناسب لكي يرد طيران بشار لا على إسرائيل، بل على المدن السورية. فقصف حلب وإدلب وحمص وريف حماة ودرعا وريف دمشق بالبراميل حيث يكون الناس في بيوتهم وأمام الأفران فيقتل ويدمر والعالم كله يتفرج لا يفعل شيئا. شكلت دولٌ أصدقاءَ شعب سورية. لكن هذا اللوبي كان يبيع السوريين الكلام. أما أصدقاء بشار كإيران فقد أمدته بالمال والنفط، وروسيا التي زودته بالسلاح، وميليشيا حزب إيران في لبنان وأبو الفضل العباس فقد أمدوه بالرجال والعتاد ليقصفوا الشعب السوري. عندما حانت الفرصة كي يوقف بشار أسد عند حده، عقد باراك أوباما مع روسيا صفقة تدمير السلاح الكيماوي لتأمن إسرائيل شر هذا السلاح. أما ال 1300 طفل الذين ماتوا بكيماوي بشار فلم ينالوا من أوباما ولا حتى دمعة مجاملة.
وعندما نهض الثوار السوريون وليس معهم من سلاح إلا البنادق ، تطلعوا إلى أصدقاء الشعب السوري، كما سموا أنفسهم، كي يسلحوا المقاتلين، لكن هؤلاء ما كانوا يريدون تسليح الثوار، وقال أوباما نخشى أن تقع الأسلحة بأيدي الإرهابيين.
بعض قادة المقاتلين السوريين كانوا في السجون السورية. أطلقهم بشار ليحملوا السلاح وليقول للعالم: هؤلاء إرهابيون وليسوا ثوارا. شكل بعضهم جبهة النصرة التي حازت سمعة طيبة عند السوريين لأنها لا تقاتل جيش بشار وحلفه. ورغم أنها أطلقت مؤخر اصحفيا أمريكيا بوساطة قطر، فلم يشفع لها ذلك، فقد هاجمتها الطائرات الأمريكية عندما هاجمت داعش.
قبل سنة من الآن دخل تنظيم الدولة "داعش" إلى سورية وكان قبل ذلك في العراق. وبدلا من أن يقاتل جنود بشار أسد وجه داعش بنادقه إلى فصائل مقاتلة مثل جبهة النصرة وأحرار الشام وصقور الشام ولواء التوحيد. بل إنه أعدم أناسا ليس لهم ناقة ولا جمل. طائرات بشار قصفت كل الفصائل المقاتلة إلا داعش. ورد داعش التحية فقاتل الفصائل المقاتلة وتجنب النظام.بل قام بإعدامات جماعية لسوريين ما جعلهم يشكّون بأنه ربما كان مدسوسا على المقاتلين.
لانعتقد أن ذبح الرهينتين الأمريكيتين كان سببا كافيا كي تجيش أمريكا جيوشها وحلفاءها على داعش. فقد أعدم نظام بشاررهينة أمريكية بعدما أعلنت نائبة الرئيس بشار بثينة شعبان أنه في يداوى بالمستشفى، ثم أعلنت أنه مات. ويوم 29 أيلول اعترف أنه أخطأ التقدير بشأن داعش. 
في الأسباب الحقيقية لتشكيل التحالف، يعتقد محللون عرب أن واشنطن ساءها تصاعد قوة الفصائل الجهادية في سورية حتى كادت تسقط بشار أسد، فاستغلت استيلاء تنظيم داعش على مساحات واسعة في سورية والعراق، ووجد أوباما أن ذبح الصحفيين الأمريكيين حجة تعطيه الحق في الرد، فأعلن تشكيل حلفا ضد داعش. لأنه لا يريد أن يخوض جيشه حربا برية خشية القتل أو الأسر فقد أعلن عن رغبته أن تقوم فصائل سورية معتدلة بملء الفراغ الذي تتركه داعش على الأرض. ما يعني أنه يريد قيام حرب أهلية بين السوريين.
الذين وافقوا على دخول الحرب من العرب، ربما أقنعهم أوباما أنه سيبدأ بداعش ثم يستهدف مراكز السيطرة عند النظام. لكن ما حدث أن طائرات التحالف قصفت مواقع داعش ومواقع جبهة النصرة وأحرار الشام، وما جاورهم من المدنيين.
وهكذا أصبح الشعب السوري حقل رمي يصوب عليه كل من هب ودب. بدأ نظام بشار أسد وحلفاؤه من حزب إيران "حالش" وميليشيا أبو الفضل العباس واستهدفه بعدهم داعش. وها هي واشنطن تشكل تحالفا لتدمير ما تبقى مما لم يدمره بشار من سورية.