الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل أصبح الحسم العسكري في سوريا وهما؟

هل أصبح الحسم العسكري في سوريا وهما؟

20.04.2013
باتر محمد علي وردم

الدستور
السبت 20/4/2013
باستثناء المؤيدين تنظيميا وفكريا للنظام السوري لا أعتقد أن أحدا على وجه البسيطة يريد بقاء هذا النظام في السلطة بعد كافة الجرائم التي ارتكبها تجاه شعبه وتدميره للمدن ورموز الحضارة والثقافة والتاريخ في سوريا في سلوك انتقامي أهوج، ولكن من الناحية السياسية فإن أخبارا سيئة قد تشير إلى أن النظام سيبقى لفترة أطول مما توقع الجميع.
بالرغم من كافة التضحيات والشجاعة التي قدمها الشعب السوري فإن قسوة وتماسك النظام العسكري-الطائفي-العائلي الذي يحكم سوريا كانت أكثر مما توقع الجميع وخاصة مع حصوله على الدعم الروسي والإيراني. بالنسبة للنظام السوري وبعكس الأنظمة العربية الأخرى التي سقطت في ما يسمى الربيع العربي فإن المعركة هي معركة بقاء فلا يوجد يوم تالٍ لسقوط النظام بالنسبة للقادة العسكريين والمدنيين والأمنيين ناهيك عن الشبكة الاجتماعية والطائفية التي يتغذى عليها النظام. في غياب الدعم الخارجي المؤثر للثوار وقوة الدعم الإيراني-الروسي وشعور النظام بمعركة البقاء التي تتطلب أشد أنواع القسوة والبطش، قد يستمر النظام لفترة عدة اشهر في العام الحالي.
التحركات السياسية التي تحدث في المنطقة حاليا تبدو غامضة وغير واضحة وتثير التوتر لدى شعوب المنطقة وخاصة لدينا في الأردن. تصريحات الرئيس السوري قبل يومين حول “النار التي ستصل إلى الأردن” لا تخيف أحدا لدينا فنحن على ثقة بقدرة الدولة عسكريا وأمنيا على الحفاظ على الاستقرار بالرغم من وجود طابور خامس تابع للنظام السوري بين ظهرانينا، وبالرغم من وجود كل مظاهر النشاط السياسي المعارض ولكن مصدر القلق الوحيد هو في تزايد أعداد المقاتلين الجهاديين الذين قد يحصلون على مساحات للعمل داخل سوريا ويضعون الأردن في قائمة الأهداف بعد إسقاط النظام السوري الحتمي، ولو بعد حين.
التدفق المستمر للاجئين السوريين يخلق مشاكل اقتصادية وسياسية في الأردن، وانتقال المقاتلين الجهاديين مهما كان عددهم في طريقه لخلق مشاكل أمنية في المستقبل. ربما قد حان الوقت لدرء الشكوك وتهدئة مصادر القلق أن يتم التحول إلى سياسة الحدود المغلقة التي اتبعتها تركيا منذ حوالي سنة. تركيا التي تضع نفسها في موقع مشارك في الحملة ضد النظام السوري أوقفت تدفق اللاجئين إلى أراضيها بناء على حجة الاستنزاف الاقتصادي بالرغم من ان اقتصاد تركيا أكبر من الأردن بأضعاف وهي لم تستقبل لاجئين بالعدد الذي استقبله الأردن.
ندرك بأن هنالك ضغوطا سياسية واقتصادية على الأردن للزج به في المستنقع السوري. الرأي العام الأردني يحتاج للشفافية والوضوح وأن نعرف ماهية هذه الضغوط. الشعب الأردني متعاطف تماما مع الثورة السورية ولكنه لن يقبل بأن يكون طرفا في مشروع خارجي للتأثير على مسار الثورة وهذا الشعب مستعد لأن يتحمل الضغوط الاقتصادية الخارجية مقابل أن لا يتعرض جندي أردني واحد لموقف يكون فيها ضحية لحرب بالوكالة يتم إدارتها من عواصم مختلفة في العالم وفي المنطقة.
أتمنى أن تفصح حكومتنا عن الضغوط التي تواجهنا وأن تستمع لرأي الشارع الذي سيقف تماما مع الدولة في مواجهة الضغوطات. نتمنى سقوط النظام السوري البائس بأسرع وقت ممكن ولكن لا نريد أن ينجر الأردن إلى أن يكون طرفا في مشروع ثبت منذ اشهر مدى فشله الاستراتيجي وسوء نية القائمين عليه! الحسم العسكري في سوريا ربما أصبح وهما للطرفين والجهد النبيل المطلوب هو في وقف حمام الدم وحماية الدولة السورية من الانهيار.