الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل أوشك النظام السوري على الانهيار؟

هل أوشك النظام السوري على الانهيار؟

16.05.2015
د. موسى شتيوي



الغد الاردنية
الخميس 14-5-2015
بالطبع، لا يمكن التنبؤ ما إذا كان النظام السوري سينهار قريباً أم لا؛ لأن ذلك يدخل في سياق التكهنات غير العلمية. في المقابل، فإن التطورات السياسية والعسكرية على الساحة السورية، تبدأ مرحلة جديدة من الصراع. وللمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة والحرب، يكون مستقبل النظام السوري على المحك. وهناك مجموعة من التطورات اللافتة التي تجعل هذا التساؤل أعلاه مشروعاً.
أولاً، بدأ النظام يفقد زمام المبادرة العسكرية منذ أشهر، بخاصة بعد استيلاء وسيطرة الفصائل المسلحة على محافظة إدلب وجسر الشغور، ونقل المعركة العسكرية إلى المناطق الرئيسة التي يسيطر عليها النظام، بخاصة جنوب دمشق والقلمون ومشارف اللاذقية. فالجيش السوري أصبح منهكاً، ولم يعد قادراً على حرب الكر والفر، لاسيما مع ارتفاع عدد القتلى ضمن صفوفه.
يتبدى ذلك مع ما يمكن وصفه بـ"تصدع النظام"، بخاصة بعد ما حدث مع رستم غزالة، وما تحدثت عنه الأخبار عن اعتقال مدير الاستخبارات علي مملوك بتهمة التخابر مع تركيا. فطوال سنوات الصراع المريرة في سورية، لم يشهد النظام انهيارا وتصدعا كهذا، ما يعني أن النخبة التي يتكون منها النظام السوري لم تعد متماسكة، لا بل قد تكون متناحرة.
ثانياً، الانتصارات المهمة والمتتابعة للمعارضة المسلحة تشير إلى أنها باتت أكثر ثقة وتماسكاً من السابق. وقد يكون أكثر أهمية من الانتصارات العسكرية، بداية تشكل معارضة عسكرية موحدة، تضم طيفاً واسعاً من المعارضة الإسلامية وغير الإسلامية تحت قيادة واحدة، بما يؤدي إلى وقف الاقتتال الداخلي، وتركيز الجهود في الصراع مع النظام.
هذا التطور في واقع المعارضة لا يمكن أن يكون ممكناً لولا التحولات التي نشهدها على مستوى اللاعبين الإقليميين. فمن الواضح أن هناك تحولاً كبيراً في الرؤية السعودية للأزمة في سورية، وخاصة باتجاه تنسيق أكبر، إن لم يكن تحالفاً بين مع تركيا وقطر، باتجاه تشكيل كتلة سُنّية لمواجهة الدعم الإيراني لسورية والنفوذ الإيراني بشكل عام في المنطقة.
لقد كان من أهم مشاكل المعارضة السورية سابقاً تشرذمها وخلافاتها الداخلية المرتبطة بالخلافات بين الأطراف الداعمة لفصائل المعارضة المختلفة. من هنا، فإن توحيد جهود الفصائل المسلحة المعارضة للنظام السوري والدول الداعمة لها، سيكون له أثر مفصلي في الصراع الدائر في سورية.
إن الذي يجري على الساحة السورية ليس منفصلاً عن توجهات السياسة الأميركية نحو سورية، والتي يتمثل جوهرها في ضرورة دعم وتسليح المعارضة المعتدلة، أي الجيش السوري الحر، والذي يتم بالتعاون مع تركيا والأردن، مع استراتيجية التفاوض على مرحلة انتقالية في سورية من خلال المحادثات بين الأطراف كافة.
أما بالنسبة للمعسكر الداعم للنظام السوري، وبخاصة إيران وحزب الله، فهو أيضاً بدأ يعاني من تبعات الأزمة السورية على المستوى السياسي والعسكري والمالي.
لقد أثبت المعسكر الإيراني أنه قادر على خلق المشاكل وتعطيل الحلول السياسية، لكنه أثبت أيضاً أنه عاجز عن تقديم حلول سياسية لهذا النوع من الأزمات؛ سواء كان ذلك في سورية أم في العراق أو اليمن. وبالتالي، فإن الداعمين للنظام في سورية لن يكونوا قادرين على الحرب بالنيابة عنه، وهناك محدودية لقدرتهم على الاستمرار في هذا المستوى من الدعم.
هناك وقائع جديدة وتطورات لافتة في الأزمة السورية، تتمثل في تراجع قدرة النظام السوري عسكرياً، وانكفائه للدفاع عن معاقله. في الوقت نفسه، هناك صعود في قدرات المعارضة المسلحة، ومؤشرات على توحيد جهودها بدعم إقليمي واضح. وهو ما يقود إلى الاستنتاج بأن الوضع أصبح مهيأ لتحولات كبيرة في الأزمة السورية. وانهيار النظام ليس حتمياً، ولكنه أصبح أحد الاحتمالات القوية ضمن احتمالات أخرى.