الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل التحركات السياسية مؤشرًا للحل في سوريا ؟

هل التحركات السياسية مؤشرًا للحل في سوريا ؟

28.03.2016
عبد الله بن علي العليان


الشرق القطرية
الاحد 27/3/2016
من خلال التحركات الدولية ونشاط المفاوضات الأخيرة في جنيف، فإن المؤشرات تبدو في الظرف الراهن أقرب للحل السلمي، وهذا يعني أن هناك رغبة وجدية للحل السلمي من الجميع، بما فيها الدول الكبرى المؤثرة في الأزمة السورية، لتفادي ما أخطر بعد ذلك، لكن المشكلة تكمن في التفاصيل التي تسهم في الخلافات، والتي يبدو أنها قد تثير، أو تؤخر الحل السريع للأزمة السورية التي أرقّت الشعب السوري، بل والمجتمع الدولي والعربي عمومًا بعد خمس سنوات من الصراع، ولا شك أن المفاوضات التي جرت الأيام الماضية، لا تزال متأرجحة، ولم تسفر عن تقارب وجهات النظر، والسبب أن المفاوضين من الجانب النظام السوري، ليسوا في المستوى الذي يجعلهم قادرين على اتخاذ مواقف وقرارات، تعجل بتقارب وجهات النظر، وهذا ما قاله بعض أركان المعارضة في بعض التصريحات، وقاله أيضًا مبعوث الأمم المتحدة، (دي ميستورا) الجمعة الماضية، بعد عدة أيام من المفاوضات المكثفة في جنيف "إن على الحكومة السورية بذل مزيد من الجهد لتقديم أفكار تتعلق بالانتقال السياسي وعدم الاكتفاء بالحديث عن مبادئ عملية السلام.
وأضاف دي ميستورا للصحفيين بعد أيام من اجتماعات مع وفدي الحكومة السورية والهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة السورية (نحن في عجلة من أمرنا) !
وأضاف مبعوث الأمم المتحدة أنه أعطى الطرفين مقترحات لتحقيق طلبه من أجل بداية أسرع للمفاوضات يوم الإثنين، وقال إنه خلال الأسبوع الثاني من المفاوضات سيسعى لبناء قاعدة تمثل "الحد الأدنى من العمل المشترك" الذي يمكن من خلاله تحقيق تفاهم أفضل بشأن الانتقال السياسي".
والواقع أن أزمة ثقة بين النظام السوري والمعارضة، لا تزال العقبة الرئيسية خلال المباحثات القائمة الآن والتي سبقت في الأشهر الماضية، مع أن المبعوث الأمم المتحدة يبذل جهودًا كبيرة في تقريب المقترحات، للتغلب على الخلافات التي تحتاج إلى مقاربات مقبولة بينهما، للوصول إلى حلول تسهم في وقف الدماء السورية التي تنزف يوميًا، والذي نراه أن الحل قد يتحقق في الأشهر المقبلة للأسباب التالية:
أولًا: الانسحاب الروسي المفاجئ، والذي أربك كل الأطراف، بما فيها النظام السوري، وألقى ارتياحًا لدى المعارضة المعتدلة، وكذلك بعض الدول الغربية. ويرى الكثير من المحللين أن هذا الانسحاب، ربما جاء من خلال الاتصالات مع بعض الدول الغربية وروسيا بأن الحل العسكري، لن يحقق النظام السوري انتصارًا على المعارضة التي ليست بالسهلة في القضاء عليها، ومن الأفضل لروسيا الآن ألا تقع في المستنقع السوري، وهي قد جربت تدخلها في أفغانستان وخسرت كثيرا بشريًا وعسكريًا واقتصاديًا، لكن البعض من المحللين يرى أن الولايات المتحدة، لم تعرف مسبقًا بقرار الانسحاب الروسي من سوريا، وأنها تعاملت بحذر مع هذا القرار المفاجئ، قال جوش إيرنست المتحدث باسم الرئيس الأمريكي في تصريحات له، أنه "لابد لنا من أن نعرف بدقة ما هي النوايا الروسية"، وأضاف في مؤتمره الصحفي "من الصعب علي أن أقيم التداعيات المحتملة لهذا القرار على المفاوضات الجارية، واعتبر أنه من السابق لأوانه التكهن بالتداعيات المحتملة لقرار من هذا النوع على المفاوضات الجارية في جنيف".. وهذا الموقف الأمريكي ـ كما يقول بعض المحللين ـ "يعكس ارتباكًا بعض الشيء من الخطوة الروسية، لكن واشنطن تتعامل مع الأمر بتداعياته وليس بالأخبار المتداولة على صفحات الجرائد"، لذا نقلت وكالة رويترز عن مصادر أمريكية وروسية فيما بعد عن "وجود اتصال بين الرئيس الأمريكي والروسي للتباحث في القرار الروسي الأخير، وعليه ربما ستبنى الأجندة القادمة في المفاوضات".
ووصف الكاتب والباحث السياسي التركي محمد زاهد غل الخطوة الروسية "بالشجاعة" التي ربما قد تكون مدخلا لإعادة تطبيع العلاقات بين موسكو وأنقرة بعد التوتر الذي شهدته في المدة الأخيرة، ورجح أن تسهم الخطوة أيضا في خلق توازنات جديدة في المنطقة تسهم في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية. وأثار غل بدوره تساؤلات حول المتوافقات التي تكون قد حصلت ودفعت بوتين إلى اتخاذ هذا القرار، وقال إن الروس الذين دفعوا دفعا لدخول المستنقع السوري، يريدون تحقيق أهدافهم بالمفاوضات بعد أن فشلوا في تحقيقها على الأرض، حيث إنهم لم يتمكنوا من دحر المعارضة السورية وتقوية حليفهم الأسد.
ورأى أن الروس أدركوا أن بقاءهم العسكري في سوريا لم يعد مهما، ولم يستبعد حصول توافق بينهم وبين الأمريكيين بهذا الشأن، وأن الإيرانيين أيضا أدركوا عجزهم عن تحقيق أي نصر على حساب المعارضة والشعب السوري، وحذر الكاتب والباحث السياسي السوريين من محاولات الالتفاف عليهم، وهذه المرة عن طريق المفاوضات".
ثانيًا: لا شك أن أوروبا تشعر بقلق بالغ، بعد تدفق مئات الألوف من المهاجرين السوريين إلى أوروبا جراء هذا الصراع بين النظام والمعارضة المسلحة، وهذا ما جعل التحرك الغربي سريعًا لمنع تفاقم الأوضاع في المنطقة عمومًا، وفي سوريا على وجه الخصوص، ومنع زيادة المهاجرين من الأراضي السورية إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا، وهو ما تسعى إليه أوروبا وأمريكا، لدفع لتحقيق حل سلمي في أسرع وقت ممكن، وأن الجميع بات يرى أن الوسائل العسكرية بين الطرفين لن تحقق الحل المنشود، لا من طرف النظام السوري، ولا من طرف المعارضة، لكن أوروبا تميل إلى استبعاد بشار الأسد من أي ترتيبات مقبلة لو تمت انتخابات بعد اتفاق الأطراف على الحل السلمي، لذلك تسعى الدول الغربية حثيثًا، مع الأمم المتحدة لتفعيل دور المفاوضات الراهنة، أو لفرض حل إذا استعصت المفاوضات بين هذه الأطراف.
المؤشرات والتوقعات أن الحلول السلمية، أصبحت أقرب الحلول في الأزمة السورية، بعد انسحاب روسيا، وبروز الضغوط على حزب وإيران، في عدم الانجرار في مساندة النظام، لأن أوضاع الشعب السوري الآن، أصبحت مؤلمة وخطيرة، ولذلك لابد من الحل السلمي لحفظ الدماء السورية، ويتنازل النظام عن بعض أجندته السياسية للحل وتفادي التقسيم الذي تشجعه إسرائيل لأهدافها الإستراتيجية حتى لو تنازل بشار الأسد عن رئاسة سوريا في المرحلة القادمة لوقف النزيف السوري وصد تهديد التقسيم.