الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل العدل في سورية أوغيرها أساس الملك ... أم الطائفية؟!!

هل العدل في سورية أوغيرها أساس الملك ... أم الطائفية؟!!

10.06.2015
د. خالد حسن هنداوي



الشرق القطرية
الثلاثاء 9/6/2015
قد يعجب الكثيرون من تناول موضوع العدل الذي يجب توفره في الحاكم إذ بات مؤكدا أن معظم حكامنا العرب والمسلمين ليسوا بعادلين , ولكننا نريد بعد حديثنا الأسبوع الماضي عن العدل أن نثبت ضلال وانحراف الذين يصرون على تأليه الحاكم الجائر ويسبحون بحمده ويدافعون عن تصرفاته سواء كانوا ممن يؤيدونه حقيقة أو كانوا من المنتفعين – و ما أكثرهم – والدليل: أنهم بمجرد زواله هربا أو سجنا أو قتلا يقفون ضده ويحاولون التبرير – وهكذا شأن هؤلاء وأضرابهم من الذين يميلون حسب الموجة دون تجرد ودون إيمان عميق بحب الله وحب الوطن فتضيع الحقائق مبدئيا وللأسف, وقد بين رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أحمد في المسند 5/194 والمزي في تهذيب الكمال 4/ 287 عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – في قول النبي – صلى الله عليه وسلم : "حبك الشيء يعمي ويصم" أي يجعلك أعمى البصيرة والبصر ويغلق أذنيك عن سمع الاستجابة وتصبح من المكابرين, والحديث وإن كان في سنده ضعف إلا أنه صحيح المتن, نقول هذا ونحن نسأل اولئك وغيرهم: هل وجدتم في موقف اللانظام السوري بقيادة الأسد الأب والابن خصوصا غير الظلم بالسجن والقتل و التصفية لكل معارض أنى كان اتجاهه سيما الإسلاميين؟ , وهل وجدتم غير تدمير البلاد من أجل المحافظة على الكرسي الذي نصبه عليه الصهاينة و الأمريكان والروس و الفرس الايرانيون من أجل نصر الطائفية ليس إلا؟, وإذا لم يكن كذلك فكيف يدوم الاتفاق مع هؤلاء لمصلحة اسرائيل التي أعلن مسؤولوها السياسيون هذا الأسبوع تصريحهم بعد المائة أنهم لا يهتمون بالسلام في سوريا بقدرما يهتمون بمصالحهم, هذه المصالح التي لن تتأكد إلا بوجود السفاح الأسد والمحور الداعم له بإبقائه لأنه يقوم بتوفية حقوقهم كاملة وزيادة - ثم ينشبون بالاتفاق فيما بينهم كل أربعة أو خمسة أشهر- سيناريو جديدا أن اسرائيل تضرب سوريا أو حزب الله أو تهدد إيران لذر الرماد في العيون وإعطاء الطابور الخامس دليلا على أن زعماءهم هم مع الممانعة والمقاومة ضد العدو وينسون ويتناسون أن ذلك لم يتم إلا ضد الشعب الأعزل تماما, ولقد بان لكل ذي عينين وبصيرة أن الذين يمدون السفاح الأسد بالمال والرجال والتأييد في المحافل الدولية إنما هم طائفيون مقيتون ويعززون هذه الطائفية قولا في فضائياتهم وعملا في إعانة الطائفيين مثلهم وحالا كما هو مشاهد للجميع, وإلا فقل لي بربك لماذا كل هذا الدفاع عن الديكتاتور لو لم يكونوا مثله بكل طائفية سيما أن أمريكا قد ظهرت أحابيلها وسقطت عنها ورقة التوت وهو ما كنا نحذر منه دوما – أنها مع اللانظام و إلا فكيف يُقصف الحلبيون المدنيون في أسواقهم ويقتلون بالمئات في يوم واحد ولا أحد يعلق من قبل هؤلاء المتناقضين الباطنيين الذين توحدوا مع الايرانيين حيث تقوم مصالحهم في المنطقة مجلس الأمن , الأمم المتحدة , أمريكا , التي لا ترى طائراتها ما يحدث ولا أوباما الذي تشدق بان الأسد فقد شرعيته . و لنتذكر موقف عمار الحكيم مع بوش الابن في أمريكا وهو يقول له: نحن الشيعة رهن إشارتكم و سنبقى كذلك فمُروا ما تشاؤون! وإن الواقع لهو أكبر دليل على ذلك هذه الأيام , وكذلك هل حسب ما يسمى حزب الله و المليشيات العراقية الشيعية و أجناد " قاسم سليماني" وكتائب الكرار وحيدر والجنود الأفغان والباكستانيين الشيعة وغيرهم من جملة الإرهابيين ؟!, بينما غيرهم لا يوسمون إلا بالإرهاب؟ إنها للعبة مكشوفة ستكون نتيجتها نهضة الأمم التي غدت بعيدة عن النهوض إلا أن تسيل دماؤها, وهكذا نجد السيناريو يتكرر في مصر خدمة لإسرائيل آمرة الشيعة, و كذلك اليمن للتغلغل داخل المجتمعات السنية العربية ومن ثم الوصول إلى البلاد الإسلامية غير العربية كذلك, لكن من توفيق الله أن جاءت عاصفة الحزم لتبين فضائحهم وزيف خداعهم , وليبقى الجهاد راية مرفوعة ضد هذه السموم السرطانية التي لاتقبل الحوار أبدا, ولا ترى مصلحتها إلا في القتل و الانتهاك ضد النساء والشيوخ والأطفال والرجال من أهل السنة في العراق وسوريا واليمن و مصر رضاء للأستاذة الكبيرة الصهيونية التي جعلت أمريكا وروسيا ألعوبتين بأيديها دون شك. إن هؤلاء الذين لايرف لهم جفن ولا يرق لهم قلب وهم يقتلون الأطفال حيث ننتشلهم من تحت الأنقاض جراء البراميل المتفجرة والكيماوي ليسوا ببشرعلى الإطلاق . و لكن يجب أن لا ننسى ما جاء في المثل : عديم ووقع في سلة التين ! وكيف يتركون الحكم وهم في التاريخ الطويل لم يذوقوا طعمه البتة!, إذاً فلابد من أن يبقوا أمناء لأسيادهم يطأون العدل بأقدامهم ويدفنونه بمعاولهم كمعظم الأقليات وهكذا فإنهم ليسوا مع القسم الأول من العدالة منذ ظهروا- ألا وهي العدالة التوزيعية التي تبين أن الحاكم ليس له أي ملك في خزينة الدولة بل هو مستأجر عليها, ولم يهتموا أبدا بماورد عن علي رضي الله عنه - كما في مسنده عن الإمام أحمد في مسنده رقم 667 : أنه لما مرت إبل الصدقة برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما أنا بأحقَّ بهذه الوَبَرة من رجل من المسلمين " فالحاكم العادل لا يختص أهل بيته و أقاربه – كما هو حال الأسد سابقا ولاحقا بل غيره بذلك ...! وقد أورد الماوردي في كتابه : الأحكام السلطانية ص 41 :أن من واجبات الحاكم " أن لا يمالئ من ناسبه أو وافقه مذهبه على من بايَنَه في نسب أو خالفه في رأي أو مذهب كما أورد "ابن مسكويه" في "تهذيب الأخلاق وتطهيرالأعراق": أن من صفات الحاكم العادل أنه "لا يعطي ذاته من الخيرات أكثر مما يعطي غيره" ولذلك فإن الاسلام هو الذي أعطى الحقوق وأقام الواجبات بين الحاكم والعمال والموظفين, وكم لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحاكم والعامل المرتشي فقال – كما في صحيح مسلم برقم 27-1832 " لعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الراشي و المرتشي " وقد حاولت بلقيس الملكة أن تدرس شخصية النبي سليمان – عليه السلام – هل يميل إلى الدنيا أم أنه صاحب مبدأ ! ولا فرق في الرشوة بين تسميتها هدية أو رشوة ولذا ذكر ابن مفلح في كتابه المبدع في شرح المقنع 10/40 : أن الهدية تفقأ عين الحاكم ... لأنها بنية الشر لا الخير.
وقال الأستاذ محمد زكريا النداف في كتابه : الأخلاق السياسية : ص: 225 :إن النبي – صلى الله عليه وسلم كان يتقاسم مع الصحابة النعمة مهما قلّت ليشاركهم في النوائب والمحن و لايدير ظهره لأصحابه ولو غطى التراب بطنه الشريف. وأما العدالة القانونية التي هي العدالة الجزائية في القسم الثاني فهي إنما تعني أن الناس سواسية أمام القانون لما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وقد خرجه ابن ماجه برقم 2426 " لا قُدّست أمة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير مُتَعتَع" دون أن يصيبه قلق. فأين القضاء النزيه في سوريا الطائفية والبعثية منذ عام 1963 إذ الناس يقتلون و يموتون تحت التعذيب دون قضاءأصلا بل بمجازر وقصف لا نظير له في الأوسع الأغلب, وهذه هي مصر السيسي كذلك التي لم تجد في عهده أي نزاهة في القضاء بل وزعت الظلم فيه على الكبير و الصغير من الرجال و النساء وحتى الرئيس الشرعي المنتخب د. محمد مرسي إلى حد الإعدام !! إنه الاستعمار الجديد الذي أبقى أمثال هؤلاء لقاء الغض عن سرقاتهم المليارية وقتل الشعوب بمئات الآلاف .إن الإسلام العظيم قد علمنا أن إعفاء الأشراف من العقوبة هو الذي يجعلهم يتمادون في ظلمهم لأن من أَمِن العقوبة أساء الأدب كما هو معروف في الحديث الصحيح عن البخاري برقم 3288 : "كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد, وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها "!! ولعل كل ما يرد قانونا ويواكب نظرة الإسلام يدل على أن الصراع بين الحق و الباطل باق ودائم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, وكذلك فإن الجهاد ماض إلى قيام الساعة أو يوم القيامة) كما في مجمع الزوائد 7/597 عن النبي صلى الله عليه وسلم.ولا شك أن مناجزة العدوالقريب المنافق أولى من العدو البعيد! وهكذا يكتب التاريخ سجلاته - كما قال الطرطوشي في سراج الملوك - 1/220 : "إن الذي يُخلَد به ذكر الملوك على غابر الدهور عدل واضح أو جور فاضح هذا يوجب له الرحمة وهذا يوجب عليه اللعنة " فهل يعي الطائفيون في سوريا و لبنان و العراق واليمن وغيرها أن تاريخهم أسود وسيبقى كذلك وستلعنهم الأجيال إلى يوم الدين.لأنهم ظالمون ولا يملكون قدر ذرة من العدل في الحياة.