الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل انتهى الاهتمام الدولي بالأزمة السورية؟

هل انتهى الاهتمام الدولي بالأزمة السورية؟

10.05.2014
د. موسى شتيوي


الغد الاردنية
8/5/2014
تصدّرت الأزمة السورية الاهتمام الدولي والإقليمي في الأعوام الثلاثة الماضية، والذي بلغ ذروته بانعقاد مؤتمر "جنيف2". لكن بعد فشل المؤتمر في التوصل إلى أي نتائج ملموسة، تراجع الاهتمام الدولي والإقليمي بالأزمة السورية، ويكاد يقتصر، في كثير من الأحيان، على البُعد الإنساني، وأحياناً الأسلحة الكيماوية. وقد يكون سبب تراجع الاهتمام مردّه تعقيد الأزمة السورية وكثرة الأطراف المشاركة فيها، أو بسبب الأزمة الأوكرانية وانشغال الغرب وروسيا بها.
في هذه الأثناء، هناك بعض التطورات على الأزمة التي قد تكون مؤشراً إلى الحلول المستقبلية لها، ومنها:
أولاً، إجراء الانتخابات الرئاسية في بداية حزيران (يونيو) المقبل، مع وجود منافسة شكلية للرئيس بشار الأسد، والذي يعتبر مؤشراً إلى أن النظام قد ضرب عرض الحائط بفكرة حدوث فترة انتقالية للحكم، تتم فيها مشاركة جميع الأطراف. وبصرف النظر عن الشرعية أو عدمها التي تتمتع بها هذه الانتخابات، إلا أنها سوف تستخدم نجاح الأسد لإضفاء الشرعية على استمراره في الحكم بعد هذا الكم الهائل من الضحايا الذين قُتلوا أو هجروا أو غيره. الشرعية ليس هدفها إقليمياً أو دولياً، وإنما داخلي بامتياز.
ثانياً، الوصول، وتحت رعاية أممية وإقليمية، إلى تفاهمات وأشكال مختلفة من الهدنة مع المعارضة المسلحة، وبخاصة في المدن الرئيسة المأهولة، تسمح بخروج المقاتلين وأسرهم شريطة رفع العلم السوري على المناطق التي ينسحبون منها، وبعد ذلك يسمح بدخول المساعدات الإنسانية للمناطق التي يتم الانسحاب منها. وقد يكون ذلك دليل ضعف للنظام أو للمعارضة أو كليهما معاً، ولكن قد يكون أيضاً مؤشراً أو مقدمة لتطورات سياسية لاحقة.
ثالثاً، تراجع الاهتمام والضغط الإقليمي على النظام السوري، أو على الأقل، تراجع حدّته. فبالتأكيد، لم ينتهِ الاهتمام الإقليمي الخليجي والتركي بالقضية السورية. ولكن في ظل غياب الانخراط الفاعل لأميركا في الأزمة، فإن الفعل الإقليمي يتراجع حكماً؛ لأنه يؤدي دوراً تكميلياً، وليس دوراً أساسياً مستقلاً في الأزمة.
رابعاً، الاعتراف الأميركي بالمعارضة السورية في الخارج وبالائتلاف الوطني الذي يرأسه أحمد الجربا، كممثل شرعي للشعب السوري، ولكن من دون إعطائه حق تمثيل سورية أميركياً أو دولياً، لا يعدو كونه خطوة رمزية لا تقدم ولا تؤخر في قدرة المعارضة السورية في الخارج في إحراز أي تقدم سياسي على الأرض، ولن تقدم أو تؤخر في مشروعية الائتلاف لا على المستوى المحلي ولا على المستوى الدولي.
ليس من السهل الاستنتاج بأن الأزمة السورية أصبحت في المقعد الخلفي للاهتمام الدولي والإقليمي. ولكن الشيء المؤكد أنها لم تعد تحتل الأولوية التي احتلتها دولياً وإقليمياً. وهو ما قد يكون لأسباب موضوعية. لكن غياب الاهتمام يعني أيضاً غياب التأثير. وهذا بدوره قد يؤدي إلى بروز قوى وديناميكيات جديدة على الأرض، أو قد يعني أن الأزمة ستبقى مفتوحة، وسوف تشهد المواجهة العسكرية بين النظام والمعارضة المسلحة كراً وفراً. وفي ضوء ذلك، يبدو أن القوى العالمية سوف تُشغل نفسها بمنع التداعيات السياسية للأزمة على الدول المجاورة. والاكتفاء بتقديم المساعدات الإنسانية للاجئين، وترك الدول المضيفة تتحمل العبء الأكبر للاجئين السوريين.