الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل بدأ قطار التسوية السياسية في سورية؟

هل بدأ قطار التسوية السياسية في سورية؟

01.08.2015
د. موسى شتيوي



الغد الاردنية
الخميس 30/7/2015
يبدو أن قطار الحل السياسي للأزمة السورية بدأ يتحرك، ولو ببطء. فهناك جملة من الأحداث والتطورات التي تدعم ذلك. فالمقابلة الأخيرة لبشار الأسد حملت دلالات مهمة، كان أهمها أنه لم يعد قادراً على الحل العسكري للأزمة، عندما أشار إلى أن الجيش لم يعد قادراً على الاحتفاظ بالأراضي السورية كافة. لكن بداية إرهاصات الاتجاه نحو حل سياسي في سورية بدأت عندما التقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أيار (مايو) الماضي في روسيا، حيث تم الاتفاق على الإطار العام لحل الأزمة.
العقدة في الحل السياسي في سورية تمثلت، في البداية، في دور ومستقبل بشار الأسد في المرحلة الانتقالية. المعارضة السورية في الخارج، وحلفاؤها العرب والأتراك، كانوا يصرون على عدم وجود أي دور للأسد في الحل السياسي، لا بل إن خروجه من السلطة كان هدفاً لهذا التحالف. لكن الولايات المتحدة والدول الغربية، ولأسباب وجيهة، أسقطت هذا الشرط، وقالت في أكثر من مناسبة إنه لا يمكن التوصل لحل سلمي للأزمة السورية من دون دور للأسد، لإدراكها أن ذهابه من السلطة قد يعني انهيار النظام في سورية، والانزلاق إلى حرب أهلية محدثة حالة من الفوضى وعدم الاستقرار ليس في سورية وحدها، وإنما في دول الجوار أيضاً.
الأسد والمعسكر الحليف له أيضاً أدركا، وبخاصة بعد الدعم التركي والخليجي المباشر ل"جبهة النصرة" والتنظيمات المتحالفة معها وسقوط مدينة إدلب، أن إمكانية سقوط النظام عسكرياً أصبحت احتمالاً وارداً، وبالتالي ازدادت القناعة لدى النظام وروسيا وإيران بأن الحل السياسي هو الحل الوحيد.
النتيجة أن كل الأطراف الرئيسة في المعادلة السورية أصبحت تدرك أن الحل السياسي هو المخرج الوحيد للأزمة السورية.
الاتفاق النووي بين إيران ودول "5الخميس 30/7/20151" كان له دور في تغير القناعات والمواقف، لا بل إن الإيرانيين والروس أدركوا أنه من غير الممكن أن يحافظوا على مصالحهم في سورية في حال انهيار النظام السوري. كذلك الحال بالنسبة لتركيا، فقد تم الضغط عليها لضبط دعمها ل"جبهة النصرة" والفصائل الأخرى المتحالفة معها؛ لأن الولايات المتحدة تعتبر "النصرة" منظمة إرهابية مرتبطة بالقاعدة، ومن ثم لا يمكن أن تسمح لهذه التنظيمات المتشددة بالاستيلاء على السلطة في سورية بسبب خلفيتها المتشددة، والمخاطر الناجمة على الأقليات السورية، ولاسيما العلويين والمسيحيين والدروز وغيرهم. والتحول الكبير في الموقف التركي المتضمن الانضمام للتحالف الدولي ضد "داعش"، يعتبر تحولاً مهماً بهذا الاتجاه.
الخلاصة أن جميع الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية والسورية بدأت تدرك أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية، وأن المضي بهذا الاتجاه سوف يعني مزيداً من العنف والفشل والدمار والفوضى التي لا تخدم أحداً، وأن الحل السياسي هو الضمانة الوحيدة للمحافظة على الحد الأدنى لمصالح الجميع.
مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي مستورا كان منخرطاً في حوارات مع الأطراف الدولية والإقليمية كافة، واستناداً لذلك سوف يُقدم تقريره لمجلس الأمن بعد فترة بسيطة، يتضمن خطة لعقد مؤتمر "جنيف 3"، لكن هذه المرة بوجود توافقات بسيطة قبل المؤتمر، وبدعم من اللاعبين الدوليين والإقليميين والقوى المحلية.
الحل السلمي كان الخيار الأفضل والوحيد منذ اندلاع الأزمة السورية، لكن يبدو الآن أنه الخيار الوحيد حالياً.