الرئيسة \  مشاركات  \  هل بدأ وفد المعارضة السورية مسلسل التنازلات؟

هل بدأ وفد المعارضة السورية مسلسل التنازلات؟

29.03.2016
الطاهر إبراهيم




أعلن المفوض الأممي ستيفان دي مستورا وثيقة من اثني عشر بندا زعم أن وفد المعارضة وافق عليها ووفد بشار أسد أجل الجواب حتى يعود إلى دمشق. تبين لاحقا للسوريين أن البند الأهم وهو رحيل بشار أسد من سوريا لم يكن ضمن هذه الوثيقة. نعيد إلى الأذهان أن وزير خارجية العربية السعودية عادل الجبير كان أكثر جرأة من وفد المعارضة عندما ردد مرارا: "أن على بشار أسد أن يرحل سلما أو حربا". أما وفد المعارضة  السورية فقال بلسان "بسمة قضماني" المتحدثة باسم الوفد المفاوض للصحافيين، إثر اجتماع مع ستيفان دي ميستورا يوم الخميس: «إنها لحظة فريدة من نوعها ونأمل أن تغتنمها روسيا للضغط»على الرئيس السوري بشار الأسد". أما نحن فنقول: متى كانت روسيا تضغط على النظام ولصالح الشعب السوري؟
نحن لا نتقول على وفد المعارضة،لأنا سمعنا من وفد المعارضة أنهم كانوا مرتاحين من وثيقة دي مستورا التي ختم بها المرحلة الأولى من المفاوضات التي انتهت في25 آذار2016. بينما لم يكن في الوثيقة التي سمعناها من دي مستورا ما يشير من قريب أو بعيد إلى ما صرحت به بسمة قضماني. فنقاط ديمستورا الإثنا عشر ليست حمالة أوجه، بل إنها تترك الباب مفتوحا على مصراعيه لكي تفسرها واشنطن وموسكو على هواهما. 
في آخر تصريح لدي مستورا قال أنه توصل إلى أرضيات مشتركة بين الوفدين. ونحن نسأل: أي أرضية مشتركة تكون بين وفد النظام الذي أعلن أن بشار أسد خط أحمر، ووفد المعارضة الذي كان يقول أن بقاءه هو خط أحمر؟
نلفت النظر أنه سيكون لوثيقة دي مستورا قوة قانونية مثلها مثل قرار مجلس الأمن رقم2254 وقرارات "فينا" وبيان جنيف الأول وكلها لا تشير من قريب أو بعيد إلى ما يطمح إليه الشعب السوري الذي قدم التضحيات منها: مقتل نصف مليون سوري وفقد أو اعتقل مثلهم، وتشريد عشرة ملايين سوري.
على سبيل المثال لا الحصر، يؤكد القرار 2254: "على تشكيل حكومة تضم ممثلين عن المعارضة والحكومة خلال ستة أشهر. هذه الحكومة المختلطة لا نعرف كنهها. كما ينص على صياغة دستور جديد. هذا الدستور لا نعرف كيف يكون؟ فقد يكون مستنسخا من الدستور الذي نص على أن حزب البعث قائد للدولة والمجتمع. وعلى إجراء انتخابات خلال 18 شهرا". هذه الانتخابات قد تتدخل موسكو فتفبرك رئيسا مستنسخا عن بشار. فالإجراءات كلها لا تبين نوع الحكومة ولا نوع الدستور، ولا تتطرق إلى مصير بشار أسد لا تصريحا ولا تلميحا.
من جهة أخرى فإن اللقاء الذي جمع جون كيري وزير الخارجية الأمريكي وسيرغي لافروف  وزير خارجية روسيا الذي كان وفد المعارضة يعلق عليه آمالا كبيرة بأن يضغط كيري على لافروف انتهى إلى لا شيء. فقد صرح نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف: إن واشنطن تفهمت موقف موسكو بأن لا يطرح رحيل بشار أسد الآن.
قبل التحضير للمفاوضات كان وفد المعارضة السورية قد رفع السقوف التي سيفاوض تحتها. ومن هذه السقوف إنه لن يحضر جنيف ما لم تنفذ المواد 12 و13 و14 المشمولة في القرار 2254 التي تتعلق بإطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار عن المدن المحاصرة وإدخال الغذاء والدواء إلى البلدات المحاصرة. لكن وفد المعارضة حضر إلى مبنى الأمم المتحدة والتقى دي مستورا أكثر من مرة،ولم يحصل شيء مما اشترطه آنفا خصوصا إطلاق سراح المعتقلين،إلا ما كان قد اتفق عليه  مسبقا قبل انطلاق عجلة المفاوضات.
ألفت الانتباه أني وجهت خطابا مفتوحا إلى وفد المعارضة السورية نشر في القدس العربي، أحذره من الدخول في المفاوضات ما لم تنفذ المواد 12و13و14،كبادرة حسن نية، لكن الوفد دخل، وها هو يبدي أملا في وثيقة دي مستورا وموادها الإثني عشر. أما نحن فنرى أن كل ما جاء فيها "سقم وعمى"لا يجد فيها الشعب السوري فيها بارقة أمل. وسيحاسب الوفد المفاوض من قبل دي مستورا على تفاؤله هذا. ولن تقبل منه واشنطن وموسكو صرفا ولا عدلا.
أغلب الظن أن جبهة أحرار الشام ستسحب مندوبيها من المفاوضات عندما ينكشف المستور، ويكتشف وفد المعارضة أنه لم ينل عنب اليمن ولا بلح الشام. وإن غدا لناظره قريب.