الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل بدّلت موسكو ثوبها؟

هل بدّلت موسكو ثوبها؟

28.08.2013
امين قمورية



النهار
الثلاثاء 27/8/2013
استخدام الكيميائي في غوطتي دمشق، اذا ثبت فعلا بالادلة والقرائن، لن يكون حدثا عابرا. اللجوء الى سلاح الدمار الشامل يسقط كل "الخطوط الحمر".
ما حدث في الغوطتين منعطف خطير في مسار الازمة من شأنه ان يدفع اللاعبين الكبار والصغار نحو تغيير "قواعد اللعبة". الغرب بات يتصرف وكأن امر استخدام السلاح الخانق شبه مؤكد. وبدا ايضا كأنه يعد العدة للعبة اكبر واوسع واعنف. وسيكون صعبا على روسيا ان تتصرف كما كانت تتصرف من قبل اذا قدر للمفتشين الدوليين ان يثبتوا مسؤولية النظام عما ارتكب.
الغرب يلوح بخيار كوسوفو او بخيارات اخرى تطغى عليها القوة. لافروف يحذر من التدخل العسكري "لان ذلك لن يوقف الحرب الاهلية بل يغذيها".
موسكو تلوّح مجددا باللجوء الى الفيتو لصد اي تفويض اممي لاستخدام القوة. لكن وزير خارجيتها يفاجىء اهل النظام في دمشق وحلفاءهم بان روسيا "لا تعتزم خوض قتال مع احد" اذا ما تقررت الحرب من جانب واحد ومن دون تفويض.
هل يعني ذلك ان موسكو تخلت ايضا عن "خطوطها الحمر" واكتفت بالتحذير من مخاطر التدخل ومترتباته على استقرار الشرق الاوسط وخرائطه، عوض التصدي مباشرة له، وتاليا تركت حليفها وحيدا ليقلع شوكه الاخير بيديه؟ ام ان صفقة سياسية كبيرة باتت في طور النضج ومن شأنها ان تضع كل الاطراف المتقاتلين في سوريا وعليها على سكة الحل السياسي الذي رسمت معالمه في "جنيف - 1" خوفا من فراغ في السلطة او من بديل من النظام الحالي مجهول المعالم والشكل او متطرف بدأ سلوك جماعاته يقلق الاقليم برمته؟ وهل كان اللقاء المثير للتكهنات للامير بندر والرئيس بوتين، ومن ثم الزيارة اللافتة والنادرة للسلطان قابوس لطهران، من ممهدات هذه الصفقة؟ ام ان روسيا تخلت عن تحفظها عن "دولة الاقليات" في جزء من سوريا بعدما عبر قيصر الكرملين عن تخوفه من قيامها؟
لاشيء ينبئ بالتحضير لتدخل عسكري بري في سوريا على الطريقة العراقية، بل لضغوط شديدة من كل الانواع على النظام بما في ذلك ضغوط الاصدقاء والحلفاء. وهدفها على الارجح جر النظام الى طاولة المفاوضات وارغامه على الاذعان لما كان يرفضه على الدوام، وخصوصا قبول مبدأ مشاركة معارضيه في السلطة والصلاحيات الامنية والعسكرية بتأليف حكومة تعددية تضم كل اطياف النسيج الوطني والمتقاتلين في انتظار اجراء انتخابات ديموقراطية، ذلك ان سوريا ما قبل مجزرة "الفجر الكيميائي" المفترضة شيء، وسوريا ما بعدها شيء آخر.