الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل تفتح الضربة باب الحل السياسي أم أن الردّ قد يشعل حرباً في المنطقة؟

هل تفتح الضربة باب الحل السياسي أم أن الردّ قد يشعل حرباً في المنطقة؟

01.09.2013
اميل خوري



النهار
السبت 31/8/2013
إذا كان توقيت الضربة العسكرية لسوريا بات مرتبطاً بتقرير مفتشي الأمم المتحدة حول استخدام السلاح الكيميائي، فإن هذا يطرح الاسئلة الآتية:
أولاً: هل سيحدّد التقرير الجهة التي استخدمت هذا السلاح ام يكتفي بالقول إنه تم استخدامه من دون تحديد الجهة المسؤولة، وإلى من توجه عندئذ الضربة العسكرية؟ هل توجه إلى كلا الطرفين المتقاتلين، النظام والمعارضة؟
ثانياً: إذا حدد التقرير الجهة المسؤولة عن استخدام السلاح الكيميائي بأدلة قاطعة وكان النظام السوري هو هذه الجهة، ما هي الأهداف التي ستتعرض للضربة العسكرية؟ وهل تكون كافية لتعديل موازين القوى على الأرض لمصلحة المعارضة فيتوقف تقدم الجيش النظامي؟
ثالثاً: هل تكون للضربة العسكرية ردود فعل غير محدودة، ومن يقوم بها؟ هل تأتي من الداخل السوري فقط أم تأتي من "حزب الله" في لبنان ومن إيران وعندئذ تفتح الضربة العسكرية المحدودة الأبواب لحرب واسعة في المنطقة وغير محدودة الزمان والمكان؟
رابعاً: هل تعيد دول غربية مثل بريطانيا وألمانيا وإيطاليا النظر في موقفها من الضربة العسكرية إذا جزم تقرير المفتشين الدوليين بأن النظام السوري هو الذي استخدم السلاح الكيميائي ضد المدنيين، فتنضم عندئذ إلى الولايات المتحدة الاميركية في توجيه هذه الضربة وتنتفي أسباب من يعارض ذلك؟
خامساً: هل يطرح تقرير المفتشين الدوليين، إذا كان يحمّل النظام السوري مسؤولية استخدام السلاح الكيميائي، على مجلس الأمن الدولي في محاولة لاتخاذ موقف موحد من النظام يكتفي بإنزال عقوبات شديدة به تجنباً لضربة عسكرية قد يكون لها تداعياتها، ليس على دول الجوار فحسب، بل على المنطقة بكاملها، أم أن اتفاقاً أميركياً - روسياً قد تم على حل سياسي يعقب الضربة المحدودة برد محدود؟
ومهما يكن من أمر تقرير المفتشين الدوليين ومضمونه، فمن سيكون المستفيد من الضربة العسكرية لسوريا، أهو النظام فيها أم المعارضة أم الحل السياسي؟
ثمة من يقول إن الضربة العسكرية إذا كانت محدودة جداً ولا تؤثر في موازين القوى على الأرض، فإن النظام السوري سيكون هو المستفيد منها لأنه سيصوّر نفسه بأنه كان ضحية الاعتداء عليه وقد استطاع أن يواجه هذه الضربة بصمود وتضامن بين الجيش والشعب وأهل الحكم، لا بل انه يصور للرأي العام الداخلي والخارجي انه خرج منتصراً ويستطيع مواصلة حربه على من يسميهم ارهابيين وتكفيريين، وينعكس هذا "الانتصار" على حلفاء سوريا في لبنان والاردن والعراق بحيث تأخذ بهم النشوة الى حد رفع سقف مطالبهم وشروطهم في مواجهة الاطراف الآخرين خصوم النظام.
وثمة من يقول إن الضربة العسكرية لسوريا، وإن تكن محدودة، فإنها تكون قاسية وموجعة وتجعل المعارضة السورية قادرة على الافادة منها في تحقيق تقدم عسكري على الارض يضع مصير الرئيس الاسد في دائرة الخطر ويحسم الأزمة السورية لمصلحتها. لكن إيران و"حزب الله" وربما روسيا قد ترد على هذه الضربة للحؤول دون تحقيق هذه النتائج التي ينتج منها غالب ومغلوب بحيث يتعطل اي حل سياسي، أو يكون حلاً فيه غالب ومغلوب أيضاً.
وهناك من يقول إن الضربة العسكرية لسوريا ستكون محدودة في مكانها وزمانها ونتائجها، والغاية منها حفظ ماء وجه الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي كان قد وضع خطاً أحمر لاستخدام السلاح الكيميائي، ولم يعد من الجائز السكوت على استخدامه لئلا يصبح متاحاً للجميع، وعندها تقع كوارث إنسانية خطيرة يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليتها لأنه لم يضع حداً لها.
والضربة العسكرية، المحدودة بنتائجها، قد لا تستدرج رداً شديداً عليها بفتح أبواب حرب شاملة في المنطقة لا أحد يريد فتحها خصوصاً الدول الكبرى، بل تشق هذه الضربة الطريق الى مؤتمر جنيف – 2 ولا تعود الشروط الصعبة المتبادلة بين طرف النظام السوري وأطراف المعارضة تعرقل انعقاده بل يصبح في مقدور الدول الكبرى صنع حل سياسي عادل ومتوازن استناداً إلى بنود مؤتمر جنيف السابق، ويصبح تشكيل حكومة انتقالية تنتقل إليها كل صلاحيات السلطة في سوريا وتتمثل فيها كل القوى السياسية الاساسية المعتدلة فيها نقطة انطلاق لهذا الحل، ويصير مطلوباً من المعارضات السورية توحيد موقفها لتسهيل تشكيل مثل هذه الحكومة التي تهتم بوضع دستور جديد لسوريا وقانون جديد تجرى الانتخابات النيابية على أساسه كي ينتخب مجلس النواب المنبثق منها رئيسا للجمهورية، وتشكيل حكومة تعيد إعمار ما تهدم في سوريا وتعيد اللاجئين السوريين من دول الجوار إلى منازلهم.
إن الايام القليلة المقبلة هي التي ستجيب عن هذه الاسئلة وغيرها، وخصوصاً عن الضربة العسكرية لسوريا، وهل تفتح باب الحل السلمي أم أبواب الحرب المدمّرة.