الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل تجاوز لبنان سيناريو الحرب الأهلية؟

هل تجاوز لبنان سيناريو الحرب الأهلية؟

13.04.2014
د. محمد مصطفى علوش


الشرق القطرية
السبت 12/4/2014
هل تجاوز لبنان سيناريو الحرب الأهلية؟ سؤال يطرحه اللبنانيون على أنفسهم بعد سلسلة الخطوات التي شرعت الحكومة بها.. أغلب المراقبين ومعهم كتل سياسية فاعلة لم تكن يوم تشكيل الحكومة متفائلة كثيراً بقدرتها على تحسين الأحوال الأمنية، وإن بدا أن الخطوة تأتي في لحظة توافق إقليمي دولي على تحييد لبنان عن الصراع السوري أو على الأقل الحيلولة دون الدفع بالشباك السياسي إلى حدوده القصوى التي قد تؤدي لتفجير الوضع بفعل العوامل الداخلية المزمنة والعوامل الإقليمية القائمة.
يفترض أن تعمر الحكومة بضعة أشهر حيث تستقيل دستورياً بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفاً للرئيس سليمان التي أشرفت ولايته على الانتهاء وبالتالي فالخطوات الجريئة التي تقوم بها على كافة الصعد تشير بأنها ليست حكومة أزمة، فهل كان تشكيلها يهدف لتكليفها إدارة البلاد بشكل كامل عند انتهاء ولاية الرئيس سليمان وعجز البرلمان عن انتخاب رئيس جديد؟ سؤال مازال مطروحا بقوة رغم النفي المتكرر من اللاعبين الأساسيين في الحياة السياسية اللبنانية!.
وبناء عليه كان من الضرورة بمكان أن يؤتى بحكومة تمثل أغلب التيارات وبشكل أدق كلّ الطوائف اللبنانية لحساسية منصب رئاسة الجمهورية من ناحية ولحساسية الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي وصل إليها لبنان بعد ثلاث سنوات من الأزمة السورية.
يوم استقالة حكومة ميقاتي كان الأمر مفهوماً، سواء كان الإخراج بمبادرة من الرئيس ميقاتي على شكل استقالة تفاجأ بها حلفاؤه قبل خصومه أو كان الأمر رسالة مشفرة وصلت للبنان عبر القنوات الآمنة خارجياً.. بكل الأحوال كان الأمر يتطلب ولادة حكومة تعمل بالحدّ الأدنى من التفاهم بين قطبي الرحى في البلاد: حزب الله وما يمثله من ثقل طائفي وسياسي وعسكري وتيار المستقبل صاحب الحق الحصري في تمثيل الطائفة السنية حتى إشعار آخر.
نقطة اللّقاء والالتقاء بين الطرفين لم تكن ممكنة قبل عدة أسابيع، لكن بقدرة قادر حصل اللقاء ووقع التقارب، فخرجت الحكومة إلى النور وباشرت بإنجاز أعمال لم تستطع حكومة ميقاتي أن تواجهها بشكل جذري!
ومثال على ذلك مدينة طرابلس، فبعد عشرين جولة من الاقتتال الطائفي الطاحن تمكنت حكومة سلام خلال أيام بإزالة كلّ التراكمات النفسية والاجتماعية والسياسية للاقتتال العلوي السني في طرابلس، وها هي تتهيأ لتعيد عقارب الساعة إلى الوراء في البقاع بعد أن استقرت لها الأمور في طرابلس والشمال.
طبعاً الإنجاز الأمني لم يكن وارداً لو لم ترفع الجهات السياسية غطاءها عن المليشيات المتقاتلة في طرابلس أو تلك المتهمة بسرقة السيارات وتفخيخها في البقاع. لكن العلو الذي بلغه رفع الغطاء السياسي غير معروف حتى اللحظة، وقد يهوي تماماً في لحظة سياسية حرجة، لبنان اعتاد على تكرارها في محطات عديدة.
التشكيك بالنوايا يتنافى مع المروءة المطلوبة في هذا الظرف الحساس، لكن الخوف مشروع من أن يكون الأمر صفقة غير منجزة تطبق على مراحل، وعند كل مرحلة، يتعين على كلّ طرف أن ينفّذ الالتزامات الملقاة على عاتقه قبل النقاش في شكل المرحلة التالية!
على أي حال، المرحلة الأولى عنوانها الأمن في لبنان، وهذا بإنصاف قطع شوطاً طويلاً في طرابلس، وهو يستكمل مشواره في البقاع وسيتمدد إلى بقية المناطق اللبنانية، ولكن دونه سؤال لطالما هرب من الإجابة عليه الطرفان، وهو: هل الضرب بيد من حديد لكل مخل بالأمن الداخلي قد يضع لبنان على سكة القطار دون الحاجة لعودة حزب الله من سوريا؟ وأي صفقة قد تنجح إذا لم تكن الرؤية واضحة للجميع؟ لا أحد يزعم أن إجابة شافية ووافية قدمها حزب الله لشركائه في الحكومة، ولا شركاؤه يرغبون بطرح السؤال خشية أن تنفجر الحكومة من الداخل ويفقد التيار العائد إلى السلطة الامتيازات السياسية وهو على أبواب استحقاقات كبيرة قد تخرجه من الملعب السياسي إذا لم يكن حاضراً في كل صفقة! وهكذا يعود السؤال حول تجاوز لبنان قطوع الحرب الأهلية معلقاً حتى إشعار آخر!.