الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل تحقق داعش لإسرائيل حلمها القديم؟

هل تحقق داعش لإسرائيل حلمها القديم؟

13.06.2015
د. علي حمد إبراهيم



الشرق القطرية
الخميس 11/6/2015
تقاسمت دولتا فرنسا وبريطانيا، وبمباركة من روسيا القيصرية، النفوذ فى منطقة الهلال الخصيب العربية فى عام 1916 حتى قبل انتهاء الحرب العالمية الأولى باعتبارها الدول التي ستطيح بالامبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى فى نهاية المطاف. بعد انتهاء الحرب وانتصار الحلفاء تم وضع وتوقيع الاتفاقية التى عرفت فى البداية باتفاقية (آسيا الصغرى). ولكنها ما لبثت ان اشتهرت باسم الدبلوماسيين الفرنسى والبريطانى اللذين مهرا الاتفاقية بتوقيعهما المشترك، سير فرانسوا بيكوت، وسير شارلس سيكس. تقاسم الطرفان، الفرنسى والبريطاني منطقة الهلال الخصيب العربية وانشئت فيها على عجل دويلات هشة وغير طبيعية فى الأراضى التى كانت خاضعة لإدارة الامبراطورية العثمانية التى كانت تعبر عن نفسها بأنها دولة الخلافة الإسلامية. وأخرجت الأطراف المتعاقدة إلى الوجود دول سوريا ولبنان والعراق بأشكالها الطائفية والعشائرية بصورة تجعلها دويلات غير طبيعية لجهة منشأها ومكوناتها البشرية والجغرافية غير المتجانسة. بينما اكتفت روسيا القيصرية بمنطقة استانبول وكانت فرحة وجزلة بها. الدارس لتاريخ نشأة هذه الدول لا يغيب عن إحساسه الشعور بأن هذه الدويلات هي دويلات مصطنعة ولن تكون على المدى الطويل قادرة على حماية نفسها ضد أى مخاطر جدية. ولن تكون قادرة كذلك على توطيد دعائم الدولة الوطنية الطبيعية التقليدية القابلة للبقاء السرمدى على سطح البسيطة الدولية بدون دعم خارجي. وبالفعل حافظت هذه الدويلات على وجودها وعمرت طويلا وما زالت باقية رغم كل المخاطر التى أحاطت بها فى الماضى وتلك التى تحيط بها الآن. حدث ذلك بفضل الحماية التى وفرتها لها القوى الدولية التى أخرجتها للوجود أول مرة. هذا أولا. ولعدم تعرض هذه الدويلات لمهددات جدية منذ قيامها وحتى بداية هذا العام فى المقام الثاني.
الآن تستجد في الأفق حالة داعش، أو مجانين الألفية الثالثة، الذين انتحلوا اسم الإسلام وأخذوا يهددون بقاء هذه الدويلات تهديدا جديا للمرة الأولى منذ قيامها. فها هي تخترق حدود هذه الدول وتدمر بعض مكوناتها ومقوماتها وتفتت كياناتها. يحدث هذا في العراق وسوريا وقريبا سيحدث في لبنان التي هي أضعف الحلقات متى التفتت إليها داعش بكلياتها. حال دولتي الهلال الخصيب اليوم، العراق وسوريا خاصة، يغني عن السؤال. العالم الذي شاهد بعض جيوش هذه الدول وهي تهرب من ميادين القتال تاركة أراضيها نهبا للعدو بصورة مزرية ومخجلة لن يصدق أن هذه الدول ستكون قادرة على الصمود في ظل المخاطر الحقيقية والجدية التي أخذت الآن تحيط بهذه الدول وبوجودها. لقد كان حلم إسرائيل منذ مولدها فى عام 1948 وحتى اليوم هو تفتيت المكونات العربية التي أنشأتها ترتيبات اتفاقية سايكس- بيكو باعتبارها مكونات هشة ولا تستطيع البقاء إلا تحت حراب الحراسة الأجنبية. هل تحقق داعش لإسرائيل حلمها القديم هذا. وتفتت لها أجسام دويلات سايكس – بيكو التي ظلت في مكانها القديم بلا لزوم على زعم وقناعة إسرائيل. الزمن وحده هو الكفيل بتوفير الإجابة الشافية على هذا السؤال.