الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل تراجع أمريكا سياستها من "جاستا" إلى سوريا؟

هل تراجع أمريكا سياستها من "جاستا" إلى سوريا؟

03.10.2016
وائل مرزا


المدينة
الاحد 2/10/2016
هل تراجع أمريكا سياستها من "جاستا" إلى سوريا؟ قبل قرابة أسبوع، نشر أستاذان أمريكيان مرموقان متخصصان في القانون الدولي مقالًا تفصيليًا في صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية ينتقدان فيه قانون (جاستا)، مع التأكيد بأنه يخرق أحد المبادئ الرئيسة للقانون الدولي. كيرت برادلي، أستاذ قانون وصناعة السياسات العامة في جامعة ديوك الأمريكية، وجاك غولدسميث، أستاذ القانون في جامعة هارفارد، نشرا المقال قبل قرار الكونغرس بنقض الفيتو الذي استخدمه الرئيس الأمريكي لمحاولة إيقاف القانون على أملٍ منهما بإضافة شيءٍ من (العقلانية) إلى تفكير المشرّعين الأمريكان، دون جدوى، حتى الآن على الأقل.
نضيف العبارة الأخيرة لأن ثمة كلامًا جديدًا يُسمع في دوائر الكونغرس في اليومين الأخيرين، حيث يبدو أن هناك من يهمس في آذان أعضائه بأنهم تصرَّفوا كأطفال يلعبون بلعبةٍ لا يُدركون أخطارها الكبيرة عليهم.
لكن هناك مَن يصرخ علنًا بهذا الخصوص داخل أمريكا وخارجها في الأسبوعين الأخيرين. فتحت عنوان: "لماذا يُشكل قانون جاستا خطرًا على بريطانيا وأجهزتها الأمنية؟"، كتب عضو البرلمان البريطاني توماس توغيندهات مقالًا في صحيفة (التلغراف) البريطانية أعطى فيه الإجابة على سؤاله المذكور. "وفق هذا القانون، يمكن لمواطنين أمريكان مقاضاة الحكومة البريطانية بدعوى الإهمال في التعامل مع الإسلام الراديكالي خلال العقود الماضية"، يقول عضو البرلمان، الذي يتحدث أيضًا عن إدراك البيت الأبيض والخارجية الأمريكية "لاحتمال حصول دعاوى قضائية انتقامية ضد أمريكا في دوائر قضائية مختلفة حول العالم". لكن الكاتب والسياسي المخضرم يلمس وترًا حساسًا حين يشير إلى أن "النظام البنكي العالمي يتضمَّن حقيقة أن أغلب التعاملات المالية الدولية تتم عبر كمبيوترات توجد في أمريكا... ولن يطول الوقت حتى تسمح المحاكم الأجنبية برفع دعاوى ضد أمريكا على أساس الإهمال فيما يتعلق بقضايا تمويل الإرهاب".
أما في أمريكا نفسها فالخبراء يجدون، فيما يبدو، حاجةً للحديث بصراحةٍ أكبر. ففي تحليلٍ مفصل في موقع The Daily Caller الإخباري مثلًا، يكتب عميل الاستخبارات الأمريكية السابق، شيت نايغل، شارحًا كيف أن "أمريكا تستفيد من الحصانة المنبثقة من سيادة الدولة أكثر من أي بلدٍ آخر لأن لدينا نفوذًا، ولأننا نتحرك، في عددٍ من الدول أكثر مما يفعله أي بلدٍ آخر. وقانون جاستا يعني ببساطة أن الجنود والدبلوماسيين الأمريكان سيكونون هدفًا للدعاوى القضائية في العراق وغيره من البلدان... والمفترض بأعضاء الكونغرس الذين فتحوا (صندوق باندورا) أن يدركوا أن مصالحنا سيتم التحكم بها في محاكم أجنبية توفر قدرًا من الحماية ضد الدعاوى القضائية غير المسؤولة هو أقل مما توفره المحاكم الأمريكية". وبعد أن يُذكِّر الأمريكيين أن "هذه المحاكم (الأمريكية) نفسها لم تجد السعودية مذنبةً بتمويل الإرهاب في مرات عديدة"، يعود للوم المشرّعين الأمريكان قائلًا: "رغم ذلك، نرى كيف أن أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب المهمومين بصورتهم السياسية في موسم انتخابات استهدفوا حليفًا مهمًا وقويًا بدلًا من إيران. وبهذا، فإن خلاصة ما فعلوه يتمثل في أنهم وضعوا اقتصادنا وأمننا القومي في خطر".
قد تكون مثل هذه المصارحات، إضافة إلى همسات الأذن الخافتة، هي التي فتحت باب حديث القادة الجمهوريين لمجلسي الشيوخ والنواب، في اليومين الماضيين، عن إمكانية تعديل القانون. وكما يلوم الأطفالُ الآخرين عند شعورهم بأنهم ارتكبوا الخطأ، يشيع الحديث في أوساط الكونغرس الآن عن تقصير الرئيس أوباما في التشاور مع المشرّعين بالشكل المطلوب، وأن حصوله كان يمكن أن يعالج الأمر قبل الوصول إلى هذه الحالة.
هل يمكن، بالمقابل، للرئيس أوباما أن يقوم بمراجعة خطاياه السياسية في سوريا في أسابيعه الأخيرة في البيت البيض، بحيث يُغادره مع شيءٍ من الاحترام للحد الأدنى من المبادئ الإنسانية الواردة في القانون الدولي؟ السؤال مشروع مع تصريحاتٍ لنائب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أكد فيها على أن "الرئيس طلب من جميع الوكالات طرح خيارات بعضها مألوف وبعضها جديد نعكف على مراجعتها بنشاط شديد". الملاحظة أن الرجل قال في إفادته أمام (لجنة العلاقات الخارجية) في مجلس الشيوخ: إن أطرافًا خارجية ضالعة في الصراع قد تبدأ في ضخ مزيد من الموارد، ما قد يضر في نهاية المطاف بالرئيس السوري إضافة إلى روسيا.
من المفيد للعرب أن تزيد أمريكا احترامها للقانون الدولي في جميع الحالات. ودورهم في دفعها لذلك، سواء فيما يتعلق بقانون جاستا أو في سوريا، قد يكون أكبر بكثير مما يتصورون