الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل تريد واشنطن إخضاع نظام الأسد بعد إقرار "قانون قيصر"؟

هل تريد واشنطن إخضاع نظام الأسد بعد إقرار "قانون قيصر"؟

19.12.2019
الخليج أونلاين


واشنطن - الخليج أونلاين (خاص)
الاربعاء 18/12/2019
رغم توثيق أغلب جرائم نظام بشار الأسد من قبل منظمات حقوقية؛ دولية ومحلية، فأنه لم يتوقف عن انتهاكات هائلة في حقوق الإنسان وارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين.
ومع كل الإدانات التي تعرض لها النظام السوري، ومناشدات ومطالبات الجمعيات الحقوقية والأمم المتحدة والدول الغربية (مع عدم وجود تحرك فاعل ضده)، فإنه استمر في قمعه للحراك الشعبي الذي تحول إلى مسلح مع اشتداد أعمال العنف ضده، ثم تحولت الأراضي السورية من الشمال إلى الجنوب إلى ساحات حرب مفتوحة تشارك بها دول كبرى وإقليمية، ومحل لتقاسم النفوذ.
في الآونة الأخيرة، وبعد إعادة نظام الأسد مدعوماً من روسيا وإيران لبسط سيطرته على معظم المناطق التي فقدها خلال السنوات السابقة، يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تجبر النظام على الدخول في المعادلة السياسية عبر استخدام أوراق ضغطها مثل تمرير "قانون قيصر".
معاقبة نظام الأسد
ويوم الثلاثاء (17 ديسمبر 2019)، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون "قيصر" الذي يفرض عقوبات شديدة على نظام الأسد وداعميه بأغلبية 86 صوتاً مؤيداً مقابل 8 أصوات ضده.
وكان القانون قد وصل إلى مجلس الشيوخ عن طريق إدراجه مع قانون "تصريح الدفاع الوطني"، المتعلق بإقرار ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، الذي يحظى بدعم المشرعين من كلا الحزبين؛ الجمهوري والديمقراطي.
ومر من مجلس النواب الأمريكي أربع مرات، خلال الأعوام السابقة، دون أن يحظى بفرصة التصويت في مجلس الشيوخ، ليتحول إلى قانون فعلي في زحمة القوانين ذات الأولوية الأمريكية.
ويوم الأربعاء (11 ديسمبر 2019) وافق أعضاء مجلس النواب على مشروع قانون الميزانية، بأغلبية أصوات وصلت إلى 377 صوتاً مقابل 48، وبموازنة قيمتها 738 مليار دولار، سيتم تخصيصها في مشاريع قانونية عدة، من بينها "قانون قيصر"، حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست".
وبعد موافقة الكونغرس بشقيه (النواب والشيوخ)، يتبقى خطوة واحدة قبل دخول القانون حيز التنفيذ، حيث ينتظر توقيع الرئيس دونالد ترامب ضمن إقرار قانون الدفاع الوطني للعام 2020.
ويفرض القانون عقوبات جديدة على كل من يدعم نظام الأسد المتهم بارتكاب جرائم حرب مالياً أو عينياً أو تكنولوجياً.
وسيشمل القانون توسيع نطاق العقوبات لتشمل قطاعات رئيسية من اقتصاد نظام الأسد أو الكيانات السورية الداعمة له، للوصول إلى مرحلة إعادة إعمار سوريا انطلاقاً من المحاسبة والعدالة لضحايا النظام.
ومن المفترض أن تطال العقوبات القوات الأجنبية، ومن أهمها الجيش الروسي، والمرتزقة المتعاقدون مع نظام الأسد، وشركات الطاقة التابعة له، وكل العقود التي أبرمت مع النظام ستطالها العقوبات.
ما هو قانون "قيصر"؟
في عام 2016 قدم "قانون قيصر" للمرة الأولى إلى أروقة الكونغرس، حاملاً اسم ضابط منشق عن نظام الأسد عام 2014، سرّب 55 ألف صورة لمعتقلين في سجون ومعتقلات النظام السوري، تم قتلهم تحت التعذيب بشكل وحشي وممنهج وفق ما أظهرت الصور المسربة.
وعُرضت تلك الصور في مجلس الشيوخ الأمريكي، حيث أثارت الرأي العام العالمي، وسط مطالب بفرض عقوبات على نظام الأسد وداعميه، وطُرح على الكونغرس كمشروع قرار "لحماية المدنيين" في سوريا، إلا أنه واجه عراقيل عدة وطرأت تعديلات على نصوصه.
وينص قانون قيصر بصيغته النهائية على فرض عقوبات على كبار المسؤولين والقادة العسكريين في نظام الأسد في أغلب أجهزة الدولة من حكومة ووزارات وأفرع أمنية ودوائر حكومية.
وستشمل العقوبات بشار الأسد وعقيلته أسماء، بالإضافة إلى توسيع نطاق العقوبات الاقتصادية على سوريا، لتشمل قطاعات رئيسية عامة يقودها أشخاص في حكومة الأسد، أو أي شركات خاصة تدعمه في مسألة إعادة الإعمار.
كما ينص القانون على تقويض داعمي الأسد، وبالتحديد روسيا وإيران، عبر فرض عقوبات مباشرة عليهما، تشمل مسؤولين حكوميين وشركات الطاقة التابعة لهما، بالإضافة إلى أي جهات تساعد الأسد في موضوع إعادة الإعمار.
وسيعرض القانون الشركات التي كانت تنوي الاستثمار في السوق السورية في مرحلة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار، كشركة "هواوي" و"سيمنز" و"إريكسون"، وكذلك شركات النفط والغاز وشركات التأمين والمقاولات والبناء وفي جميع المجالات، والممولين وشركات الاستثمار ومقدمي الخدمات ورجال الأعمال؛ جميعها ستمتنع عن الدخول للسوق السورية لأنها ستخضع لعقوبات وزارة الخزانة الأمريكية.
وستطال العقوبات الأمريكية بسبب القانون جميع المليشيات المسلحة؛ العراقية والأفغانية واللبنانية، وشركات المرتزقة الروس، وكذلك جميع الشركات اللبنانية والخليجية التي أسست لتكون واجهات النظام للاستثمار.
ويمتاز هذا القانون عما سبقه بسرعة فرضه للعقوبات، وقلة حجم الأدلة المطلوبة لتفعيله، وربطه التقدم بمجال احترام حقوق الإنسان وتطويرها في سوريا مع إمكانية رفع العقوبات.
وكان للمنظمات السورية الأمريكية جهود كبيرة لأجل تمرير القانون في الكونغرس عبر إقناع المشرعين بتمريره عبر حزمة قوانين أخرى، وذلك بعد التوصل إلى قناعة أنه لا يمكن التصويت على القانون بشكل منفصل بسبب الاعتراضات المحتملة والمتوقعة من قبل بعض أعضاء مجلس الشيوخ كما حصل في المرات السابقة.
إخضاع للحل السياسي
ورغم أن العقوبات لن توقف انتهاكات نظام الأسد المستمرة في المناطق الخارجة عن سيطرته في محافظات الشمال السوري (إدلب وريف حلب وريف اللاذقية)، والاعتقالات والملاحقات المستمرة في مناطق سيطرته، فإن من شأنها أن تجهده وتجعل اقتصاده أكثر سوءاً، خصوصاً أنه منهك من الحرب التي ما زال يخوضها، ومن الممكن جره إلى حل سياسي يناسب الولايات المتحدة.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" مؤخراً أن تمرير "قانون قيصر"، يعطي للولايات المتحدة نفوذاً في مسألة الحل السياسي في سوريا، على اعتبار أنها ستستخدم تلك العقوبات للضغط على الأسد وداعميه، وستفرض نفسها على الحل السوري.
من جانبه قال الحقوقي السوري أنور البني إن "إصدار هذا القانون يشكل ضربة قوية جداً لتحالف المجرمين السوريين والدوليين، وهو أقصى وأقسى ما يمكن اتخاذه من عقوبات ضد المجرمين من قبل الحكومات والإدارات السياسية".
وأضاف البني، في تدوينة له عبر حسابه بموقع فيسبوك، أن "أهمية هذا القانون تأتي كونه يقطع الطريق نهائياً على أي محاولة بإعادة تأهيل المجرمين وإعادة التعامل معهم، أي بصريح العبارة يعتبرهم نفايات سامة غير قابلة لإعادة التدوير نهائياً، وليس لهم أي مستقبل في سوريا".
فيما أورد موقع قناة "روسيا اليوم" مقالاً للكاتب "كيريل ريابوف" استعرض من خلاله البنود التي ينص عليها قانون "قيصر"، حيث أكد أن نظام الأسد واقتصاده مُعَرَّض للعقوبات مع إقراره.
وشدد الكاتب على أن القرار لا يستهدف نظام الأسد فحسب، إنما بإمكانه الضغط على دول أخرى مثل روسيا وإيران؛ ما يعني- حسب وصفه- "ابتزاز الدول والمنظمات الأجنبية ووضعها أمام خيار التعاون مع نظام الأسد وتحمُّل العقوبات".