الرئيسة \  مشاركات  \  هل تستطيع الإدارة النقدية لليرة السورية السيطرة على التدهور ؟

هل تستطيع الإدارة النقدية لليرة السورية السيطرة على التدهور ؟

04.02.2015
وليد فارس



في بداية العام 2005كان اسم الدكتور أديب ميالة حاصلاً على موافقة النظام الحاكم لتعيينه سفيراً لسورية لدى فرنسا, وقد تم تغيير القرار بشكل مفاجئ, وأتى تعيينه حاكماً لمصرف سورية المركزي!, وقد تبين فيما بعد أن السبب كان رفض الحكومة الفرنسية لاسم ميالة, بسبب اتهامه ببيع أسرار الشركات الفرنسية إلى شركات منافسة, وهو الأمر الذي تسبب بطرده من الملحقية التجارية الفرنسية قبل عدة سنوات, ويعزز هذا بعض النقاط السوداء الأخرى على الرجل في سجله العملي قبل وبعد كونه حاكماً, كاتهامه بتلقي رشاوي من شركات أوربية لطباعة العملة المعدنية.
وعلى الرغم من أن الدول تهتم باختيار قائد السياسة النقدية لديها بدقة وعناية فائقتين لتكسب ثقة جمهور المتعاملين في العالم, إلا أن النظام –رغم علمه بمشاكل ميالة- ظل متمسكاً بالرجل الذي يتمتع بصفات مناسبة له تبدأ من كونه مسيحي حوراني (يكسب فيه فئة من الشعب و يزاود من خلاله على الأخرين), وتنتهي بولائه المطلق للسلطة الحاكمة, مروراً بكونه يحمل الجنسية الفرنسية ومتزوج من أجنبية, وله علاقات واسعة في أوربا.
وعلى الرغم من وجود ميالة هذا مع "خبراء نقديين مفترضين" في مجلس النقد والتسليف الذي يدير السياسة النقدية في البلاد, إلا أنه رغم ذلك اتخذ العديد من القرارات التي انعكست سلباً على العملة والاقتصاد بشكل عام, كما أصدرت الإدارة النقدية للعملة السورية, خلال فترة الثورة -وماقبلها- عدداً من القرارات التي تراجعت عنها هي ذاتها, لتثبت أنها غير مدروسة وبدون استراتيجية, كالتراجع عن قرار ابدال مبالغ مالية بالدولار, والتراجع عن قرار تعلق استيراد المواد التي يزيد رسمها الجمركي عن5%, وكذلك رفع سعر الفائدة وتخفيضه خلال فترات قصيرة, وغيرها من القرارات التي تدل على التخبط والعشوائية.
ورغم أننا لسنا في صدد تقييم السياسة النقدية للعملة السورية, والتي كان فهم إدارتها قاصراً طيلة الأعوام2005إلى2010على تحقيق الأدوات, دون النظر إلى الأهداف التي ستنعكس على الاقتصاد, وبالتالي حياة السوريين, فإن هذه الإدارة لم تستطع التقدم في أوقات الرخاء فلا أعتقد أنها ستفلح في أوقات الشدة.
ولكي نعطي مزيد من الدلالة على المسألة, ونختصر الأمر, دعونا هنا نستعير كلام أحد خبراء السياسة النقدية والمالية في سورية, الدكتور الياس نجمة أستاذ الاقتصاد المالي في جامعة دمشق, والذي كان سفيراً لسورية في عدة دول في وقت سابق, بالإضافة لكونه رئيساً للجنة المالية والنقدية في مجلس الشعب في وقت سابق, ويقول نجمة عن الإدارة النقدية الحالية –قبل الثورة-وعن عملها في الفترة التي تلت اغتيال الرئيسي الحريري وخروج النظام من لبنان, قال في مجلة المجتمع الاقتصادي عام2006: "الأزمة النقدية الأخيرة و الأزمة التي سبقتها قبل شهرين كان بالإمكان تفاديهما لو توفر لسوريا إدارة نقدية تتمتع بالمصداقية والمهنية والخبرة، فنحن مع الأسف لدينا إدارة نقدية تتمتع بموهبة الصياح وإطلاق التصريحات العشوائية والتي بعضها من الناحية العلمية مضحك. فأنا سمعت تصريحات لأعلى مسؤول نقدي بأننا نعتمد على قاعدة الذهب وأنا بدأت أضحك لأن قاعدة الذهب انتهت من العالم منذ عام 1928 ولكن باعتباره لم يقرأ أي كتاباً نقدياً، غفل عن بعض المعلومات التاريخية...
وهذه المؤتمرات الصحفية التي عقدتها الإدارة النقدية والإكثار والإسفاف في التصريحات التي أطلقتها كانت في الحقيقة من نوع الضجيج الذي يريد أن يخفي الأشياء، كالصياد الفاشل الذي يريد أن يعوض سوء التسديد بغزارة النيران... هذا يحبط الهمم ومجرد هذه الإعلانات و التصريحات هو اعتراف ضمني بأن هناك أزمة في حين أعتقد أنه كان بالإمكان تفاديها بإجراءات نقدية سليمة... المسألة مسألة ثقة بالدرجة الأولى  فلو كانت هذه الإدارة تتمتع بالمصداقية لدى الناس لما احتاجت لكل هذه الإجراءات."انتهى كلام نجمة.
حمص, 3-2-2015