الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل تعيد "داعش" الجيش التركي إلى الواجهة؟

هل تعيد "داعش" الجيش التركي إلى الواجهة؟

01.08.2015
أيمن الحماد



الرياض
الخميس 30/7/2015
    منذ محاكمات "المطرقة الثقيلة" و "ايرجينيكون" عام 2007، والتي أودع بموجبها قيادات في مؤسسة الجيش التركي السجن بتهمة محاولة الانقلاب، وتخلي بعضهم عن مناصبهم وتقدم آخرين باستقالاتهم، أُشيع وقتها أن إردوغان الذي كان رئيساً للوزراء قد قلّم أظافر الجيش وأعاده إلى ثكناته وهو الذي كان ينصب نفسه -أي الجيش- حامي الجمهورية وحَكمها في السابق بقبضة من حديد وتسبب في عزل عدد من رؤساء الوزراء السابقين.
واليوم يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والذي للتوّ فقدَ استطاعته في تعزيز موقع الرئاسة بعد أن خسر الأغلبية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، قد دخل حرباً مفتوحة مع تنظيم "داعش" وحزب العمال الكردستاني، ربما تعزز من موقفه السياسي في الانتخابات المبكرة المتوقعة أو قد تضع مستقبل "العدالة والتنمية" في مهب الريح، إذ قد ترتد نتائجها على "الحزب الإردوغاني" في حال تعثرت الحرب، وأدت إلى تراجع اقتصادي أو أشعلت اضطرابات داخلية مع الأكراد الذين عززوا قاعدتهم السياسية في تركيا، مما قد يعيد الجيش إلى الواجهة، لكن ليس بشكل مباشر بل عن طريق الانتخابات والصناديق التي استعان بها إردوغان لتشذيب أجنحة الجيش، وربما يؤدي التحالف بين الجمهوريين من جهة والقوميين الذين رفضوا في 2013 تعديل المادة (35) من الدستور، -بحجة تقويضها الجيش في وجه حركة التمرد الكردية-، إلى عودة الجيش على استحياء خلف ستار هذه الأحزاب، فمؤسسة الجيش على الرغم من محاولة احتوائها والسيطرة عليها من قبل إردوغان إلا أن هذه المؤسسة لا تزال تتمتع ببعض قوتها، وربما لا تزال تحت وقع تأثير المحاكمات التي شابها لغط كبير، ويجب أن نأخذ في الاعتبار أن الانتخابات الأخيرة قد أدت إلى حصول حزبي الشعب والقومي على ما مجموعه 41.3%، وقد يؤل جزء من حصة العدالة والتنمية البالغة 40.9% إلى الحزبين السابقين، كما أن حزب الشعوب الكردية اليساري الذي حصل على 13% لن يقف في صف العدالة والتنمية فهو يناصبهم العداء حتى قبل العمل العسكري الأخير، إذ قد يعقد هدنة مع الجمهوريين والقوميين لإسقاط حكومة أوغلو والسيطرة عليها ما يعني دخول التجربة الإردوغانية مرحلة المأزق وربما الأفول.
بلا شك سيسعى حزب العدالة والتنمية إلى إظهار شراسة الحرب التي يخوضها وامتثال الجيش بأمر الحكومة والرئيس إردوغان، وسيستغل الحرب على حزب العمال لاستقطاب قاعدة القوميين لكن ذلك مرهون بمعطيات الميدان ومؤشرات الاقتصاد والتوجهات الإستراتيجية لحزب العمل القومي، وقد لا تكون الانتخابات المبكرة من الأساس خياراً جيداً يمكن أن يخدم غايات الرئيس إردوغان وحزبه.
يبدو المشهد التركي في غاية التعقيد والضبابية، وقد تؤدي المعطيات الموجودة إلى نتائج مختلفة ومفاجئة.