الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل تكون سورية.. مقابل أوكرانيا؟!

هل تكون سورية.. مقابل أوكرانيا؟!

05.02.2014
يوسف الكويليت


الرياض
الاثنين 3/2/2014
    من البساطة أن ترى الأمور واضحة، ولكنك لا تعلم ما يغلّفها من أهداف، وكيف تلتقي السياسات وتتنافر، وخاصة بين القوى الكبرى حين تكون ميدانَ الحرب نفسية أو عسكرية أو اقتصادية ضمن استراتيجيات هذه القوى هي دولُ العالم الثالث؟
فعراق المالكي في تصنيفه لقطاعات العراق الجغرافية وضع سلّم الأولويات للشيعة ثم الأكراد، فالعرب السنّة "وهنا كلمة عرب وإلحاقها بالسنّة" تحمل مضموناً طائفياً مغلّفاً بأن الشيعة وكأنهم مذهب وليسوا عرباً، رغم أن البيوت الأساسية والحاملة ألوية المركزية الدينية في النجف وكربلاء، هي من سلالات عربية هاشمية، والدلالات من يحق له لباس العمّة السوداء، والبيضاء، وغيرهما، إذن القصد هو أن السنّة مرتبطون بالعروبة، وهذا جهل مركب ذهب لأن يكون أيدلوجية ارتكزت على تصفيتهم بمشروع طويل عقد تأسيسه في إيران، وتقرر في كل من سورية والعراق، وبتواطؤ منظم مع الروس والأمريكان الذين قد لا يهتمون بمن هو عربي، أو غير عربي، إلا أن صراعهما مع العروبة زمن الحرب الباردة فرض أسلوباً آخر لحرب جديدة، لكن ما هو غير متوقع بروز تيارات إسلامية إرهابية، لا تؤمن بعروبة ولكن بمشاعية الدولة الأممية للخلافة الإسلامية ليصبح من يتقدم لصفوف الجهاد في القاعدة، ثم في مواليدها الجدد، داعش والنصرة، هم ممن يتم تعميمهم من ولادات أخرى تشارك فيها عناصر من الغرب والشرق.
تمزيق العروبة، جذوراً وثقافة، بدأ مع (الفرنسة) في المغرب العربي، وزحف على مصر ولبنان، وعندما فشل هذا المشروع لأن غطاء العروبة اللغة والهوية بسند قرآني، بدأ بسورية ثم مصر لتدمير البنية الفكرية لأي مبدأ قومي يعيش في ظله المكوّن الوطني من كل الأرومات والأديان، وانتهى لمجرد دعوات بلا أصول..
المواطن السوري العادي كشف اللعبة منذ أزمنة طويلة، بأن الشعارات التي أطلقتها أسرة الأسد، تغلّف في جذرها وباطنها نظاماً طائفياً، وتفكيره لا يعدو الأكثرية المتواجدة في مدن الساحل الشمالي كدولة لهم، ولا تزال الفكرة تقبل التعميم على كل من العراق وسورية معاً..
سورية الآن في سباق مزايدات بين الروس والأمريكان، وإذا اتفقا على حصر المشكلة بنزع السلاح الكيماوي السوري، وإغاثة المحاصرين، فخلف الأبواب المغلقة تدور عملية رسم خرائط، وبناء أقاليم، وكل يسأل من سيكون حليفي، ومن ضدي في تلك العمليات، وهنا جاء الروس بمشروع دولة فيدرالية يديرها الأسد، لأنه الضمانة في بقاء نفوذهم، والأمريكان بلا مشروع ولكن بقاء الحالة السورية سنوات أخرى يعطيهم حق تحديد ما يريدون، وإلا فهم من حسَم مشكلة البوسنة والهرسك رغم أن الصرب ينتمون عرقياً ودينياً لروسيا في حين أن البوسنيين مسلمون، وقاموا بأدوار إزالة القذافي، وفصل جنوب السودان عن شماله، مقابل تدخل الروس في جورجيا وفصل أجزاء منها، وحالياً هم العمود الفقري لبقاء الأسد، لكن ما جدّ في التداعيات هو بروز أوكرانيا كنزاع أطلسي - روسي، فهل ستكون مجال المساومة بين حل الوضع السوري برؤية أمريكية، أم تعقيد وضع أوكرانيا أو تركها لروسيا في صفقة جديدة أخرى؟
لعبة "الروليت" قائمة وقد لا تكون هذه البلدان البؤر الوحيدة للنزاعات والمساومات، وإنما هناك ألغام قابلة للانفجار لعودة حرب باردة بأسلوب عصري جديد..