الرئيسة \  تقارير  \  هل تنجح زيارة سيرجي لافروف إلى تركيا في منع اندلاع الحرب شمال سوريا

هل تنجح زيارة سيرجي لافروف إلى تركيا في منع اندلاع الحرب شمال سوريا

09.06.2022
العرب اللندنية


العرب اللندنية
الاربعاء 8/6/2022
يطغى الملف السوري على زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى أنقرة، إذ أنه سيحاول كبح طموحات أنقرة العسكرية في شمال سوريا. فتهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ فترة بشن عملية عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية تراها موسكو خطرا على نفوذها وزعزعة لاستقرار المنطقة.
أنقرة - يسعى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الذي بدأ الثلاثاء زيارة عمل بيومين إلى تركيا، لإقناع الرئيس رجب طيب أردوغان بالتخلي عن خططه بشأن شن عملية عسكرية في شمال سوريا، على وقع تصاعد التهديدات التركية.
وأعلنت تركيا اعتزامها شن عملية جديدة في المنطقة الحدودية مع سوريا لإبعاد المقاتلين الأكراد إلى مسافة ثلاثين كيلومترا، مستغلة في ذلك الظرفية الدولية وتجنب الولايات المتحدة كما روسيا أي أزمة معها.
وليست هناك إلى حد الآن دلائل على تعبئة عسكرية تركية كبيرة في المنطقة الحدودية مع سوريا، لكن التقارير التي تفيد بتبادل القصف الصاروخي والمدفعي باتت أكثر تواترا في الأسبوعين الماضيين.
وستكون أي عملية عسكرية تركية هجوما على وحدات حماية الشعب الكردية، وهي جزء رئيسي من قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والتي تسيطر على أجزاء كبيرة من شمال سوريا وتعتبرها واشنطن حليفا مهما ضد تنظيم الدولة الإسلامية، بينما تعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب منظمة إرهابية وامتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.
وتقول أنقرة إنها يجب أن تتحرك لأن الولايات المتحدة وروسيا نكصتا عن وعودهما بإبعاد وحدات حماية الشعب الكردية ثلاثين كيلومترا عن الحدود بعد الهجوم التركي عام 2019.
موسكو كبحت طموحات أنقرة العسكرية في سوريا عدة مرات، إلا أن الأزمة الأوكرانية تمنح تركيا الآن بعض النفوذ
ومع سعي القوتين (واشنطن وموسكو) للحصول على دعم تركيا بشأن الأزمة الأوكرانية، قد يوفر لها الصراع بعض النفوذ. وأبدت واشنطن -التي لطالما شكل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية مصدر توتر للعلاقات مع تركيا- قلقها قائلة إن أي عملية جديدة ستعرض القوات الأميركية الموجودة في سوريا للخطر وتقوض الاستقرار الإقليمي.
وكان دعم الولايات المتحدة لقوات سوريا الديمقراطية منذ فترة طويلة سببا في توتر العلاقات مع حليفتها تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي. وأثناء زيارة إلى بلدة خطاي التركية بالقرب من الحدود السورية الخميس الماضي أكدت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة مجددا معارضة واشنطن لأي عمل عسكري.
وقالت ليندا توماس جرينفيلد "تواصلنا مع الحكومة التركية. أشرنا إلى معارضتنا لأي قرار يقضي بالقيام بعمل عسكري على الجانب السوري من الحدود. نعتقد أنه لا ينبغي فعل أي شيء يمثل خرقا لخطوط وقف إطلاق النار القائمة بالفعل".
وأضافت أن أي عمل من هذا القبيل لن يؤدي فقط إلى زيادة المعاناة، وإنما سيؤدي أيضا إلى زيادة عدد النازحين، بما في ذلك محاولات البعض عبور الحدود إلى تركيا. وقالت روسيا في الأسبوع الماضي إنها تأمل أن تمتنع تركيا عن "اتخاذ إجراءات قد تؤدي إلى تدهور خطير في الوضع الصعب بالفعل في سوريا".
وتربط بين الدولتين ( تركيا وروسيا) علاقات وطيدة، وحاولت أنقرة التوسط في الحرب التي نشبت بين روسيا وأوكرانيا لكن دعمهما لطرفين متحاربين في سوريا ربما يمثل اختبارا لعلاقات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الدولة الوحيدة العضو في حلف شمال الأطلسي التي لم تفرض عقوبات على روسيا بعد غزوها أوكرانيا.
والمخاطر كبيرة أيضا بالنسبة إلى أردوغان؛ فدون موافقة ضمنية على الأقل من روسيا -حليف الرئيس بشار الأسد القوي في الصراع السوري- سينطوي الهجوم التركي على مخاطرة إضافية بسقوط ضحايا.
وكبحت كل من روسيا وتركيا الطموحات العسكرية لبعضهما البعض خلال عدة مراحل من الحرب السورية في أوقات كانتا فيها قريبتين من المواجهة المباشرة.
وفي وقت سابق عرقلت مصالح موسكو وواشنطن في سوريا هجوما تركيّا استعد له أردوغان، إلا أن محللين يشيرون إلى أن مساعي كل من واشنطن وموسكو لاستمالة أنقرة في صف إحداهما دون الأخرى في الأزمة الأوكرانية قد تغيّر المواقف.
ويأتي ذلك في وقت قال فيه مسؤولون أتراك ومسؤولون في المعارضة السورية المسلحة إن "روسيا وسوريا عززتا قواتهما في شمال سوريا". وقال متحدث باسم الجيش الوطني السوري المدعوم من أنقرة إن "روسيا تعزز مواقعها بالقرب من تل رفعت ومنبج والضواحي الجنوبية لكوباني وعين عيسى"، وتقع جميع هذه البلدات على بعد أربعين كيلومترا عن الحدود التركية.
التحرك العسكري التركي يحتاج إلى تفاهمات سياسية ممهدة مع الأطراف الدولية الفاعلة وهو ما ليس متحققا الآن
وقال الرائد يوسف حمود "منذ الإعلان عن العملية، أعلن النظام السوري وميليشياته الإيرانية التعبئة ويرسلون تعزيزات إلى وحدات حماية الشعب". وأضاف أن "مخابراتهم رصدت طائرات هليكوبتر روسية تهبط في قاعدة جوية قريبة من تل رفعت".
ونقلت وكالة الأناضول للأنباء المملوكة للدولة في تركيا عن مصادر محلية قولها السبت إن روسيا تنشر قوات في شمال سوريا “لتعزز سيطرتها” وتقوم بطلعات استطلاع فوق تل رفعت وتنصب أنظمة دفاع جوي بانتسير – أس1 في مدينة القامشلي الحدودية التي تبعد نحو 400 كيلومتر جهة الشرق.
وقال قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي الأحد إن دمشق يجب أن تستخدم أنظمة الدفاع الجوي التابعة لها ضد الطائرات التركية وإن قواته مستعدة للعمل مع القوات السورية لصد القوات التركية، لكنه نفى أن تكون هناك حاجة إلى إرسال المزيد من القوات.
وشنّت تركيا والفصائل السورية الموالية لها ثلاث عمليات واسعة النطاق في السنوات الأخيرة (2016 و2017 و2018 وأكتوبر 2019) على طول حدودها مع سوريا. ويحتاج تحرك عسكري تركي - هدفه السيطرة على مدن وبلدات استراتيجية في سوريا- إلى تفاهمات سياسية ممهدة مع الأطراف الدولية الفاعلة، وهو ما ليس متحققا الآن.
وتخضع المعادلة العسكرية في سوريا لحسابات الدول التي لها جيوش على الأرض وتتقاسم النفوذ فيها. ويرى أردوغان أن التوقيت الحالي الذي تنشغل فيه كل من موسكو وواشنطن بالأزمة الأوكرانية مناسب لاستثمار التناقضات في فرض الأمر الواقع شمال سوريا. كما أن الفيتو على انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي يوفر لأنقرة هامشا من المناورة لتليين موقف واشنطن.