الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل جانب السيد نصرالله الصواب؟

هل جانب السيد نصرالله الصواب؟

27.05.2013
د. خليل قطاطو


د. خليل قطاطو
القدس العربي
الاثنين 27/5/2013
ألقى السيد حسن نصر الله خطابا يوم السبت الخامس والعشرين من أيار/مايو بمناسبة ذكرى تحرير الجنوب وتناول محورين، الأول الوضع الداخلي وقانون الانتخابات وسلاح المقاومة، والثاني الوضع السوري وتدخل حزب الله المباشر في الصراع العسكري في محافظة حمص، المحاذية لمنطقة البقاع اللبنانية. المحوران متداخلان ولكن دعونا في عجالة نركز على المحور الثاني، نسبر أغواره ونحلله.
عارض السيد حسن نصرالله سياسة النأي بالنفس عن الوضع العسكري في سورية التي تنتهجها نظريا الحكومة اللبنانية. اعترف رسميا وبصراحة بارسال مقاتليه للقتال في القصير الى جانب قوات النظام، واعتبرها معركة مصيرية ووعد مناصريه بالنصر، في أشارة واضحة الى وضع كل ثقله لمنع سقوط النظام مهما بلغت التكاليف، كما استخف بالتكهنات بسقوط النظام، وقال ان سقوط النظام سيكون كارثة على القضية الفلسطينية، حسب رأيه، مفترضا، أو متخيلا أن المعارضة موالية لأمريكا، وبالتالي فان موقف حزب الله الطبيعي ألا يكون مع الفريق الذي تقف معه أمريكا. الغريب في كلامه أن تكون أمريكا في صف التكفيريين، وقد وضعت جبهة النصرة على قائمة الارهاب، كما وضعت حزبه من قبل. الكثير من السوريين يقولون ان أمريكا تقف ضمنا مع النظام، على اعتبار أن جبهة الجولان بقيت صامتة منذ 1973، وهذا أضمن لأمن اسرائيل من نظام سوري جديد قد يكون خطرا على اسرائيل. لمحت اسرائيل الى مثل هذا مؤخرا، ويستدلون على ذلك بامتناع أمريكا عن تسليح المعارضة، مما رجح كفة النظام في الأشهر القليلة الماضية. الواقع ان أمريكا ليست مع هذا أو ذاك، بل مع استمرار الوضع الحالي، من قتل وتدمير للبلد على المدى الطويل من دون أن ينتصر النظام أو المعارضة. انها مغامرة، على أمل أن لا يضر الوضع بالدول المجاورة، خاصة الاردن والعراق وتركيا. قد ينتشر الهشيم الى لبنان، الذي يحاول السيد نصرالله منعه، وقد لا يستطيع، ولأمريكا لا يهم طالما أن اسرائيل في مأمن، هذا ما يهم.
يقول نصر الله لخصومه السياسيين في لبنان: أنتم تقاتلون في سورية ونحن كذلك، دعونا نتقاتل هناك، في سورية، لا هنا في لبنان. الفرق أنه يدخل المعركة بكل عدته وعتاده كحزب جيد التدريب والتسليح، بينما يتطوع أفراد سلفيون الى جانب الثورة السورية. ترى هل يحق للسيد نصر الله أن يجعل الأرض السورية ساحة للمعارك مع خصومه اللبنانيين؟ التاريخ يعيد نفسه فقد جعل النظام السوري(حليفه) لبنان من قبل ساحة معارك للفرقاء لست عشرة سنة، وسواء اراد نصرالله أم لم يرد، فان ساحات المعارك ستمتد من سورية الى لبنان، ولن تقتصر على اشتباكات محدودة في طرابلس، انه لن يستطيع تحديد وتجميد مكان المعركة في الأشهر القادمة وابقاءها في الأراضي السورية، كما يتمنى.
المغالطة الثانية هو أنه يقول ان الاف المقاتلين الاجانب (التكفيريين) دخلوا الاراضي السورية لذا فهو يقاتلهم (في القصير) لحماية ظهر المقاومة (في البقاع)، والحقيقة أن غالبية مقاتلي الثورة السورية هم من السوريين، أهل البلد، صحيح أن هناك مقاتلين أجانب، ولكنهم ليسوا الأغلبية، ثم أليس هؤلاء هم أهل القصير (وباقي سكان محافظة حمص ) الذين آووا أهل الجنوب أيام حرب 2006 وفتحوا لهم بيوتهم ومزارعهم؟ هل انقلبوا فجأة الى أعداء وتكفيريين يخدمون المصالح الأمريكية والاسرائيليية؟ أهذا جزاؤهم؟ يخطئ السيد نصر الله اذ يقول ان النظام السوري هو الداعم للمقاومة، ألم يكن الشعب السوري داعما للمقاومة ؟ فلماذا أذن يخطئ في حساباته الاستراتيجية ويربط المقاومة بنظام زائل بدل الشعب الباقي. هو يبدو متأكدا بأن النظام سيبقى، ولكن منذ متى تستطيع أنظمة الفساد والاستبداد الثبات أمام الشعوب الثائرة، ألم يقرأ التاريخ؟
حتى ينأى بنفسه عن الطائفية، يفصح وللمرة الأولى، عن مشاركة مقاتلين من حزب الله في معارك استقلال البوسنة والهرسك. ترى لو كان هذا صحيحا لماذا تأخر هذا الاعتراف عشرين سنة ؟ ولماذا لم تستطع أي مؤسسة صحافية اكتشافه؟ وترى هل كان مقاتلوه يحاربون هناك جنبا الى جنب مع السلفيين، أو التكفيريين، كما يصفهم الان كخطر على مشروعه المقاوم ويلزم محاربتهم؟
يقول السيد نصرالله انه كان يتباحث مع شخصيات اسلامية (لم يسمها) لحل الأزمة مع النظام السوري سلميا وبالمفاوضات، ويدعي أن النظام كان دائما مستعدا للحوار، والمعارضة ترفض، وهذه كلمة حق أريد بها باطل اذ كان النظام نظريا يقبل الحوار ويستمر في القصف والقتل وممارسة هواية المجازر، كما أن النظام كان دائما يشترط بقاء الرئيس، ولذلك رفضت المعارضة مثل هذا الحوار اللامجدي وهذا من حقها. لقد أخطأ حزب الله الحساب، وخسر مصداقيته أمام الجماهير التي كانت تناصره باصطفافه الى جانب النظام السوري الممعن في الفتك في الشعب الثائر، وسواء كانت المعطيات وراء موقفه طائفية أم لا، الا أن تورطه في الشأن السوري في محاولته لاطالة عمر النظام سيضره، اذ أنه سيستنزف قواه في معركة يظنها رابحة ونظنها خاسرة.