الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل زال الخلاف السعودي - الأميركي؟

هل زال الخلاف السعودي - الأميركي؟

07.01.2015
أيمن الحماد



الرياض
الثلاثاء 6-1-2015
    حدث وأن أقرَّ الجانبان السعودي والأميركي قبل حوالي العام بوجود خلاف اتفقا على تسميته بالخلاف التكتيكي بشأن سورية، مدفوعاً باختلاف في وجهات النظر حول ما يحدث إقليمياً لا سيما على صعيد ما حدث في مصر، وتطورات الملف النووي الإيراني. وشاء الجانب الأميركي أن يقلص فجوة سوء الفهم، فقدم إلى الرياض الرئيس الأميركي باراك أوباما، والتقى الملك عبدالله بن عبدالعزيز في "روضة خريم". وقتها خرج الجميع مرتاحاً بعد أن بدا أن "اتفاق كوينسي" تحت صفيح ساخن.
لكن هل ما زال الخلاف التكيتكي بين البلدين موجوداً أو قائماً؟ ما يمكن أن يقال إن مطلع العام المنصرم 2014م بقدر ما شهد حالات من الأخذ والرد والشد والجذب في بدايته بين الرياض وواشنطن، إلا أنه في نهايته قُدر أن يشهد حالة من التقارب والانسجام بين الجانبين مدعوماً بأحداث سياسية. أسهم في إيجاد تلك الحالة الوضع في مصر إلى أحداث "القرم" والضغط نحو اتفاق نووي أكثر صرامة مع إيران، وعودة الوئام الخليجي، وانخفاض أسعار النفط، وخسارة الديمقراطيين الأميركيين في الانتخابات التشريعية. إلا أن الحدث الأبرز الذي دفع باتجاه ضرورة عودة المياه إلى مجاريها ما قام به تنظيم "داعش" في الموصل، وسقوط حكومة المالكي، وتلاه حرب التحالف على "تنظيم الدولة" ومن يدور في فلكه، وهو ما أعاد التوازن إلى طبيعة العلاقات السعودية - الأميركية بعد أن ظن المراقبون أن علاقات البلدين تذهب نحو الفتور.
التنسيق الأمني بين الرياض وواشنطن حالياً هو "دينمو" العلاقة بين البلدين، إذ وعشية انطلاق عمليات التحالف جرى حديث هاتفي بين الملك عبدالله والرئيس أوباما، وهو أمر ذو دلالة واضحة بأن التنسيق يتم بين أعلى سلطة في البلدين، رأينا العام الماضي زيارتين للولايات المتحدة قام بهما الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية؛ الأولى كانت في فبراير الماضي والثانية في ديسمبر، وقبلها في نوفمبر زيارة قام بها إلى واشنطن الأمير متعب بن عبدالله وزير الحرس الوطني. في الشهر الماضي التقى وفد أميركي رفيع ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز وكان برئاسة زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ كيفين مكارثي ومعه رؤساء لجان القوات المسلحة والاستخبارات ومخصصات الدفاع الفرعية. التقت تلك المباحثات جميعها في مصب واحد وهو الأمن، كما يعكس ذلك طبيعة ونوعية الضيوف الذين تنَقلوا بين الرياض وواشنطن.
أمرٌ آخر يجعلنا أكثر يقيناً بأن العلاقات تنزع نحو التموضع طبيعياً، فخلال المباحثات النووية الأخيرة في فيينا، وعلى نحو لم يكن معتاداً، كان الأمير سعود الفيصل يعقد مباحثات في العاصمة النمساوية مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري بشأن المباحثات النووية الإيرانية، وهي التي كانت من أسباب التوتر السعودي - الأميركي في مرحلة سابقة بعد أن راجت أحاديث عن صفقة بين واشنطن وطهران.
بالإمكان القول إن الخلاف بين المملكة والولايات المتحدة تقلص إلى حد كبير، وإن الحركة السياسية النشطة بين البلدين تعكس مدى الانسجام والتوافق بين الجانبين، وإن الخطوات تتسارع نحو إنهاء المشهد في سورية الذي بنهايته سنشهد تغيراً تاريخياً في المنطقة.