الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل ستحمي واشنطن جيش الثوار السوري؟

هل ستحمي واشنطن جيش الثوار السوري؟

07.02.2015
جوش روغين



الشرق الاوسط
الخميس 5-2-2015
أخيرا، أصبح برنامج تدريب وتجهيز السوريين الذي طال انتظاره والذي روج له الرئيس باراك أوباما داخل الكونغرس باعتباره السبيل الأمثل للإبقاء على القوات الأميركية بعيدا عن ميدان القتال في سوريا، على وشك الانطلاق في تدريب أول الأفواج من القوات السورية. وأخبرني ثلاثة مسؤولين بإدارة أوباما معنيين بالشرق الأوسط أنه بعد شهور من الاستعدادات تم الانتهاء تقريبا من عملية تفحص الدفعة الأولى من المقاتلين السوريين الذين سيجري تدريبهم. ومن المقرر أن ينتقل قريبا نحو 1.800 من كتائب الجيش السوري الحر في جنوب سوريا إلى معسكر تدريبي بالأردن للخضوع لأسابيع من الإعداد للقتال القادم في مواجهة "داعش" داخل سوريا.
بيد أن المشكلة تكمن في أن الإدارة لم تحدد بعد ما الذي ينبغي عمله حال تعرض هذه القوات لهجوم من القوات الجوية التابعة لبشار الأسد بعد عودتها داخل سوريا. وقد وصف أحد مسؤولي الإدارة هذه الاحتمالية أمامي بأنها "كعب أخيل" بالنسبة للبرنامج بأكمله، واصفا البرنامج بأنه الفرصة الأخيرة والمثلى أمام الإدارة لدفع العنصر السوري من استراتيجيتها المناهضة لـ"داعش".
الخميس، التقى مسؤولون بالإدارة لدراسة كيفية حماية الجيش السوري الجديد المدرب على يد واشنطن من البراميل المتفجرة والهجمات الجوية الأخرى. ومن المقرر أن يترأس أوباما، الاثنين المقبل، اجتماعا لمجلس الأمن الوطني يتناول الحملة ضد "داعش"، حيث يمكن مناقشة هذه القضية.
من جانبه، أعد البنتاغون مذكرة تحدد عددا من الخيارات الأساسية، منها إمكانية استغلال واشنطن لقدراتها الجوية الهائلة لتوفير غطاء لهؤلاء المقاتلين، لكن ذلك يعني المشاركة عسكريًا ضد نظام الأسد، مما يحمل دلالات سياسية ودبلوماسية وقانونية كبرى. في المقابل، يمكن للولايات المتحدة إمداد الجيش الجديد بأسلحة مضادة للطائرات، كي يتمكن من الدفاع عن نفسه، لكن مخاطر انتشار مثل هذه الأسلحة في أيدي المتطرفين مرعبة.
الملاحظ أن البعض داخل الإدارة يفضل توجيه تحذير لنظام الأسد بضرورة الامتناع عن مهاجمة فرق بعينها، على أمل أن يدرك الأسد أن هذه الفرق تستهدف "داعش" حصريا. يذكر أن الأسد نفسه رفض هذه الفكرة خلال مقابلة أجرتها معه مؤخرا مجلة "فورين أفيرز"، عندما قال إن القوات المدربة على أيدي الغرب ستكون أهدافا مشروعة للهجوم. وقال الأسد "أي قوة لا تعمل بالتعاون مع الجيش السوري تعد غير قانونية وينبغي مقاتلتها. هذا أمر واضح تماما. من دون التعاون مع القوات السورية، ستجري محاربتهم مثلهم مثل أي ميليشيا غير قانونية أخرى تحارب ضد الجيش السوري".
من جهته، يفضل مايكل ناغاتا، الجنرال المسؤول عن برنامج التدريب والإعداد السورية البالغ تكلفته 500 مليون دولار، إما إعطاء القوة الجديدة أدوات لحماية نفسها ضد الهجمات الجوية أو استغلال القوة الجوية الأميركية في حمايتها. ويشك الكثير من الخبراء في نجاح أي استراتيجية تعتمد على عدم مهاجمة الأسد للجيش السوري الجديد. من بين هؤلاء أندرو تابلر، زميل معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، الذي أعرب عن اعتقاده بأنه "إذا قال الرئيس الأسد إنه سيهاجم هذه القوات، فإننا يجب أن نتعامل مع كلامه بجدية. وهذا يطرح التساؤل: هل يمكنك مهاجمة قوات الأسد وفي ظل أي ظروف؟ الواضح أن لدى البيت الأبيض مخاوف حقيقية حيال التداعيات القانونية لمهاجمة قوات الأسد. كما أن رغبتها في رحيل الأسد تضاءلت على ما يبدو، بالنظر إلى أنه في ظل الظروف الراهنة قد ينتهي الوضع بسيطرة المتطرفين على البلاد.
أيضا، من المحتمل أن تجد القوات الجديدة نفسها، خاصة في الجنوب، في مواجهة "داعش" وقوات النظام في الوقت ذاته، حتى ولو كانت واشنطن ترغب في أن يقاتلوا الأولى فحسب.
الملاحظ وجود إحباط عميق في صفوف القيادات العليا من المؤسسة العسكرية الأميركية حيال القيود التي يفرضها البيت الأبيض على مهمة محاربة "داعش" في سوريا وإصراره على إدارة جميع جوانب الحملة.
الواضح أن مخاوف البيت الأبيض حقيقية، ذلك أن مهاجمة قوات الأسد قد تخلف عواقب غير متوقعة. ورغم أن واشنطن عمدت لتسليح المقاتلين الذين يحاربون الأسد منذ سنوات، فإن قانونية محاربة النظام مباشرة تحيط بها الشكوك. وقد تنطوي مسألة تقديم أسلحة للمقاتلين السوريين على مخاطر، بالنظر إلى السجل الرديء للتعامل مع مثل هذه الأسلحة حتى الآن.تبقى الحقيقة أن إلحاق الهزيمة بـ"داعش" يتطلب التعامل مع المشكلة التي يمثل نظام الأسد جزءا منها.
* بالاتفاق مع {بلومبيرغ}